شيـ ـعت الأوساط الشعبية وقوات الحكومة السورية في مدينة القامشلي، جثـ ـمانـ ـي عنـ ـصريـ ـن من الأمـ ـن العسـ ـكري فقـ ـدا حيـ ـاتهـ ـما في قصـ ـف مسيّرة تركية على مقـ ـرهم في قرية الدبانة بريف القامشلي يوم أمس، في وقت لا تزال فيه الحكومة تلـ ـتزم الصـ ـمت حيال الهجـ ـمات التركية ما يثـ ـير الكثير من التساؤلات.
وشيعت الأوساط الشعبية والرسمية في مدينة القامشلي، جثماني الملازم شرف محمد أحمد عبود والملازم شرف محمد خير إبراهيم علي، اللذان فقدا حياتهما يوم أمس في قصف مسيرة تركية على مفرزة للأمن العسكري لقوات الحكومة السورية في قرية دبانة بريف القامشلي، وذلك إلى مثواهما الأخير في حمص وريف القامشلي.
والملفت للانتباه أن الحكومة السورية لم تصدر أي بيان تنديدي بالهجمات التركية على مناطق شمال وشرق سوريا والتي تستهدف بشكل أساسي البنية التحتية والمنشآت الحيوية والتي تقدم الخدمات للمواطنين بما فيهم عناصر الحكومة السورية وعائلاتهم التي تقطن المنطقة.
وشنت تركيا في تشرين الأول وكانون الأول من العام الماضي، وتشن الآن الهجمات على البنى التحتية ولكن رغم ذلك ظلت الحكومة السورية صامتة ولم تصدر أي بيان تنديدي بالهجمات، وكأن الأمر لا يعنيها وأن الأراضي والمنشآت التي تتعرض للقصف من محطات كهرباء ومياه ونفط وغاز لا تخص السوريين.
ويعتقد المتابعون للوضع أن هناك تفاهماً بين الحكومة السورية وأنقرة على شن الهجمات على البنية التحتية في شمال وشرق سوريا، من أجل توجيه ضربة للإدارة الذاتية وتحريض السكان ضدها في ظل استهداف البنى التحتية والمنشآت التي توفر الخدمات للمواطنين، خصوصاً أن اجتماع أستانا الذي عقد في حزيران من العام الفائت خرج ببيان تهجم بشكل واضح وصريح على الإدارة الذاتية وركز على الجانب الاقتصادي الذي يتعرض الآن للقصف التركي.
وفي سياق متصل، قطع أهالي الدباسية اليوم، الطريق على دورية روسية كانت تحاول التجول في الناحية وزيارة المناطق التي تعرضت للاستهداف التركي، حيث تعرضت محطة كهرباء الناحية للاستهداف ما أدى لخروجها عن الخدمة بشكل كلي وبقاء الأهالي بدون كهرباء وماء.
وتحدث الأهالي للضباط الروس في الدورية، وطالبوهم القيام بواجبهم كونهم قوة موجودة في المنطقة لوقف إطلاق النار بناء على اتفاق الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب أردوغان في تشرين الأول عام 2019، وقالوا إن القوات الروسية الموجودة في المنطقة جاءت من أجل ضمان وقف إطلاق النار ولكنها لا تقوم بعملها ولا توقف الهجمات التركية عليها والتي تستهدف محطات الكهرباء والمياه والصوامع والنفط، وأكدوا أن على القوات الروسية القيام بواجبها أو عليها أن تخرج من المنطقة إن كانت لا تقوم بالواجب الذي جاءت من أجله إلى المنطقة.
ولكن الضابط الروسي الذي التقى الأهالي، وكعادة كل الضباط الروس، أكد أنهم غير مخولين بالحديث عن الموضوع وقال إنهم لا يستطيعون إيقاف تركيا، حيث كانت نبرة حديثه تشير إلى وجود تفاهمات بين دولته وتركيا حول استهداف البنى التحتية في المنطقة.
ويشار أن تركيا وروسيا وإيران والحكومة السورية يجمعهم اجتماع أستانا والذي يعتبر اجتماعاً لعقد الصفقات على حساب الشعب السوري، فمن خلال استانا سلمت تركيا حلب لروسيا والحكومة السورية مقابل السيطرة على الباب وإعزاز وجرابلس، كما سلمت تركيا غوطة دمشق لروسيا والحكومة السورية مقابل السيطرة على عفرين، وكذلك تنازلت تركيا عن أجزاء من إدلب وأرياف حماة وحمص مقابل السماح لها بالسيطرة على رأس العين وتل أبيض.
وساعدت اجتماعات استانا الحكومة السورية بإعادة السيطرة على نحو 60 % من مساحة البلاد بعد أن كانت قد خسرت أغلبها لحساب فصائل الجيش الحر قبل أن تتحول إلى ما يسمى الآن الجيش الوطني الذي يتحرك بأوامر الاستخبارات التركية.
وبالمقابل خسرت فصائل المعارضة غالبية المناطق التي كانت تسيطر عليها وحالياً تتواجد في منطقة تبلغ نحو 10 % من مساحة سوريا وهي المناطق التي يتواجد فيها الجيش التركي المستعد للتخلي عن هذه المساحة أيضاً في أي صفقة قادمة مع الحكومة السورية تحقق لها مصالحها.