علي حواس
على مدى سنوات، فشلت مساعي رؤوس المعارضة السورية، وخاصة الائتلاف الوطني السوري، في تلميع صورة الجيش التركي والفصائل الموالية له، في المناطق التي تسيطر عليها من تل أبيض إلى عفرين وصولاً إلى رأس العين. وكل تصريح لمسؤول في الائتلاف أو أفرعه مثل المجلس الوطني الكردي، عن استتباب الأمن، وتأمين ظروف آمنة للعودة ورد المظالم، لا يلبث أن يتحول إلى اضحوكة وكذبة ساذجة، مع ورود العشرات من التقارير والوثائق والصور والفيديوهات التي تفند كل تلك الادعاءات.
ومع ذلك لا ييأس هؤلاء من إعادة تشغيل نفس الأسطوانة المشروخة وترديد نفس النكتة السمجة.
في حديث مصور يظهر السيد هادي البحرة، رئيس الائتلاف الوطني السوري ويتحدث بكثير من الارتباك، عن إعادة أهالي عفرين المهجرين إلى منازلهم. ويتحدث عن تشكيل لجنة مكلفة بتسهيل عودة “الراغبين بالعودة”.
من المؤكد أن إيراد وإبراز المئات من التقارير الحقوقية من منظمات حقوقية محترفة ومهنية، وكذلك مئات التقارير الإعلامية التي تتحدث عن المئات من حالات الاختطاف والاعتقال التعسفي، والتعذيب في السجون، وحالات الاغتصاب، وكذلك حالات الاستيلاء على أملاك ومنازل الأهالي، وعلى الأراضي الزراعية وقطع الأشجار وإحراق الأحراش والغابات. كل ذلك لن يكون مفيداً أبداً لجعل صاحب الكذبة السمجة يعود ويتراجع عن كذبته. لكن يكفي فقط مواجهتهم ببعض الحقائق التي لا يمكن حتى لكذاب أن يتجاهلها.
تظهر يومياً مقاطع مصورة على الفضاء الإعلامي المفتوح، لحالات قطع الأشجار ونهبها، وصور ومقاطع مصورة لأشخاص تعرضوا للتعذيب والإهانة والابتزاز، وهم من الذين حاولوا تصديق كذبة الائتلاف وعادوا إلى عفرين.
السيد هادي البحرة وهو يقحم المجلس الوطني الكردي في الموضوع من باب إضفاء نوع من المصداقية على حديثه، ويقول إنهم شكلوا لجنة مشتركة مع المجلس، يتناسى أو لا يعلم، أو أن أحداً من المجلس لم يخبره أن المجلس لا يستطيع أن يفتتح مكتباً له في عرض وطول المناطق التي يسمونها “محررة”. ويكفي الاستشهاد بتصريح للقيادي في المجلس الوطني الكردي إبراهيم برو وهو يستنجد بقيادة إقليم كوردستان العراق للضغط على تركيا للسماح لهم بفتح مكتب واحد في عفرين أسوة بـ 50 مكتباً موجوداً في مناطق الإدارة الذاتية.
فمن البديهي جداً لأي مواطن من عفرين، طُلب منه العودة إلى منزله، أن يسأل المجلس الوطني، هل استطعتم أنتم أن تعودوا؟. هل استطعتم أصلاً تأمين حياة المواطنين الموجودين في عفرين ولم يخرجوا من منازلهم.
فأمس تحديداً، أي بتاريخ 12 شباط الجاري، صرح مسؤول وقيادي في المجلس الوطني أن نجله المقيم في عفرين تعرض للخطف والاعتقال والتعذيب على يد فصائل موالية لتركيا. ولم تنفع وساطات هادي البحرة ولا وساطات المجلس الوطني في إطلاق سراحه، مما اضطر القيادي للاستنجاد بقيادة إقليم كوردستان العراق لإطلاق سرحه بعد ثلاثة عشرة يوماً.
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع