يواصل المجتمع الدولي، الصـ ـمت حيال الهجـ ـمات التركية التي طالت شمال وشرق سوريا في الفترة ما بين 5 و 9 تشرين الأول الجاري، والتي استهـ ـدفت بشكل خاص المنشآت الحيوية التي تعتمد عليها حيـ ـاة السكان، والتي يعتبر استهـ ـدافها جـ ـريمة حـ ـرب وفق القانون الدولي، وهذا ما دفع الإدارة الذاتية لتسليم ملف مفصل عن تلك الانتهـ ـاكات للأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والعديد من سفارات الدول حول العالم.
مع بداية شهر تشرين الأول من العام الجاري، خرج وزير الخارجية التركية هاكان فيدان، أمام الملأ وهدد بضرب المنشآت الحيوية في شمال وشرق سوريا، رغم أن القانون الدولي يعتبر استهداف المنشآت التي تؤثر بشكل مباشر على حياة الإنسان، جريمة حرب، ولكن العالم أجمع صمت حيال هذه التهديدات ما دفع تركيا لتنفيذ تهديداتها وشنت في الفترة ما بين 5 و 9 تشرين الأول الجاري هجمات موسعة على البنية التحتية والمنشآت الحيوية كالنفط والماء والكهرباء وصوامع الحبوب والمشافي والمدارس في شمال وشرق سوريا.
الهجمات التركية استهدفت بحسب الإدارة الذاتية 224 موقعاً عبر 304 ضربة جوية وبرية، منها 221 ضربة مدفعية وبالأسلحة الثقيلة وقذائف الهاون، و83 ضربة بالطائرات الحربية والمسيّرة، طالت محطات توليد الكهرباء والمنشآت النفطية والمستوصفات، والمناطق الصناعية ومراكز مالية، إلى جانب استهداف محيط مخيمي واشوكاني وروج، والعشرات من القرى، وخلفت أضراراً مادية جسيمة.
وتسبب هذه الهجمات إلى جانب خروج العديد من المؤسسات والمنشآت الحيوية عن الخدمة، إلى فقدان 47 شخصاً لحياتهم بينهم 5 في كوباني والبقية في الجزيرة، وإصابة 55 آخرين، وخسائر مالية قدرت بـ 56 مليون دولار حتى الآن.
ورغم هذا الاستهداف المتعمد للمنشآت التي توفر الخدمات للمواطنين، إلا أن الأمم المتحدة مجلس الأمن ومنظمات حقوق الإنسان العالمية ظلت صامتة حيال هذه الانتهاكات التي ترتقي إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وذلك لارتباطها بعلاقات مصلحية مع تركيا.
وبهذا الصمت تنتهك تلك المنظمات مبادئها الأساسية التي تشكلت من أجلها، ما يضعها موضع الشك ويفقدها مصداقيتها كمؤسسات دولية حيادية، إذ أن صمتها حيال الهجمات التركية يخرجها من خانة الحيادية ويضعها في خانة الوقوف إلى جانب منتهكي القوانين الدولية.
ولفضح الممارسات التركية هذه، أعدت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، ملفاً مفصلاً عن تلك الهجمات والأضرار التي تسببت بها، موثقة بالأدلة المصورة والشهادات وقدمتها للأمم المتحدة ومكتب الممثل الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن ومجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ومنظمة هيومن رايتس ووتش.
والملفت للانتباه أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وعندما كانت طائراته تقصف المنشآت الحيوية في شمال وشرق سوريا، خرج أمام الملأ واعتبر أن استهداف إسرائيل للمنشآت في قطاع غزة تشكل جريمة حرب وفق القانون الدولي، ولكن لم يخرج مسؤولو المنظمات الدولية ويكشفوا أنه هو أيضاً قد ارتكب جرائم حرب في سوريا.
ولذلك تعتبر الأمم المتحدة ومجلس الأمن مسؤولان بدرجة كبيرة عن المجازر التي ترتكب في مختلف أنحاء العالم، كونهما يدعمان الدول التي تقتل المدنيين، فهم ظلوا صامتين حيال جرائم الحرب التي ارتكبتها تركيا في شمال وشرق سوريا كما زالوا صامتين حيال جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين وقبلها العديد من الجرائم في ليبيا واليمن والسودان وقره باغ وأوكرانيا ومناطق أخرى حول العالم.