تحوّل اللاجئون السوريون إلى أداة استغلال وابتزاز وباتوا سلعةً رخيصة في بازارات السياسة وعلى طاولة المساومات بين حزب العدالة والتنمية الحاكم والأحزاب المعارضة في تركيا، في ظل صمت الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية حيال ما يتعرض له اللاجئين السوريين للتغطية على تبعيته لتركيا.
منذ مطلع العام الماضي، كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن مخططه لإعادة اللاجئين السوريين المتواجدين على الأراضي التركية إلى سوريا، بعد أن انتهى من استخدامهم لتحقيق مصالحه واستخدامهم كورقة ضغط ضد الاتحاد الأوروبي لدفعه لقبول مخططاته في المنطقة والسكوت عنها بالتزامن مع موجات النزوح الكبيرة التي شهدتها العديد من البلدان التي كانت تركيا متدخلة فيها وجزءاً مسبباً للأزمة فيها.
تركيا مقبلة على انتخابات بلدية خلال الربع الأول من العام القادم، والغضب الشعبي في الداخل التركي من تواجد السوريين بات في أعلى المستويات، وأردوغان وعد الناخبين بإعادة هؤلاء اللاجئين، وإن لم يحقق مطلبهم هذا فبالتأكيد أنه سيخسر الانتخابات المحلية وسيخسر بلديات أخرى بعد أن خسر بلديات كبرى المدن مثل أنقرة وإسطنبول في الانتخابات الماضية.
وفي السياق؛ رحّلت السلطات التركية قرابة 9 آلاف سوري إلى شمالي سوريا، من معبري باب الهوى بإدلب وباب السلامة شمالي حلب، إضافة إلى معبر تل أبيض شرق الفرات خلال شهر أكتوبر / تشرين الأول الماضي.
ووفقاً لمصادر مطلعة، فإن السلطات التركية طلبت من إدارة المعابر التي تديرها الحكومة السورية المؤقتة، مثل باب السلامة، وتل أبيض، عدم ذكر مسمى “الترحيل” أو العائدين قسرياً، ضمن الإحصائيات الشهرية، والاستعاضة عن ذلك، بوصف “العودة الطوعية”.
وتقوم السلطات التركية بإرغام اللاجئين المرحّلين على التوقيع على أوراق ترحيلهم والتعهّد بعدم عودتهم إلى تركيا مجدداً، حيث يتكرر بشكل شبه يومي مشهد ترحيل اللاجئين بشكل مهين وغير إنساني ويتناقض مع جميع الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق اللاجئين وضمان حمايتهم وعدم ترحيلهم قسراً.
وسبق وأن نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقارير تطرقت فيها عن قيام السلطات التركية باعتقال اللاجئين السوريين في الشوارع ومناطق عملهم ومن منازلهم، وأجبرتهم على توقيع ورقة ما تسمى العودة الطوعية دون أن تسمح لهم بالاطلاع عليها وقراءتها، وأشارت إلى تعرضهم للضرب من قبل الشرطة في حال رفضوا التوقيع على الاستمارات، كما أنها نقلتهم مكبلين إلى الحدود دون تقديم الماء والطعام لهم.
هذه التقارير فنّدت ادعاءات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي أكد في الـ 25 يونيو / حزيران 2023 في كلمة خلال مشاركته في فعالية بمدينة إسطنبول بعنوان “صناعة قوية تركيا قوية”، أن بلاده لن تعيد اللاجئين السوريين إلى بلادهم قسراً، إنما بشكل «يليق بالقيم الإنسانية والإسلامية»، إلا أنه استخدم اللاجئين طوال سنوات الاحتجاجات في سوريا من أجل مصالحه في وقت ظنّ فيه السوريين أن أردوغان يهتم بمصيرهم لكنهم أدركوا بأنهم كانوا مخطئين والآن يدفعون ثمن ثقتهم به، إذ الأمر لا يقتصر على اللاجئين فقط وإنما على الائتلاف وفصائل الجيش الوطني السوري الذي لن يتردد فيه أردوغان بالتخلّي عنه في أقرب فرصة تسنح له بما يتماشى مع مصالحه.
هذا وتستمر تركيا بدعم قطر وجمعيات إخوانية مصرية وفلسطينية وكويتية ببناء المستوطنات في المناطق التي سيطرت عليها خلال عامي 2018 – 2019 من شمال سوريا وخاصةً في المناطق الكوردية وتوطين اللاجئين السوريين فيها، وذلك في سبيل ترسيخ سياستها الماضية في إحداث التغيير الديمغرافي في تلك المناطق، بغرض الحصول على شرعية دولية في المناطق التي تتواجد فيها ضمن الأراضي السورية.