بعد مرور أكثر من شهر على بدء الحرب المستعرة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة بدأت تركيا بزعامة رئيسها رجب طيب أردوغان بالعمل على بدء صفقة جديدة مع إسرائيل والدول العربية على حساب أهالي غزة وذلك من خلال بوابة ما أسمته بـ «لعب دور الضامن لحل الأزمة»، فما هو الحل الذي قدّمه أردوغان لحل الأزمة بين الجانبين..؟!
عملياً؛ لعبت تركيا دور «الضامن» في سوريا لعدّة مرات إذ لديها مثل هذه التجارب ولكنها لم تكن يوماً لصالح الشعب السوري وفق ما يعتقد البعض، وإنما كان على حسابها بعد أن عقدت الصفقة الأولى مع روسيا والحكومة السورية والتي باع فيها مدينة حلب جهاراً نهاراً مقابل سيطرتها على مناطق سورية أخرى مثل جرابلس والباب.
يُعتبر صفقة بيع حلب نهاية العام 2016 هي الأكبر، إبّان إنهاء سيطرة فصائل المعارضة السورية في مدينة حلب، حيث أقدمت أنقرة حينها على سحب أكثر من ألفي مقاتل من فصائل المعارضة، ممن ينحدر غالبية مقاتليها من التركمان، إلى الانضواء تحت راية تركيا، في عملية تحمل الصبغة السورية باسم “درع الفرات”، لتبقى جبهة مساكن هنانو في شمال شرق حلب، والتي كان يعوّل عليها في صدّ الهجوم الروسي – السوري – الإيراني، جبهة هشّة يمكن الدخول إلى أولى أحياء حلب الشرقية من خلالها.
ونجم في النهاية انتهاء أمر حلب الشرقية في أواخر ديسمبر من العام 2016، بتهجير جماعي ضمّ قرابة 40 ألف مدني ومقاتل عبر عملية نزوح جماعي إلى ريف حلب الغربي وبعضها إلى عفرين، وسيطرت تركيا وفصائل المعارضة السورية على نحو 2200 كلم مربع من الأرض السورية في شمال شرق حلب، مع ولاء مطلق لمن هم في غرب حلب وشمال إدلب من الفصائل العاملة فيها.
وبعد عامين فقط؛ عقدت تركيا صفقةً جديدة مع روسيا والحكومة السورية، ليلتقط السوريين مجدداً أنفسهم أمام معادلة أخرى ألا وهي صفقة «الغوطة مقابل عفرين» لتتكرر مأساة حلب على يد «الضامن» نفسه، حيث صاغت تركيا هذه الصفقة تضمنت انسحاب فصائل المعارضة من الغوطة وريف دمشق باتجاه مدينة عفرين، مقابل السماح لتركيا بشن حملة عسكرية ضد وحدات حماية الشعب والسيطرة على عفرين، وقرروا أنها اللحظة المناسبة للانقضاض على الغوطة وعفرين. مدنيون هنا ومدنيون هناك. وعشرات آلاف النازحين على طرفي المأساتين، والعالم صامت وقابل في معادلة الدماء في مقابل الدماء.
اليوم؛ ومع استمرار الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، أعلنت تركيا مجدداً بأنها مستعدة للعب دور الضامن…!، إذ لا يختلف المشهد السوري عن الفلسطيني فالضامن الذي عقد صفقات على حساب الشعب السوري خدمةً لمصالحه للسيطرة على الشريط الحدودي السوري، يعمل الآن على عقد صفقة مع إسرائيل والدول الغربية.
فعندما تطرح تركيا نفسها كضامن إلى جانب غزة فإن المخطط التي تسعى وراءها هي «غزة مقابل الشمال السوري»، حيث تعهدت تركيا لإسرائيل والدول الغربية أنها ستُخلصهم من حركة حماس مقابل إعطاء الضوء الأخضر لها للحصول على مقايضة شبيهة كتلك التي مع روسيا في صفقة «الغوطة مقابل عفرين».
فمن المعروف أن قادة حماس يتنقلون بين تركيا وقطر وإيران، وسبق وأن خططت قياداتها من داخل تركيا لشن هجمات عديدة على إسرائيل، إضافةً إلى أن رئيس المخابرات التركية السابق، هاكان فيدان أشرف على إنشاء مقر كبير لها في اسطنبول، إلى جانب استيراد الأموال إلى حماس من خلال بنوكها وإصدار جوازات سفر تركية لقادة حماس ومنحهم الجنسية التركية.
ورغم الخطابات الإعلامية الرنانة التي يطلقها أردوغان ضد إسرائيل، إلا أنه عملياً أرسل منذ بدء الحرب أكثر من 283 سفينة محملة بالخضار والمواد الغذائية والاسمنت ومصادر الطاقة التي تستخدمها إسرائيل في قتل الفلسطينيين، وذلك لتفريغ قطاع غزة من سكانها وهذا نوع من التمهيد الذي يحاول فيه أردوغان لكسب صفقة غزة مقابل شمال سوريا، أي تدمير القطاع وبهذا الموقف تساعد إسرائيل التي ستلفظ الزيادة السكانية العربية والتي تعتبرها تهديداً لكيانها ليل نهار والهدف تهجيرهم ونقل سكانها إلى عفرين ومناطق الشمال السوري الذي يسعى جاهداً أردوغان لتغيير ديمغرافيتها بما يتماشى مع مصالحه.
والأمر الأخر بدأت تركيا بخطوات أخرى، حيث نقلت قبل أسبوعين عشرات العوائل الفلسطينية من غزة إلى ناحية جنديرس في مدينة عفرين، حيث جرى توطين هؤلاء في مستوطنة “أجنادين فلسطين” في الناحية.
وكشفت مصادر مطلعة لـ «فوكس برس» بوجود مخطط مشترك بين «تركيا وقطر وإسرائيل وحماس» لجلب عوائل فلسطينية أخرى من قطاع غزة عبر تركيا حيث سيتم توطينهم في شمال سوريا وخاصةً مدينة عفرين.
وأضافت المصادر أن عدد العوائل المُتّفق لجلبهم في المرحلة الأولى يصل إلى نحو 3 آلاف عائلة، مشيرةً أن نقل هذه العوائل إلى عفرين ومناطق أخرى سيكون تحت غطاء بأنهم حالات إنسانية سيقومون بمعالجتهم في تركيا.
في سياقٍ متصل؛ تعمل تركيا على دمج مسلحي “كتائب القسام” الفلسطينية مع فصائل “الجيش الوطني السوري” وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).
وأخرجت تركيا عشرات الأشخاص من مسلحي “كتائب القسام” من غزة لينضموا إلى المئات الذين كانوا متواجدين على الأراضي التركية، حيث من المقرر أن يتم إرسالهم إلى شمال سوريا تمهيداً لجعل غزة خالية من سكانها وحماس.
