أضرار الهجرة غير الشرعية على المهاجر والبلاد التي حدثت منها الهجرة
إن للهجرة أضـ ـراراً كبيرة على المهـ ـاجر والبلد الذي تركه على حد سواء، فيما فيه منفعة للدولة المضيفة والتي غالباً ما تكون السبب وراء الهجـ ـرة من خلال اختـ ـلاق الأزمـ ـات من أجل إيجاد اليد العاملة الرخيصة.
على مر التاريخ، كانت القوى العظمى والتي كانت عبارة عن إمبراطوريات تشن الهجمات على المناطق التي كانت تجاورها من أجل السيطرة على أراضيها والحصول على العبيد لتنفيذ أعمالهم المختلفة، واستمر الأمر إلى أن انتهت الامبراطوريات، فالجميع يعرف بقصص العبيد الذين جرى نقلهم من أفريقيا وأمريكا اللاتينية إلى أوروبا.
ومع تشكل الدول القومية في بداية القرن الثامن عشر، خصوصاً مع تصاعد الثورة الصناعية في أوروبا، ظهرت الحاجة إلى السيطرة على خيرات الدول من أجل تأمين المواد الخام لإرضاء جشع السلطات والرأسماليين، فظهرت حروب الاحتلال.
وعلى الدوام كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أولى الوجهات التي وضع الجميع أعينهم عليها، من بريطانيا إلى فرنسا وإيطاليا والبرتغال وهولندا، فظهرت حروب الاحتلال ولكن بالوصول إلى منتصف القرن التاسع عشر تحررت تلك البلدان من الاحتلال الذي عاد ولكن هذه المرة بطرق أخرى، عبر افتعال الأزمات من أجل التدخل في شؤون هذه المناطق وتهجير سكانها الأصليين كي يتسنى لها تطبيق مخططاتها على أكثر من جهة.
فهي أولاً تختلق الأزمات وتبيع أسلحتها، ومن ثم تتدخل إلى جانب أحد الأطراف فتثقل كاهله بالديون، وبذلك تضمن بقاءها في السلطة لأكبر قدر ممكن من السنوات وبالتالي تنهب خيراتها، ومن ثم تضيق الخناق أكثر من خلال تشكيل حكام فاسدين، وتضيق الخناق على شعوب المنطقة ومن ثم تفتح باب الهجرة أمام سكانها عبر شبكات التهريب التي تعمل لصالحها، وذلك من أجل تجديد شبابها مستفيدة من التزايد السكاني في هذه المناطق على خلاف مناطقها التي يكاد النمو السكاني فيها معدوماً فنسبة الولادات في تلك الدول قليل جداً وبذلك تبقى الكثير من الأمور بحاجة إلى عبيد لخدمتهم وهؤلاء العبيد يتم الحصول عليهم بطرق أكثر شرعية من خلال أطلاق اسم المهاجرين عليهم، فالمهاجرون في الوقت الحالي يعتبرون عبيداً دون إطلاق صفة العبد عليهم.
أضرار الهجرة على المهاجرين
وللهجرة أضرار كبيرة منها ما يتعلق بالفرد المهاجر ومنها ما يتعلق بالبلاد التي هاجر منها. فالهجرة هي تعريض النفس للهلاك من خلال سلك طرق محفوفة بالمخاطر لا يعرف نتيجتها، ويتعرض الكثير من المهاجرين للغرق في البحار أو الضياع في الغابات أو يتعرضون للقتل على أيدي حراس حدود الدول، علاوة على أن المهاجر الذي يهاجر عبر المتاجرين بالبشر يقع فريسة هؤلاء المهربين الذين يبتزونهم من أجل الحصول على الأموال، عدا عمليات الاغتصاب التي تحصل في الطرقات.
ووصل عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين لقوا حتفهم أو فقدوا، بعد أن سقطوا فرائس في أيدي المتاجرين بالبشر والمهربين أثناء رحلاتهم الشاقة والمميتة، إلى 56800 شخص على مستوى العالم منذ عام 2014 وحتى الآن، حسب إحصاء قامت به وكالة أسوشيتد برس الأمريكية.
