تواصل قوات الحكومة السورية المتمثلة بـ «الفرقة الرابعة» فرض حصارها على المخيمات والقرى في منطقة الشهباء بريف حلب الشمالي التي يقطنها مهجري عفرين وسكان المنطقة الأصليين، إضافة إلى حيي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب، منذ الـ20 نوفمبر / تشرين الثاني الفائت.
ومع إغلاق حواجز الفرقة الرابعة المعابر والحواجز المؤدية إلى المنطقة، ومنع دخول المواد الأساسية والأدوية والمحروقات، تعيش منطقة الشهباء منذ 15 يوماً في ظلام دامس، إضافة إلى شلل تام تعانيه جميع القطاعات بما فيها الصحية والخدمية بعد قطع جميع الإمدادات الحيوية. الأمر الذي يزيد من صعوبة الأوضاع المعيشية وسط كارثة إنسانية جديدة تلوح في الأفق في حال استمراره.
وتوقفت مولدات توليد الكهرباء في منطقة الشهباء عن العمل بشكل كامل منذ 15 يوماً بسبب فقدان المازوت اللازم لتشغيلها، كما أعلنت بلدية الشعب تعليق كافة الأعمال الخدمية حتى إشعار آخر، كما باتت مناهل المياه مهددة بالخروج عن الخدمة بشكل نهائي، إضافة إلى شلل كامل في حركة التنقل بسبب الحصار.
وحذّر إدراي في بلدية الشعب بالشهباء من عواقب كارثية نتيجة الحصار المفروض منها عدم توفر المياه لتوقف المضخات بسبب قلة الوقود، إضافة إلى توقف الأفران عن العمل كما سيكون لها تأثير على الزراعة.
وعلنت هيئة الصحة في منطقة الشهباء، بإن مشفى آفرين يعمل في حالة الطوارئ. كما أدى نقص المازوت إلى إيقاف العديد من الأقسام عن العمل في المشفى. حيث تم قطع الكهرباء عن المشفى، فيما بقي قسم العناية المركّزة وحواضن أطفال حديثي الولادة تحت العمل.
وبحسب هيئة الصحة، فقد تم إيقاف سيارات المشفى، بالإضافة إلى عدم توفر الأدوية. ويضطر المرضى إلى شراء الأدوية من الخارج، وهي باهظة الثمن خاصة مع رفع وزارة الصحة لدى الحكومة السورية أسعار الأدوية بنسبة تصل إلى 100 % قبل أيام.
وفي مدينة حلب، علقت بلدية الشعب في حيي الشيخ مقصود والأشرفية كافة الأعمال الخدمية عبر بيان لها يوم السبت تاريخ 2 ديسمبر/كانون الأول الجاري ، حتى إشعار آخر، وذلك بسبب حصار الحكومة السورية للمنطقة.
كما أعلنت لجنة المولدات في حيي الشيخ مقصود والأشرفية ببدء العد التنازلي بتوقف جميع المولدات و التي تغذي تلك الأحياء بسبب انقطاع تام في مادة الماوزت.
وأمس الجمعة، تظاهر الآلاف من مهجرين عفرين وأهالي الشهباء، أمام حاجز لقوات الحكومة السورية في مدخل بلدة الأحداث التابعة الشهباء شمالي حلب، وذلك تنديداً بالحصار الخانق الذي تفرضه قوات الحكومة السورية على المنطقة، حاملين خزانات وقود مدافئهم الفارغة جراء الحصار الخانق.
وطالب المتظاهرون برفع الحصار المفروض على المنطقة، وضرورة تدخل المنظمات الدولية وتحمل مسؤولياتها تجاه اللاجئين والنازحين فيها.
والملفت للانتباه أن الحصار المشدد يأتي مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة بشكل كبير جداً وسط عدم تمكن الأهالي من تأمين مادة المحروقات للتدفأة.
ويتخوف الأهالي من تكرار سيناريو العام السابق، عندما منعت الفرقة الرابعة دخول المحروقات إلى الحيين ما أدى مفاقمة أوضاع الأهالي نتيجة البرد، إذ فقد طفلان أحدهما رضيع حياتهما برداً بعد عدم تمكن الإدارة الذاتية من إيصال مازوت التدفئة إليهما نتيجة تعنت الفرقة الرابعة.
وتعدّ “الفرقة الرابعة”، الفصيل الأبرز في قوات الحكومة السورية الذي يأتمر مباشرة من شقيق الرئيس السوري، ماهر الأسد، الجهة المسؤولة عن فرض الحصار على الشهباء وحيّي الشيخ مقصود والأشرفية.
وتمنع قوات الفرقة الرابعة دخول المحروقات والأدوية والمواد الأساسية بشكل تام إلى المناطق الآنفة الذكر التي يقطن فيها نحو نصف مليون نسمة.
وسبق وأن قالت “منظمة العفو الدولية”، في الـ24 يناير الفائت، إنه يتعين على قوات الحكومة السورية رفع الحصار الوحشي المفروض على المدنيين شمال حلب، والذي يعيق إمكانية حصول السكان على الوقود وغيره من الإمدادات الأساسية.
وقالت ديانا سمعان، الباحثة المعنية بسوريا في المكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في بيروت: “إنه لأمر مروّع أن نرى السلطات السورية تحرم عشرات الآلاف من سكان حلب من الإمدادات الأساسية بسبب اعتبارات سياسية ، فالمدنيون يعيشون في خوف وحرمان وعدم يقين دائمين، ويدفعون مجددًا الثمن الأعلى في هذا النزاع الذي يبدو وكأن لا نهاية له”.