بات واضحاً أنَّ اجتماعات «أستانة» في نسختها العشرين التي عُقدت في 20 حزيران من العام الجاري بين موسكو وطهران وأنقرة ودمشق لم تختلف عن باقي الاجتماعات التي عُقِدت سابقاً تحت مُسميات حل الأزمة السوريّة، إلّا أنها في حقيقة الأمر هي زيادة الصراع في المنطقة بما يتناسب مع مصالح هذه الأطراف على حساب الشعب السوري واستقرار المنطقة.
ظهر جليّاً في البنود العريضة لاجتماع أستانة الأخير الاتفاق مجدداً على وضع مناطق شمال وشرق سوريا والإدارة الذاتية في مرمى الاستهداف مجدداً عبر إلصاق توصيفات بعيدة عن الحقيقة من قُبيل الانفصال وسرقة ثروات سوريا بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية وذلك لشرعنة المخطط الذي يحاك ضد المنطقة ومحاولة خلق رأي عام يناهض حكم الإدارة الذاتية لتكون بذلك دير الزور المنطقة التي يجب تركيز الجهود عليها لضرب الاستقرار فيها.
فبعد أن أطلقت قوات سوريا الديمقراطية عملية “تعزيز الأمن” في ريف دير الزور في الـ 27 من آب الفائت، سارعت أنقرة ودمشق وطهران إلى استغلال العملية الأمنية عن هدفها الرئيسي وإظهار أنها حرب كوردية عربية، وذلك من أجل تشويه صورة قوات سوريا الديمقراطية وخلق فتنة بين الكورد والعرب، وبدأت الوسائل الإعلامية التابعة لهما بشن الهجمات إعلامياً على الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، كما بدأت هذه الأطراف بإرسال عناصر مجموعاتهما من شمال سوريا ومن الضفة الغربية لنهر الفرات إلى الضفة الشرقية، وشن الهجمات على قوات سوريا الديمقراطية، تحت مسمى مسلحي العشائر.
فالحكومة السورية وإيران أرسلتا مسلحيها عبر نهر الفرات من خلال ارتداء الزي المدني وإدخال الأسلحة والذخيرة ومهاجمة قوات سوريا الديمقراطية تحت مسمى فزعة العشائر، وقد تطرق المركز الأمريكي لدراسات الشام في تقرير نشرته بتاريخ الـ8 أبريل / أيلول الفائت، يؤكد دور حزب الله المدعوم من قبل إيران والحكومة السورية والمجموعات الإيرانية في أحداث الريف الشرقي لـ دير الزور، حيث يشير في إحدى فقرات التقرير إلى قيام عناصر الأطراف المذكورة بارتداء اللباس العربي والتكلّم بلهجة العشائر للمشاركة بعمليات التأجيج العـسكري.
وأرفقت «رانيا قيسر» نائبة مدير المركز الأمريكي لدراسات بلاد الشام في تقريرها صورة ومقطع فيديو لشخص يدعى «هاشم السطام» وهو قائد فصيل يتبع لحزب الله، وأشرف سابقاً على هجوم فاشل على القاعدة الأمريكية في حقل العمر، باستخدام عناصر متنكرة بلباس داعش في مارس 2023، حيث ظهر «هاشم السطام» هذه المرة في مقطع فيديو وهو يعبر النهر بإتجاه بلدة ذبيان متنكراً باللباس العربي، لينادي بمحاربة القوات الأمريكية.
وشنت قوات الحكومة السورية لعدة مرات قصفاً برياً مكثفاً من الميادين باتجاه عدة بلدات في ريف دير الزور ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة قسد، إذ تبين أن الهدف منها هو إسناد العشرات من المسلحين التابعين للحكومة السورية والتغطية على توجههم من الضفة الغربية لنهر الفرات إلى الضفة الشرقية التي تديرها الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية.
وأمس الأحد، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، أن قواتها أحبطت هجوماً لمسلحين يتبعون لقوات الحكومة السورية، في دير الزور بعد مقتل 19 عنصراً من المهاجمين وإصابة 20 آخرين.
