في الوقت الذي كانت طائراته الحربية والمسيّرة تواصل قصف البنى التحتية من منشآت نفط وكهرباء وماء ومشافي وصوامع حبوب ومصانع ومدارس في شمال وشرق سوريا، خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وبدأ يخطب في وسائل إعلامه ويندد بقطع إسرائيل الماء والكهرباء عن قطاع غزة، في نفاق واضح وفي ذات الوقت اعترافٍ واضح بأنه ارتكب مجازر.
أمر الرئيس في الـ 5 من تشرين الأول أسراب طائراته الحربية والمسيّرة باستهداف البنى التحتية والمنشآت الحيوية في شمال وشرق سوريا، بحجة أن من نفذا عملية أنقرة مرا من شمال وشرق سوريا رغم نفي قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية هذه الادعاءات التركية التي كانت عبارة عن حجة لمتابعة هجماتها على شمال وشرق سوريا.
في الهجمات استهدفت الطائرات التركية الحربية والمسيّرة عشرات المنشآت الحيوية، حيث تعرضت ما مجموعة 31 منشأة للدمار الكلي والجزئي.
من بين المنشآت التي تعرضت للتدمير، 14 موقع ومنشأة نفطية كانت توفر المحروقات على اختلاف أنواعها لـ 4.2 مليون نسمة.
كما تسبب القصف التركي على محطة السويدية المنتجة للغاز بخروجها عن الخدمة حيث دمرت عفنتان من العنفات الـ 4 التي تولد الكهرباء، حيث احترقت العنفة الثانية بشكل كامل وتضررت الثالثة والرابعة، أما الأولى فكانت قد خرجت عن الخدمة نتيجة قصف الدولة التركية على المنشأة في 23 تشرين الأول عام 2022.
وباستهداف هذه المنشأة توقف امداد غالبية مدن الجزيرة بالكهرباء، من المالكية حتى تل حميس وتل براك، كما توقف إمداد المشافي والمطاحن والصوامع بالكهرباء.
وهذه المنشأة لم تكن تولد الكهرباء فقط، بل هي المنشأة الوحيدة في الجزيرة التي تنتج غاز الطهي، فهي كانت تنتج يومياً قرابة 13 ألف أسطوانة غاز يتم توفيرها لأكثر من 5 مليون نسمة يعيشون في شمال وشرق سوريا، بالتالي حرم أهالي شمال وشرق سوريا من الغاز.
وأيضاً دمرت تركيا 9 محطات للكهرباء في عموم مناطق الجزيرة، ومستشفيين اثنين بشكل كامل، فضلاً عن استهداف محطتي مياه وصومعة حبوب و3 مصانع ومدرسة ما أدى لتدميرها بشكل جزئي.
بعد كل هذه الجرائم التي ارتكبتها الطائرات التركية بأوامر من أردوغان، خرج الأخير يوم الـ 11 من تشرين الأول الجاري على وسائل الإعلام التركية وبدأ يلقي الشعارات وينافق ويحاول كسب ود مشاعر المسلمين والعرب وخصوصاً الفلسطينيين ليبيعهم الأوهام أثناء تعليقاته على الحرب الدائرة في غزة منذ السبت الماضي بعد أن شنت حركة حماس هجوماً على المستوطنات في غلاف غزة تسببت بمقتل 900 شخص بين إسرائيلي وأجنبي كانوا يتواجدون للمشاركة في حفل موسيقي.
هذا الهجوم العنيف من حركة حماس على الإسرائيليين دفع الجيش الإسرائيلي لإطلاق هجوم كاسح على حركة حماس وفرض حصار خانق على قطاع غزة.
أردوغان كعادته حاول التلاعب بمشاعر الفلسطينيين وبدأ يندد بقطع إسرائيل الماء والكهرباء عن قطاع غزة، معتبراً أن أي حرب تعتمد على ضرب البنية التحتية ودور العبادة والمدارس تسمى مجازر متناسياً أنه في الوقت الذي يتفوه بهذه الكلمات كانت طائراته تواصل ضرب البنية التحتية في شمال وشرق سوريا، في نفاق واضح.
أردوغان الذي يحاول الضحك على الفلسطينيين والمسلمين، تجمعه علاقات اقتصادية وأمنية قوية بإسرائيل، فنجله بلال أردوغان يجني ملايين الدولارات شهرياً من وراء التجارة مع إسرائيل، فيما ترسل تركيا الحديد والاسمنت إلى إسرائيل من أجل بناء المستوطنات، حتى الطيارون الإسرائيليين الذين يقصفون غزة يتلقون التدريبات داخل الأراضي التركية.
إذا كان أردوغان صادقاً اتجاه الفلسطينيين كان عليه أولاً إعلان قطع العلاقات بشكل كامل مع إسرائيل، ولكن أردوغان لن يفعلها لأنه سبق له أن تنازل عن دماء الأتراك الذين قتلتهم إسرائيل في قضية سفينة مرمرة التي أرسلت المساعدات لغزة وقتل الإسرائيليون من كانوا على متنها فكيف له أن يفعل ذلك من أجل الفلسطينيين.
