وجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي دعوة لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لزيارة القاهرة في “أقرب فرصة”، وفق ما جاء في رسالة خطية نقلها وزير الخارجية سامح شكري للقيادة القطرية، فيما تأتي هذه الدعوة في خضم مساع تركية للمصالحة مع مصر بعد نحو سبع سنوات من القطيعة والتوتر.
وتراقب أنقرة عودة الدفء للعلاقات القطرية العربية للاستفادة منها تماما كما استفادت من الأزمة الخليجية السابقة حيث تعاملت مع مأزق الدوحة بمنطق الغنيمة لجهة التمدد العسكري والاقتصادي في المنطقة.
وذكرت وكالة الأنباء القطرية الرسمية (قنا)، أن “أمير البلاد التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري وتسلم رسالة خطية من أخيه الرئيس المصري تتصل بدعم العلاقات بين البلدين وأوجه تعزيزها وتطويرها”، مضيفة أيضا أن الرسالة تتصل بـ”ابرز المستجدات الإقليمية والدولية”.
وتشير رسالة السيسي للشيخ تميم إلى مرحلة جديدة في العلاقات بعد سنوات من التوتر على خلفية دعم الدوحة لجماعة الاخوان المسلمين شأنها في ذلك شأن تركيا التي تستضيف قيادات اخوانية هاربة من أحكام قضائية.
ومن المتوقع أن تُسرّع المصالحة القطرية المصرية من جهود إعادة تطبيع العلاقات بين القاهرة وأنقرة، حيث تراهن الأخيرة على دعم قطر في تصحيح مسار العلاقات التركية العربية.
وكان وزير الخارجية المصري قد علق يوم السبت الماضي على تصريح نظيره التركي مولود جاويش أوغلو حول قرب تبادل السفراء بين البلدين، بالقول إنها تصريحات “مقدرة”. كما أكد أن “عودة العلاقات تخضع للتقييم والرصد ليكون رفع مستواها في الوقت المناسب”.
والأربعاء الماضي، قال خلال مقابلة أجرتها معه قناة ‘تي آر تي’ الحكومية التركية، إن اجتماع وزيري خارجية تركيا ومصر وإعادة السفراء بشكل متبادل سيحدث خلال الفترة المقبلة، مشددا على أن الجهود ستُبذل لجعل العلاقات أفضل من ذي قبل.
وكان سامح شكري قد وصل مساء الأحد إلى الدوحة في زيارة رسمية لتعزيز التعاون والمشاركة في اجتماعين لوزراء الخارجية العرب، للتباحث بشأن الوضع العربي الراهن، وأزمة سد “النهضة”.
وزيارة الوزير المصري للدوحة هي الأولى منذ صيف 2013، عندما شهدت العلاقات بين البلدين توترا على خلفية رفض قطر عزل الجيش المصري بقيادة السيسي حينها للرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين.
وكانت مصر ضمن الرباعي العربي الخليجي الذي قاطع الدوحة في يونيو 2017 على خلفية مواقف قطر ونقضها لاتفاق الرياض 2013 وملحقاته (2014) والذي التزمت فيه القيادة القطرية بعدم التدخل في الشؤون دول المنطقة.
كما أوضحت دول المقاطعة (سابقا) وهي السعودية والإمارات والبحرين ومصر، أن قرار المقاطعة يأتي على خلفية دعم الدوحة لجماعات متشددة دينية من ضمنها جماعة الاخوان المسلمين.
وفي يناير الماضي أنهت القمة الخليجية في دورتها الـ41 والتي استضافتها مدينة العلا السعودية، ثلاث سنوات من المقاطعة الدبلوماسية والاقتصادية وعادت حركة السفر بين الدوحة وجيرانها الخليجيين، بينما عقدت لاحقا اجتماعات ثنائية لتعزيز اتفاق المصالحة ودراسة الملفات الخلافية.
ومنذ المصالحة الخليجية أبدت تركيا رغبة في تصحيح مسار العلاقات مع السعودية ومصر، لكن الخطوات لم تصل بعد إلى المستوى المأمول لإعادة تطبيع العلاقات.
وقالت وزارة الخارجية المصرية اليوم الثلاثاء في بيان “حاملا رسالة من الرئيس السيسي، التقى وزير الخارجية سامح شكري أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني خلال زيارته الحالية إلى الدوحة”.
وجاء في البيان أن الرسالة “تضمنت الإعراب عن أهمية مواصلة التشاور والعمل من أجل دفع العلاقات بين البلدين خلال المرحلة المُقبلة والتطلع لاستمرار الخطوات المتبادلة بهدف استئناف مختلف آليات التعاون الثنائي”، مشيرا إلى “ما يشهده مسار العلاقات المصرية القطرية من تقدم ملموس”.
وتأتي زيارة سامح شكري للدوحة تتويجا لمحادثات ثنائية جرت بين البلدين منذ توقيع بيان العلا في يناير الماضي. وكان وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني قد قام في الثالث من مارس الماضي بأول زيارة لمصر منذ إعلان المصالحة.
وفي الثاني عشر من أبريل الماضي تلقى الرئيس المصري اتصالا هاتفيا من أمير قطر للتهنئة بحلول شهر رمضان وهو اتصال بين الزعيمين منذ العام 2013.
والشهر الماضي قام وزير الخارجية القطري بثاني زيارة له للقاهرة سلم خلالها دعوة من أمير قطر للرئيس المصري لزيارة الدوحة.
وخلال الأشهر الماضي كثفت الدوحة وأنقرة من المباحثات الثنائية بينما يجري الترتيب لتعزيز التعاون والتنسيق بين قطر وجيرانها الخليجيين ومصر في قضايا إقليمية ودولية.
ويرجح أن تشكل الدوحة في نهاية المطاف حلقة الوصل الموثوقة بين الدول العربية الخليجية وتركيا التي تكابد لفتح منافذ خارجية للتنفيس عن أزمتها الاقتصادية وتجنب عزلة في محيطها الإقليمي خاصة في ظل توترات علاقاتها مع الشركاء الأوروبيين ومع الولايات المتحدة بسبب التدخلات التركية الخارجية في سوريا وليبيا والعراق وقره باغ بجنوب القوقاز وأنشطة التنقيب في المياه المتنازع عليها مع اليونان وقبرص في شرق المتوسط.
المصدر أحوال تركية