جـ ـريمة ضـ ـد الإنسانية ترتـ ـكبها الحكومة السورية بحق السوريين القاطنين في منطقة الشهباء وحيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، عبر فـ ـرض حصـ ـار خانق عليها ومنع دخول المواد الأساسية إليها ما ينـ ـذر بكـ ـارثة إنسانية وشيكة، مثلما تفـ ـعل إسرائيل تماماً بحـ ـق الفلسطينيين في قطاع غزة.
تواصل الحكومة السورية، فرض الحصار الخانق على منطقة الشهباء وحيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، وتمنع حواجز الفرقة الرابعة سيئة الصيت، دخول المواد الأساسية من أغذية وأدوية وطحين إلى هذه المناطق وتركز بشكل خاص على منع مرور المحروقات، ما تسبب بكارثة إنسانية في المنطقة.
حيث تعيش مناطق الشهباء التي تضم سكان المنطقة الأصليين إلى جانب المهجرين قسراً من قبل تركيا وفصائلها السورية من مدينة عفرين، في ظلام دامس منذ أكثر من 15 يوماً بسبب توقف مولدات الكهرباء “الأمبيرات” عن العمل نتيجة فقدان المحروقات.
كما توقف المؤسسات الخدمية في المنطقة عن العمل نتيجة فقدان المحروقات اللازمة لتشغيل السيارات، إلى جانب توقف المدارس عن استقبال الطلبة نتيجة غياب المازوت اللازم لتوفير وسائل التدفئة للطلبة، وهو ما أدى لحرمان نحو 15 ألف طالب وطالبة عن التعليم.
وإلى جانب ذلك، توقف القطاع الصحي بنسبة أكثر من 80 % حيث يقتصر عمل المشافي على استقبال الحالات الصحية الطارئة وغرف العناية المركزة نتيجة فقدان المازوت اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء التي تؤمن الإضاءة لغرف العمليات وباقي أجزاء المشافي.
كما توقفت مناهل المياه عن استخراج المياه وضخها بسبب فقدان المحروقات، وتضطر المؤسسات لتوزيع المياه بالصهاريج على الأهالي وبالحدود الدنيا.
فضلاً عن أن الأهالي لم يحصلوا على مازوت التدفئة رغم دخول فصل الشتاء المعروف بقساوته في سوريا، إذ توفيت الطفلة سوزدار حسن البالغة من العمر 4 أعوام في مخيم سردم لمهجري عفرين نتيجة البرد القارس.
وأثر الحصار أيضاً على القطاع الزراعي، إذ لا تتوفر المحروقات من أجل تشغيل مضخات المياه، وعلى اعتبار أن المصدر الوحيد للدخل في هذه المنطقة، فأن عدم إدخال المحروقات يهدد بتوقف الزراعة فيها وبالتالي حرمان سكان المنطقة من الغذاء وهذا ما يشكل جريمة ضد الإنسانية.
وسياسة التجويع والحصار سياسة قديمة متجددة تعتمد عليها الحكومة السورية في معاقبة السوريين، حيث استخدمت الحكومة هذه السياسة طيلة سنوات الأزمة وما تزال تتبعها من أجل معاقبة الشعب، علماً أن الفرقة الرابعة تتعمد اتباع سياسة الحصار من أجل احتكار المواد وبيعها بأسعار مرتفعة جداً لتحقيق المنفعة المادية لصالح ضباطها.
وفي حيي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب، فالوضع ليس أفضل حالاً من مناطق الشهباء، حيث تواصل الفرقة الرابعة حصار الحيين بشكل خانق وتمنع دخول المواد الأساسية، حيث توقفت مولدات الأمبيرات عن العمل وهو ما أجبر المؤسسات لتحويل المازوت المخصص لسيارة نقل العاملين لديها إلى المولدات حتى تستطيع تأمين كهرباء بمعدل ساعتين يومياً.
وكثفت الفرقة الرابعة من حواجزها في محيط الحي من أجل منع مرور أية مواد أساسية للمنطقة وخصوصاً الطحين والأدوية والمحروقات وأنواع كثيرة من الأغذية، وهو ما أدى لفقدانها بشكل شبه كامل.
ورغم أن الحكومة السورية تصدر البيانات الواحدة تلو الأخرى عن حصار إسرائيل للفلسطينيين إلا أنها تمارس ما تفعله إسرائيل بحق السوريين.
وسياسة الحصار هي سياسة قديمة اعتمدت عليها السلطات دوماً من أجل معاقبة شعوب منطقة محددة، كما هي وسيلة اعتمدها الغزاة أثناء هجماتهم على منطقة ما، إذ اتبعوا هذا الأسلوب المنافي للأخلاق والإنسانية من أجل إجبار الطرف الآخر على الاستسلام.
والملفت للانتباه أن الحصار بدأ تشديده منذ أن بدأت لقاءات التطبيع بين أنقرة ودمشق، برعاية روسية، حيث شددت حكومة دمشق من حصارها على الشهباء والشيخ مقصود والأشرفية في حلب، بالتزامن مع تكثيف القوات التركية قصفها للمنطقة وهو ما يؤكد وجود مخطط مشترك وضعه الطرفان من أجل كسر إرادة أهالي هذه المناطق.
ولكن رغم هذا الحصار الجائر، إلا أن الأهالي مازالوا مصرين في التشبث بأرضهم وعدم الهجرة منها، ويحاولون بشتى الوسائل البقاء على قيد الحياة والمقاومة.