في الوقت الذي تتواصل فيه الحـ ـرب بين إسرائيل وحـ ـركة حمـ ـاس منذ السابع من تشرين الأول الفائت وتدمـ ـير قطاع غزة، يجري الحديث عن تهجـ ـير الفلسطينيين من أرضهم، ونقلهم عبر تركيا إلى مدينة عفرين، التي نشطت حركة بناء المستـ ـوطنات فيها منذ بداية العام الجاري.
وتستمر الحرب بين إسرائيل وحركة حماس منذ السابع من تشرين الأول الفائت في قطاع غزة، بعد أن شنت حماس هجوماً كبيراً على إسرائيل ما زال يحمل الكثير من إشارات الاستفهام حول كيفية اختراق الحدود والوصول إلى المستوطنات الإسرائيلية وقتل واختطاف عدد كبير من الإسرائيليين، والمعروف أن أجهزة المراقبة والتعقب والإنذار لديها هي الأكثر تطوراً في العالم.
هذا الهجوم الذي يراه الجميع انتحاراً بالنسبة لطرف يملك إمكانات محدودة أمام طرف يمتلك ما يمتلك من الأسلحة الفتاكة والقوة العسكرية الضاربة والتي تخشى الدول الوقوف بوجهها، فكيف لحركة لا تمتلك سوى الصواريخ والأسلحة الفردية الوقوف بوجهها، وهذا ما يشير إلى أن كل ما جرى ويجري هو عبارة عن مؤامرة استهدفت الشعب الفلسطيني، فمن هم أطراف هذه المؤامرة وما هي أهدافها؟
فالمعروف أن حركة حماس منذ تشكلها عام 1988، كانت دوماً هي سبب الهجمات والعمليات الإسرائيلية على قطاع غزة، فأول شيء فعلته كان اختطاف جنديين إسرائيليين وردت عليه الأخيرة بهجوم كبير استهدف قطاع غزة، وفي كل مرة كانت إسرائيل تهاجم غزة، كانت حماس إما قتلت جنوداً لها على الحدود أو استهدفت المستوطنات بعدد محدود من الصواريخ التي لم تغير من المعادلة شيئاً سوى أنها سببت الدمار وتشديد الحصار على غزة أكثر فأكثر. ولذلك يعتقد الجميع بأن حماس هي صناعة إسرائيلية بأيدي أطراف خارجية أخرى متواطئة معها وعلى علاقة كبيرة معها حتى وإن اختلفت معهم إعلامياً.
فالطرف الأول الذي تربطه علاقات وثيقة مع إسرائيل وحماس بنفس الوقت، هي الدولة التركية، خصوصاً بنظامها الحالي ذي التوجه الإسلامي، فهذا الطرف هو أكثر المستفيدين من هجوم حماس على إسرائيل، لأن إسرائيل عازمة على إخلاء غزة من سكانها وتدميرها كلياً بحيث لا تصلح للعيش مرة أخرى، وبذلك تتخلص من مشكلة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أقله في قطاع غزة حالياً.
الاستفادة التركية من الهجوم تأتي أولاً لمساعدة إسرائيل في تفريغ قطاع غزة من سكانها وبالتالي توطيد العلاقات وخصوصاً الاقتصادية والأمنية أكثر فأكثر من إسرائيل، وثانياً نقل سكان قطاع غزة إلى عفرين ومناطق الشمال السوري الذي تسعى جاهدة لتغيير ديموغرافيتها بما يتماشى مع مصالحها.
إذ أن مساعدتها لإسرائيل سيضمن لها صمت الدول الغربية وأمريكا عن مخططاتها في سوريا وخصوصاً في المناطق ذات الغالبية الكوردية التي تسعى للسيطرة عليها وتغيير ديموغرافيتها بعد تهجير سكانها.
أما الطرف الثاني المستفيد فهي إيران، فهي الأخرى ترى في الكورد بسوريا خطراً يشكل تهديداً على مخططها في الهلال الشيعي الذي يمتد من إيران عبر العراق وسوريا ويصل إلى لبنان، فهي تدرك أن الكورد لن ينجروا إلى مخططها هذا، ولذلك فهي تسعى لإيجاد طريق بديل لطريقها المار من البوكمال والخاضع للرقابة الأمريكية والإسرائيلية على حد سواء، فهي أيضاً ستستفيد من مخطط نقل أهالي غزة إلى سوريا وتوطينهم في مناطق الشمال السوري الذي تريد تركيا السيطرة عليه وتغيير ديموغرافيته، إذ أنها واعتماداً على دعمها وعلاقاتها مع حركة حماس، ستستطيع تمرير أجنداتها وتأمين طريق بديل لطريقها الحالي.
أما الطرف الثالث المستفيد، فهي قطر ذات التوجه الإسلامي والداعم للإخوان المسلمين، فهي الأخرى ستستفيد من نقل الفلسطينيين من أبناء قطاع غزة وتوطينهم في الشمال السوري، لأنها ستقدم خدمة لإسرائيل من جهة ومن جهة أخرى ستضمن إنشاء دويلة إخوانية في الشمال السوري وستستطيع عبرها التدخل في شؤون سوريا والتدخل في أي منطقة تريد بالاعتماد على هؤلاء، فهي ستعمل على تجنيدهم كمرتزقة كما فعلت تركيا بالفصائل السورية التي قاتلت وما تزال تقاتل من أجلها في ليبيا وأذربيجان وقره باغ والسودان ومناطق أخرى حول العالم.
تقاطع مصالح هذه الأطراف معاً، في مساعدة إسرائيل على اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم ونقلهم إلى مناطق ذات غالبية كوردية في سوريا، دفعهم جميعاً للإسراع في بناء المستوطنات في سوريا بالنسبة لتركيا وقطر وعرب 48 حملة الجنسية الإسرائيلية والإخوان في مصر والكويت، والصمت حيال بناء هذه المستوطنات من قبل إيران التي تعتبر أكبر داعم للحكومة السورية.
فمنذ بداية العام الجاري، نشطت حركة بناء المستوطنات من قبل تركيا وبدعم قطري وجمعيات إخوانية مصرية وفلسطينية وكويتية، في منطقة عفرين بعد أن تم تهجير أكثر من 85 % من سكانها الكورد وتوطين آخرين من عوائل الفصائل السورية التابعة لتركيا فيها.
حيث تم بناء أكثر من 25 مستوطنة منذ بداية العام الجاري، حيث تم الانتهاء من بناء بعضها فيما لا يزال العمل جارٍ في بناء البقية، فيما تجاوز عدد المستوطنات التي تم بناءها في هذه المنطقة منذ سيطرة تركيا عليها عام 2018، أكثر من 40 مستوطنة.
وتتوزع المستوطنات في نواحي جنديرس وراجو وشران وشيه/شيخ حديد، وأكبر عدد للمستوطنات يقع قرب قرية غزاوية جنوب مدينة عفرين بمعدل 7 مستوطنات وقرية خالتا/ الخالدية جنوب شرق المدينة بمعدل 8 مستوطنات، في حين تقع 5 مستوطنات في جنديرس والبقية في نواحي شيه ومعبطلي وشران.
وتتولى منظمة “آفاد” التركية مسؤولية تنسيق عمليات بناء جميع تلك المستوطنات، كما أنّها مسؤولة أيضاً عن اختيار مواقع البناء”، فيما المنظمات المنفذة ليست بكثيرة وهي كلّ من “الأيادي البيضاء” المدعومة من الكويت وعرب فلسطين، وجمعية “شام الخير” المدعومة قطريّاً، وجمعية “أهل الوفاء” المدعومة من عرب فلسطين 48.