وقال البيان: “شَنَّ مرتزقة النِّظام السُّوريّ والأجهزة الأمنيّة التّابعة له، صباح اليوم الأحد، هجوماً بالمدفعيّة الثَّقيلة والهاون وأسلحة الدّوشكا على قرى وبلدات “أبو حردوب، ذيبان وأبو حمام”، وخلَّفَ الهجوم عدداً من الشُّهداء، بينهم مدنيّون”.
وأضاف: “بدأ هجوم المرتزقة في السّاعة الخامسة من صباح اليوم، ومن ثلاثة محاور، حيث انطلقوا من قرى ومدن “صبيخان، الدّوير والميادين” الواقعة في الضفَّةِ الغربيّة لنهر الفرات والتي هي تحت سيطرة النِّظام السُّوريّ. وتحت القصف المدفعيّ الثَّقيل والهاون والدّوشكا؛ حاول المرتزقة التسلُّلَ ودخول مناطقنا، وخاصَّةً في قرى وبلدات “أبو حردوب، ذيبان وأبو حمام” الواقعة على الضفَّةِ الشَّرقيّة للنَّهر”.
أما تركيا فقد أرسلت فصائلها وبدأت بشن قصف بري وشن هجمات برية مكثفة على كل من أبو راسين وتل تمر وعين عيسى ومنبج، بالتزامن مع استمرار عملية تعزيز الأمن التي بدأتها قسد.
ولم يقتصر الدور التركي على هذه الجبهات فقط بل شاركت بشكل مباشر في زعزعة الاستقرار في دير الزور أيضاً حيث سبق وأن أفادت مصادر مطلعة لـ «فوكس برس» أن حاتم أبو شقرا، قائد فصيل أحرار الشرقية المدعومة من قبل تركيا تلقى أوامر من الاستخبارات التركية بالتدخل وإرسال مسلحين من فصيله إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات باسم العشائر والتنسيق مع نواف راغب البشير متزعم مجموعة أسود الشرقية الموالية لإيران.
ولفتت المصادر أن حاتم أبو شقرا اجتمع من أجل ذلك مع المدعو أبو جعفر شقرا وآخرين في منتجع بمدينة أورفا الواقعة على الحدود التركية السورية، ومن هناك تواصلوا مع أمير بن نواف راغب البشير الذي يقود مجموعات أسود الشرقية التابعة لإيران في الضفة الغربية لنهر الفرات، وطالبوا مساعدته بإرسال مجموعة تتألف من 30 عنصراً من أحرار الشرقية إلى بلدة ذيبان من أجل مشاركة الدفاع الوطني التابعة للحكومة السورية وأسود الشرقية التابعة لإيران في شن الهجمات على قوات سوريا الديمقراطية ومجلس دير الزور العسكري باسم العشائر العربية.
ولفتت المصادر أنه جرى نقل المسلحين على شكل دفعات وعبر دراجات نارية، على مدار ثلاثة أيام.
كما بدأ أفراد يتبعون لتركيا في المناطق التي تسيطر عليها في الشمال السوري، ينحدرون من قبيلة الزبيد (العكيدات – البكير) والذين يطلقون على أنفسهم عيال الأبرز، مؤخراً بجمع المساعدات المالية من أبناء قبائلهم في الدول المجاورة وبشكل خاص أبناء هذه القبائل في السعودية ومن يعيش منهم في بلاد المهجر وبشكل خاص في ألمانيا التي تنشط فيها العديد من الجمعيات التركية.
وبحسب مصادر مقربة من القبيلة، فأن هؤلاء الأشخاص الموالين لتركيا وينخرطون ضمن صفوف الائتلاف وفصائل الجيش الوطني التابعة لتركيا، يسعون من خلال جمع الأموال لشراء الأسلحة والذخيرة وتأمين رواتب للعناصر الذين يرسلونهم إلى ريف دير الزور في الضفة الشرقية لنهر الفرات وكذلك الذين يسعون إلى تجنيدهم عبر المال من أبناء المنطقة وذلك من أجل ضرب أمن واستقرار المنطقة وشن هجمات على قوات سوريا الديمقراطية، لإظهار أن أبناء العشائر العربية يحاربون قسد.