قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان خلال حفل تكريم الشاعر محمد عاكف إرسوي، الذي كتب كلمات النشيد الوطني التركي، أنه يتعهد بتقديم المزيد من الدعم للمضطهدين، وخاصةً الفلسطينيين في غزة، بينما يؤكد التزام تركيا الدائم بالعدالة.
وفي الوقت الذي كان أردوغان يتحدث عن مواصلة دفاعه عن حقوق المضطهدين والتزام تركيا بالعدالة وأنهم لن يصفقوا للظلم ولا يحبون الظالم أبداً، كانت الطائرات التركية الحربية والمسيّرة تقصف دون هوادة البنى التحتية والمرافق الحيوية والمراكز الخدمية والتجارية والمدنيين في شمال وشرق سوريا ضمن منطقة الإدارة الذاتية، ما تسبب بفقدان ثمانية مدنيين لحياتهم وإصابة نحو 18 آخرين بينهم نساء وأطفال، وحدوث أضرار جسيمة.
حيث صعّدت تركيا أمس الاثنين من هجماتها ضد مناطق شمال وشرق سوريا واستهدفت 22 موقعاً بين منشآت خدمية وحيوية ومؤسسات تجارية من ضمنها مشفى، والواضخ أن هذه المنشآت تَمَسُّ حياة الأهالي بشكل مباشر مثل محطّات الكهرباء ومخازن الحبوب والمطاحن والمشافي ومحطّات النَّقل العام، وكذلك المنشآت الصناعيّة المدنيَّة مثل معامل السيراميك والمنظّفات وشركات البناء والإعمار.
ونتيجة للهجوم تعيش أكثر من /2600/ قرية ومدنية في ظلام دامس، حيث استهدفت الطائرات التركية محطّات الكهرباء في مدينة القامشلي وريفها.
وهذا يدل أنه يهدف إلى قتل كل أشكال الحياة في شمال وشرق سوريا وهي تناقض بذلك تصريحاته التي يدّعي فيها بالعدالة وعدم محاباة الظالم، فالظالم هو من يستهدف المدنيين وقوت يومهم ومصادر رزقهم بشكل وحشي ولا يمكن لظالم أن يقف بجانب المظلوم في أي بقعةٍ جغرافية كانت وهذا ما ينطبق على الرئيس التركي.
أمّا فيما يخصُّ ادعاء أردوغان بتقديم المزيد من الدعم للمضطهدين، وخاصةً الفلسطينيين في غزة، لا يزال يستثمر بهذه القضية عبر مهاجمة إسرائيل إعلامياً، فلا يُخفى على أحد أن أردوغان يمارس هوايته المفضّلة في المراوغة بالخطب النارية والعبارات الرنانة… والثابت ، أنّ رجب أردوغان لطالما استغل القضية الفلسطينية واستثمر فيها من أجل كسب شعبية داخلية وخارجية و «تحقيق نفوذ و زعامة» محلية وإقليمية.
تصدّر تركيا العديد من المنتجات الغذائية والزراعية والحديد والاسمنت التي تبني من خلالها إسرائيل المزيد من المستوطنات وكذلك مصادر الطاقة التي تستخدمها إسرائيل في قتل الفلسطينيين، إضافة مواصلة تزويدها بـ 65% من احتياجاتها من الفولاذ، حيث توجهت مئات السفن إلى إسرائيل منذ بداية الحرب بين الأخيرة وحركة حماس.
والثابت أن تركيا لا ترغب تركيا بوقف الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، لأنها تستفيد منها عبر تكثيف هجماتها على شمال وشرق سوريا، دون أن يلتفت العالم والدول العربية إلى ما تفعل، ولذلك ترسل تركيا الأسلحة من ليبيا عبر مصر إلى مدينة رفح.
الأمر الثاني الذي استفاد منه أردوغان، هو التغطية على هجماته الأولى التي حصلت في الـ 5 تشرين الأول الفائت على شمال وشرق سوريا التي سبقت هجوم حماس بيومين فقط، حيث شدت الحرب بين حماس وإسرائيل انتباه العالم أجمع نحو قطاع غزة وترك تركيا تشن الهجمات على شمال وشرق سوريا وتستهدف بنيتها التحتية والمنشآت الخدمية كيفما شاءت، لهذا انتهزت الفرصة مجدداً لمواصلة شن هجماتها على المنطقة كما حصل في يومي الـ24 – 25 كانون الاول الجاري.
وبهذه الطريقة، تحاول تركيا إظهار نفسها وكأنها تقف إلى جانب حماس ضد إسرائيل ولكنها في حقيقة الأمر تريد الاستفادة من الوضع من أكثر من نقطة، عبر التغطية على هجماتها على شمال وشرق سوريا ومن أجل نقل العوائل الفلسطينية إلى المناطق الكوردية التي تسيطر عليها في سوريا وبشكل خاص مدينة عفرين، حيث كثفت تركيا من بناء المستوطنات منذ بداية العام الجاري فيها، إذ تنشأ تركيا أكثر من 25 مستوطنة بدعم جمعيات إخوانية قطرية وكويتية وفلسطينية ومصرية.
وهذا ما أشار إليه أيضاً تحليل لمعهد واشنطن للشرق الأوسط (MEI)، إذ لفت التحليل أن تركيا تستفيد من الأوضاع الإقليمية من أجل تكثيف هجماتها على شمال وشرق سوريا، وأوضحت أن تركيا سابقاً كانت تشن الهجمات على عمق 10 كم داخل الأراضي السورية، ولكنها الآن وصلت إلى عمق 70 كيلومتراً عندما قصفت مواقع في مدينة الحسكة.
إلى جانب أنها سابقاً كانت تستهدف القوات العسكرية ولكنها هذه المرة قصفت البنية التحتية والمنشآت الحيوية مثل مصادر الطاقة من كهرباء وبترول إلى جانب شركات المياه، وذلك بهدف خلق أزمة في المنطقة تساعدها في تفريغها من سكانها تمهيداً لخططها المستقبلية بتغيير ديموغرافية المنطقة.