في خطابه وبعد أن انتهى ببيع الأوهام للفلسطينيين وتحدث عن جرائم إسرائيل، بدأ بتوجيه حديثه للداخل التركي، وهنا كان لا بد له أن يتفاخر بالجرائم التي ارتكبها بحق أهالي شمال وشرق سوريا، حيث اعترف أردوغان بأن قواته دمرت 194 هدفاً في سوريا وهي عبارة عن منشآت حيوية للكهرباء والماء والطاقة والمدارس وصوامع الحبوب والمشافي، وهو نفسه من اعتبر استهدافها جرماً.
فأدروغان يأمر بقتل الكورد وسكان شمال وشرق سوريا في كل فرصة تسنح له ذلك، وتدمر طائراته سبل العيش في المنطقة وتقضي على الحياة فيها.
وبموجب قوانين حقوق الإنسان، فأنه يحظر استهداف المنشآت التي توفر الخدمات للأهالي وتؤثر على حياتهم بشكل مباشر، وأردوغان دمر هذه المنشآت مرتكباً جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وتظهر العشرات من هذه الأمثلة كيف تنتهك الدولة التركية حقوق الإنسان بسهولة عندما يتعلق الأمر بالشعب الكوردي.
إذن والحال هذه، إذا قام أي فرد بجمع ما يتفوه به أردوغان وما يفعله على أرض الواقع ويقارنها مع بعضها البعض، سواء كان الأمر متعلقاً بالفلسطينيين أو الكورد، سيكتشف حقيقته بسهولة، فأقواله شيء وأفعاله مخالفة لها تماماً، ومثل هؤلاء الأشخاص يطلق عليهم في الإسلام اسم “المنافقون”.
تصريحات أردوغان هذه لاقت الاستهجان من قبل العديد من الشخصيات، حيث تناول العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي تناقضات ونفاق أردوغان بخصوص الفلسطينيين والكورد.
حيث قال الصحفي فريدريك جيردينك، إن أردوغان يقول بأن قطع المياه والكهرباء عن غزة يعد انتهاكاً لحقوق الإنسان. لكنه هو نفسه يقصف مراكز الماء والكهرباء في سوريا. ويقول إن إسرائيل تهاجم المستشفيات ودور العبادة في غزة. ولكنه قام بنفسه بتدمير المساجد والمستشفيات في مخمور وسوريا.
أما الصحفي التركي فهيم تاشتكين، فقال: أردوغان يقول: انقطعت المياه والكهرباء عن غزة، فماذا عن حقوق الإنسان؟
هذا المخلوق الذي يتحدث عن هذه الأمور ترك أكثر من مليوني شخص بدون ماء وكهرباء في شمال وشرق سوريا. أردوغان هو رئيس حكومة بربرية. من يتبنى كلام أردوغان هم أيضاً منافقون.
فيما كتب المدافع عن حقوق الإنسان، ديليمان عبد القادر، يقول: أردوغان يتساءل “ماذا عن حقوق الإنسان؟”
نفذت الدولة التركية الإرهابية قصفاً عنيفاً على الشعب الكوردي في شمال سوريا الأسبوع الماضي. والآن يتحدث عن حقوق الإنسان. وقصفت تركيا المراكز المدنية، مما أسفر عن مقتل العديد من الأبرياء. ومن خلال اتهامه لإسرائيل، يريد إخفاء الجرائم المرتكبة بحق الشعب الكوردي.
ولكن لم يعد أحد في العالم العربي والإسلامي يصدق أردوغان وكلامته عن غزة وعن المسلمين وعن حقوق الإنسان، أردوغان تحول إلى طاغية في تركيا وإلى مجرم حرب عندما يتعلق الأمر بالكورد، وإلى منافق عندما يتعلق الأمر بالمسلمين والعرب منهم خصوصاً، فالعرب حتى وإن كانوا سياحاً باتوا يتعرضون للضرب والإهانة في تركيا.
خلال عام 2012 خرج أردوغان يقول: أؤكد مجدداً أنه من المستحيل أن أجلس يوماً على طاولة واحدة مع الظالم الذي قتل الرئيس محمد مرسي”. وذلك في إِشارة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ولكنه صافحه وتبادل معه الابتسام قبل أيام. وهو نفسه من وصف بشار الأسد بالمجرم والقاتل وأنه لن يلتقي به أبداً ولكنه بدأ منذ أواخر العام الماضي تطبيع العلاقات معه وهو مستعد للقاء الأسد ولكن الأخير هو من يرفض لقاءه.
من يرى أقوال أردوغان وأفعاله فأنه لن يصدقه أبداً، لأنه يفعل عكس ما يقوله دوماً، إنه منافق بامتياز.