علي سليمان
لا زالت العديد من الأوسط السياسية والأمنية الأمريكية تعتقد أن أمريكا تدفع ثمن خسارتها حين قرر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، عام 2019، وبشكل مفاجئ، سحب كل القوات الأميركية من سوريا. الأمر الذي أدى وقتها إلى تمادي تركيا في تدخلها في سوريا احتلت مناطق واسعة من شمال وشرق سوريا مثل رأي العين وتل أبيض. كما فتح الباب على مصراعيه للتمدد الإيراني في المنطقة، وكذلك منح جرعة حياة لبقايا تنظيم الدولة الإسلامية لاستعادة أنفاسها ومحاولة إعادة تنظيم صفوفها. عدا عن أن القرار خدم بشكل كبير المخططات والاستراتيجيات الروسية في المنطقة.
المخاوف ذاتها تتكرر منذ أن نشرت وسائل إعلام أمريكية عن خطة أمريكية لسحب قواتها من سوريا والعراق، على خلفية تعرضها لهجمات متكررة من قبل فصائل سورية وعراقية موالية لإيران.
ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تعرضت القواعد الأميركية في سوريا والعراق إلى أكثر من 130 هجوما بالصواريخ والطائرات المسيرة من قبل فصائل عراقية موالية لإيران. مما جعل دوائر مؤثرة في أمريكا إلى إعادة طرح موضوع انسحاب القوات الأمريكية من سوريا والعراق.
وفي شهر كانون الأول الماضي رفض مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قانون يدعو إلى سحب القوات الأميركية من سوريا. وقال زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل إن تبني هذا القرار سيكون “هدية لإيران وشبكتها الإرهابية وسيؤدي إلى تدمير مصداقية الولايات المتحدة في المنطقة”.
إلا أن وسائل إعلام عادت ونشرت في شهر كانون الثاني من العام الجاري عن مصادر في البيت الأبيض ووزارتي الدفاع والخارجية، قولها إن واشنطن لم تعد مهتمة بالبقاء في سوريا. وأضافت أن واشنطن ترى أن وجودها في سوريا لم يعد ضروريا، مؤكدة أن مناقشات مكثفة تدور حاليا لبحث توقيت وكيفية سحب القوات الأميركية من شمال سوريا.
البيت الأبيض نفى أي نية للولايات المتحدة الأمريكية لسحب قواتها من سوريا. كما يرى مراقبون أن الانسحاب الأمريكي من سوريا في الوقت الحالي، غير ممكن لأسباب كثيرة منها استراتيجية وطويلة الأمد وأخرى مرحلية مثل مخاطر عودة انتهاش تنظيم الدولة الإسلامية.
وعاد التنظيم إلى الانتعاش بشكل بطيء في البادية السورية مستغلا ضعف الحكومة، كما نجح في السنوات الماضية في إعادة تأسيس قواته في درعا (جنوب) التي تسيطر عليها قوات الحكومة السورية، ووسّع عملياته في جميع أنحاء الصحراء، واستولى لفترة محدودة على أراض مأهولة بالسكان، ونجح في الاستيلاء على الغاز واحتجازه.
ونفذ العشرات من الهجمات وأعلن مسؤوليته عنها في سبع من محافظات سورية خلال الأيام العشرة الأولى من عام 2024.
كما أن بقاء وتوسع النفوذ الإيراني في سوريا مستغلة ضعف الحكومة السورية وحاجتها إلى الدعم الإيراني سبب رئيسي أكبر لعدم تفكير الولايات المتحدة بالانسحاب من سوريا ومنح إيران هدية مجانية.
وهذا ما جاء على لسان السفير الأميركي السابق لدى سوريا روبرت فورد في لقاء تلفزيوني أمس أنه “لا إيماءات أو إشارات من إدارة بايدن لسحب قرابة 900 جندي في شرقي سوريا”، مضيفاً أن “الحكومة الإيرانية لم تعطي أي مؤشر لسحب عناصر الحرس الثوري الإيراني من سوريا، وتقوم بدفع الميليشيات الموالية لها، ولا تطلب منها الانسحاب، بالتالي فإن الوضع في شرقي سوريا لم يتغير”.
وأكد فورد أن إيران لديها مخطط طويل الأمد في سوريا في حال انسحب القوات الأمريكية من سوريا وأنها قالت جهاراً أن ترغب بانسحاب القوات الأمريكية من سوريا.
كما أكد فورد أن إدارة بايدن لا ترغب بالانسحاب من سوريا في هذا العام، ولا من العراق. مشيراً إلى لكل من روسيا وإيران أهداف مشتركة تتعلق بالرغبة في انسحاب القوات الأمريكية من سوريا.
الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع