لليوم الرابع على التوالي، واصلت تركيا استـ ـهـ ـداف البنى التحتية والمؤسسات الخدمية في شمال وشرق سوريا، بعد نحو شهر من استـ ـهـ ـداف مماثل لهذه البنى، وذلك في مسعى منها لحـ ـرمـ ـان أهالي المنطقة من مستلزماتهم الأساسية وجعلها منطقة غير قـ ـابلـ ـة للحـ ـياة من أجل فتح باب الهـ ـجرة منها، ليتسنى لها تطبيق مخـ ـططـ ـاتها الهادفة للسيـ ـطرة على المنطقة.
وبشكل هستيري قصفت الطائرات الحربية والمسيّرة التركية، البنية التحتية ومؤسسات خدمية واقتصادية، ومن أبرز المنشآت الحيوية الوطنية التي تعرضت للاستهداف هي منشأة السويدية الواقعة في ريف المالكية/ديريك والتي تعتبر من أهم المنشآت على مستوى سوريا، فهذه المنشأة كانت توفر الكهرباء لعموم منطقة الجزيرة كما كانت توفر يومياً أكثر من 13 ألف أسطوانة غاز كان يتم توزيعها على عموم سكان مناطق شمال وشرق سوريا البالغ عددهم نحو 6 ملايين شخص ومن ضمنهم نحو مليون نازح من بقية المناطق السورية.
حيث أدى القصف التركي على منشأة السويدية إلى خروج محطة توليد الكهرباء والمؤلفة من 5 عنفات عن الخدمة بشكل كامل وكذلك خروج معمل الغاز المجاور للمحطة أيضاً بشكل كامل عن الخدمة.
وأيضاً من المناطق التي تعرضت لقصف هستيري هي محطة عودة النفطية في ريف القحطانية/تربسبية والتي كانت توفر كميات كبيرة من المازوت والبنزين المدعوم في منطقة الجزيرة، حيث خرجت هذه المحطة عن الخدمة بنسبة 90 % وهذا يعني توقفها عن إمداد الكثير من القطاعات الحيوية كالأفران والمصانع ومولدات الكهرباء بالوقود اللازم لتشغيلها.
وأيضاً استهدفت تركيا ثاني أكبر مطحنة للدقيق في شمال وشرق سوريا، والواقعة بريف ناحية عامودا، حيث كانت هذه المطحنة توفر الدقيق للمخابز في منطقة الجزيرة وقسم من ريف دير الزور، وخروجها عن الخدمة يعني مشاكل إضافية في تأمين الدقيق للأفران وزيادة الضغط على باقي المطاحن التي تعتبر قديمة وذات إنتاجية أقل.
وأيضاً المصرف الزراعي في ناحية القحطانية، فمن المعروف أن المصرف الزراعي هو المسؤول عن تأمين بذار الزراعة لأبناء المنطقة التي يتواجد فيها وكذلك تأمين حاجة المزارعين من الأسمدة، حيث تسبب القصف بتلف ما بداخل المصرف من بذار وأسمدة والتي يصعب تأمينها في ظل الحصار المفروض على المنطقة وهذا بطبيعته يعني مشاكل إضافية للمزارعين وإنتاجية أقل من الأراضي الزراعية في المنطقة.
كما استهدفت الطائرات الحربية والمسيرة التركية، 7 محطات كهربائية في المنطقة، هي محطات القامشلي، القحطانية، عامودا، الدرباسية، كوباني، عين عيسى وريف المالكية.
ومع استهداف تركيا لمنشأة توليد الكهرباء الوحيدة في المنطقة -منشأة السويدية- توقفت جميع محطات المياه في منطقة الجزيرة عن العمل، فمنشأة السويدية كانت توفر الكهرباء الغير خاضعة للتقنين للمؤسسات التي توفر الخدمات بشكل مستمر للمواطنين من محطات مياه، مشافي، مطاحن، صوامع وأفران عامة. وبالتالي توقف إمدادات الكهرباء وتدمير محطات النفط سيؤدي إلى توقف هذه المؤسسات عن تقديم الخدمات للمواطنين.
كما تعرضت العديد من المعامل والمصانع ومستودعات الحبوب في المنطقة، فتركيا تتعمد استهداف هذه المنشآت من أجل تجويع شعوب المنطقة فهي تحارب جميع شعوب المنطقة في لقمة عيشهم، لأنها تقطع عنهم الماء والكهرباء والمحروقات والطحين.
ولذلك يعتبر القانون الدولي استهداف البنى التحتية والمؤسسات الخدمية التي توفر مستلزمات الحياة للمواطنين، جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، ولذلك فأن تركيا ارتكبت هذه الجرائم في هجماتها الأخيرة على المنطقة.
ولا تنحصر أضرار الهجمات على سكان المدن والبلدات التي تعرضت للهجمات فقط، بل تؤثر على عموم مناطق شمال وشرق سوريا، فخروج منشأة الكهرباء في السويدية أثر على نحو 2.5 مليون نسمة يعيشون في منطقة الجزيرة من خلال حرمانهم من الماء والكهرباء.
كما أن خروج معمل غاز السويدية عن الخدمة، يعني انقطاع الغاز عن 6 مليون نسمة يعيشون في عموم مناطق شمال وشرق سوريا، فيما يؤثر استهداف محطات البترول على جميع السكان بدون استثناء لأنها توفر المحروقات التي تعتبر عصب الحياة سواء في التنقل أو تشغيل المعامل والمصانع والأفران والمطاحن والزراعة والصناعة والتجارة.
وتركيا تسعى من وراء الهجمات على المنطقة إلى تحريض شعوب المنطقة ضد الإدارة الذاتية من خلال نشر الأخبار لاحقاً بأن هذه الإدارة غير قادرة على تأمين احتياجات سكان المنطقة، ولكن هذه السياسة باتت واضحة لجميع سكان المنطقة الذين باتوا الآن مدركين للغايات التركية ومخططاتها، فكلما زاد استهداف تركيا للمنشآت كلما زاد التفاف الأهالي حول الإدارة الذاتية وكلما زاد التماسك المجتمعي، حيث بات السوريون جميعاً ينظرون إلى تركيا كدولة احتلال، باستثناء من ارتموا في حضنها من الائتلاف السوري والجيش الوطني.
إن المتضرر الوحيد من هجمات الاحتلال التركي هم شعوب منطقة شمال وشرق سوريا، لأن تركيا بهجماتها هذه تحرمهم من أبسط مقومات الحياة مرتكبة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ستحاسب عليها حتى وأن طال الزمان، فلم يسبق أن نجا من ارتكب جرائم بحق البشر من العقوبة، فدوماً يرحل الطغاة وتبقى الشعوب والتاريخ خير شاهد على ذلك.
