شهدت مختلف مناطق سيطرة الفصائل الموالية لتركيا شمالي حلب، مساء أمس السبت، استنفاراً عسكرياً، بعد انفجار شاحنة مفخخة في أحد الحواجز قرب مدينة عفرين، وسط توجيه أصابع الاتهام لهيئة تحرير الشام بالوقوف وراء العملية.
وأمس السبت، أُصيب نحو 19 شخصاً، بانفجار شاحنة مفخخة على حاجز الشرطة العسكرية في مدخل عفرين الشرقي، حيث جرى إغلاق العديد من الطرق وسط المدينة.
وكشف مصدر عسكري في الشرطة العسكرية، عن علاقة هيئة تحرير الشام بالشاحنة التي انفجرت، مشيرةً أن المُنفّذ عنصر في فصيل الحمزات، حيث كان سائق الشاحنة يحمل مهمة عسكرية خاصة من الفصيل مما سهل مروره على الحواجز العسكرية في المنطقة.
وعن العلاقة بين فصيل الحمزات وهيئة تحرير الشام، سبق وأن كشفت مصادر خاصة لـ «فوكس برس» أن الهيئة تواصل مساعيها في فرص سيطرتها على المنطقة ومحاربة كافة الفصائل التي تقف ضدها بتسهيل ودعم من الاستخبارات التركية.
ففي الـ5 تشرين الثاني الجاري بدأت غرف تطبيق “التلغرام” التابعة لفصائل الجيش الوطني، تتداول معلومات عن اجتماع طارئ عقد بين قادة فصائل الجيش الوطني في مدينة إعزاز وذلك لإنشاء غرفة عمليات مشتركة، دون كشف المزيد من المعلومات عن هذه الغرفة وأسباب تشكيلها والغاية منها.
ولاحقاً كشفت مصادر لـ «فوكس برس» أن الاجتماع ضم كل من (أبو العز سراقب) القيادي في فصيل الجبهة الشامية، ومعتصم العباس القيادي في فصيل فرقة المعتصم، وأبو جعفر القيادي في جيش الشرقية وجميع هذه الفصائل منضوية ضمن صفوف الجيش الوطني التابع لتركيا، إلى جانب مشاركة أبو توفيق القيادي في تجمع الشهباء المقرب من هيئة تحرير الشام في الاجتماع.
واستمر الاجتماع حتى الخامس من تشرين الثاني الجاري، وتم فيه الإعلان عن تشكيل جسم عسكري جديد باسم “القوة الموحدة”، حيث تم الإعلان عن هذا الجسم من قبل فرقة المعتصم والجبهة الشامية وتجمع الشهباء.
وتحدثت مصادر مقربة من الجيش الوطني أن هيئة تحرير الشام هي من سعت لتشكيل هذا الجسم الجديد وقالت إن زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني، أشرف شخصياً على تشكيله، من أجل التوسع في مناطق سيطرة فصائل الجيش الوطني تحت اسم تلك الفصائل بعد أن سيطرت الهيئة على مدينة عفرين وعدد من نواحيها بمساعدة فصائل من الجيش الوطني وبدأ عناصرها بالتحرك في تلك المناطق تحت اسم فصائل الجيش الوطني تلك التي ساعدته وخصوصاً العمشات والحمزات.
فمنذ سيطرة الفصائل على إدلب عام 2015 بدأ أبو محمد الجولاني بفرض سيطرته على المناطق الواقعة تحت قبضة الجيش الحر، بدءاً من إدلب التي باتت خاضعة بشكل كلي لسيطرة هيئة تحرير الشام والقوات التركية.
ومنذ أيار العام الفائت، بدأت هيئة تحرير الشام بالتوسع باتجاه المناطق الأخرى في الشمال السوري بعد أن ظل تواجدها محصوراً لسنوات في إدلب، حيث سيطرت على مدينة عفرين وعدد من نواحيها وكذلك توجهت نحو مناطق في الباب وإعزاز وجرابلس.
توسع هيئة تحرير الشام لن يكن باسم هيئة تحرير الشام، لأن تنظيم جبهة النصرة مصنف على لائحة الإرهاب الدولي وكذلك على لائحة الإرهاب لدى تركيا، ولذلك فأن تحرك هيئة تحرير الشام بشكل علني في تلك المناطق كان سيسبب الإحراج لتركيا، لذلك دفعت الأخيرة بعدد من فصائل الجيش الوطني للتعامل مع تحرير الشام مثل العمشات والحمزات والشرقية.
واليوم ازداد عدد الفصائل التي تستطيع هيئة تحرير الشام التحرك باسمها بعد الإعلان الأخير عن تشكيل القوة الموحدة لتضاف أيضاً إلى فصائل أخرى عاملة في الباب مثل أحرار عولان التابعة للهيئة.
وتستخدم هيئة تحرير الشام هذه اسم الفصائل وشعارها من أجل نشر عناصرها والتغلغل في مناطق سيطرة الجيش الوطني، وهدفها الرئيسي هو حل فصائل الجيش الوطني ودمجها في هيئة تحرير الشام وتصفية من يعارض هذا المخطط كما حصل في إدلب قبل سنوات.
وبحسب مصادر خاصة فأن هيئة تحرير الشام باتت تتمركز في 70 نقطة في عفرين منتشرة في أكثر من 40 قرية من قرى عفرين، وباتت تسيطر على عموم المعابر بين إدلب وعفرين وجرابلس والباب وإعزاز، حيث تدر هذه المعابر ملايين الدولارات لها شهرياً، وهو ما يقوي الهيئة بوجه فصائل الجيش الوطني التي لا تزال تتقاضى رواتبها من تركيا وتسرق وتنهب ممتلكات المواطنين في مناطق سيطرتها وتتاجر بالمخدرات والبشر.
وتقول المصادر أن تغاضي تركيا عن توسع سيطرة هيئة تحرير الشام في المنطقة، هو رغبة تركيا في التخلص من الفصائل العربية السنية التي باتت تتحدث فيما بينها عن نوايا تركيا التخلي عنهم بعد أن اختبروا دعم تركيا للمجموعات التركمانية على حساب الفصائل العربية السنية واستعداد تركيا للتخلي عنهم عند التطبيع مع الحكومة السورية مقابل الحفاظ على الفصائل التركمانية وإبعادهم من عقوبات الحكومة السورية التي ستأتي لاحقاً بعد التطبيع.
والآن باتت هيئة تحرير الشام تنتشر في إدلب وحلب وبشكل خاص في المناطق الكوردية، حيث باتت تتواجد في خطوط الجبهة مع قوات الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية من ريف اللاذقية مروراً بحماة وإدلب وحلب وصولاً إلى تخوم مدينة منبج.
وسبق أن حذرت قوات سوريا الديمقراطية من مخطط تركي تنوي فيه تركيا تسليم خطوط الجبهة من عفرين وحتى منبج لهيئة تحرير الشام من أجل استخدامهم في هجوم محتمل ضد مناطق الإدارة الذاتية.
وما يؤكد الدعم التركي الصريح لهيئة تحرير الشام، هو تقديمها لتقنيات تسيير وتوجيه الطائرات المسيرة التي باتت تحرير الشام تستخدمها بكثرة ضد قوات الحكومة السورية في مختلف مناطق سيطرتها سواء في حلب أو حمص أو حماة أو اللاذقية.