وقالت الوكالة في تقرير لها، إن هؤلاء الضحايا تركوا عائلاتهم في حيرة حول ما حدث لهم على وجه التحديد، في الوقت الذي امتلأت فيه المقابر في جوتنج بجنوب أفريقيا وجرجيس الساحلية التونسية وإيطاليا واليونان وليبيا بجثث مجهولة الهوية.
كما أن الهجرة غير الشرعية إهانة وإذلال للنفس، فالشخص الذي يدخل على نفسه الذل والهوان لأنه لا حقوق له، فالمهاجر حتى وإن تذرعت الدول الغربية بمنحهم الحقوق إلا أنه لا حقوق لهم لأنهم دخلوا تلك البلدان بطرق مخالفة للقوانين وهذا يسقط عنهم جميع حقوقهم التي يكفلها لهم القانون، ويتم وصفهم دوماً بغير البشر ويعاملون معاملة قاسية ويجري تشغيلهم في أعمال ما كانوا قبلوا بها في بلدانهم الأساسية.
كما أن المهاجر غير الشرعي عندما يصل إلى بلدان الغرب يكون مجبراً على اتباع قوانينها والتشبه بهم، فتكثر الدعارة وتجارة المخدرات والاستغلال الجنسي ويتعلم الأفراد أموراً بعيدة عن أخلاقهم، ويلجأ الكثير منهم إلى العمل في البارات والخمارات وأماكن الدعارة.
كما يقع العديد من المهاجرين في شرك عصابات المافيا والمبتزين، ويتعرض الكثير منهم للقتل على أيدي تلك العصابات وتضيع حقوقهم، كما يتعرضون للابتزاز من قبل أصحاب المعامل والمصانع التي يعملون فيها، وخير مثال ما يتعرض له السوريون من ابتزاز على أيدي أرباب العمل في تركيا وعمليات القتل العنصرية التي تحصل بحقهم.
أضرار الهجرة غير الشرعية على البلدان التي حصلت منها الهجرة
أما البلدان التي حصلت منها الهجرة، فهي الأخرى تعاني من أضرار هذه الظاهرة، فأولاً الطبقة التي تهاجر هم الفئة الشابة، وغالباً ما يتم فتح باب الهجرة أمام الشباب من قبل الأنظمة التي تحتاج إلى عمالة رخيصة أو بمعنى آخر الأنظمة التي تحتاج إلى عبيد ليعملوا لديها في الأعمال التي لا يرضى سكانهم الأصليون العمل فيها.
فالمعروف أن الشبيبة هم محرك المجتمعات وهم الفئة القادرة على الإنتاج والتطوير والبناء، وبالتالي إن فرغت البلاد من هذه الطاقة، ستتحول البلاد إلى مستهلكة، والدول الغربية العجوزة الآن باتت مستهلكة لقلة الفئة الشابة لديها، وبذلك تفتح الطريق أمام الشباب للهجرة إليها من أجل تجديد حيويتها وتأمين الأيدي العاملة المنتجة.
الأمر الآخر هو أن البلدان التي تحصل منها الهجرة تفقد الفئة المتعلمة الخبيرة القادرة على الإدارة، وإذا ما فقد بلد الفئة القادرة على الإدارة، يحكم عليه بالفشل في جميع النواحي.
ثالثاً، البلدان التي تحصل منها الهجرة يسهل احتلالها والسيطرة عليها ونهب ثرواتها، لأن الفئة القادرة على الدفاع والحماية هي الفئة الشابة، وهجرة هذه الفئة يجعل من البلدان فريسة سهلة للوقوع في شراك الدول الغربية التي تضع المخططات الواحدة تلو الأخرى من أجل السيطرة على خيرات تلك البلاد، حيث نرى أن الدول الغربية تفتعل الأزمات في دول الشرق الأوسط من أجل تهجير الفئة الشابة منها وبذلك تعمل على تفريغها من طاقاتها الحيوية ومن ثم تضع يديها على خيرات هذه الدول.
غداً: الهجرة من شمال وشرق سوريا.. من يشجع الهجرة وما هي أهدافهم؟