شهدت منطقة الشرق الأوسط يومي الـ 5 والـ 7 من تشرين الأول الجاري، هجـ ـمات عسكرية متعددة شنـ ـتها من تركيا ضد شمال وشرق سوريا وحـ ـركة حمـ ـاس ضـ ـد إسرائيل والأخيرة ضـ ـد قطاع غزة والضفة الغربية. ولكن الملفت للانتباه أن هذه الهجـ ـمات الثلاثة استهـ ـدفت المدنيين، ما يبين مدى الانحـ ـطاط الإنساني الذي وصلت إليه هذه الأطراف التي شـ ـنت الهجـ ـمات.
ففي الخامس من تشرين الأول الجاري، شنت تركيا هجوماً جوياً مكثفاً على شمال وشرق سوريا، استهدفت فيها منازل المدنيين والمنشآت الحيوية والخدمية التي تقدم الخدمات للمواطنين.
وفي هذه الهجمات تم تدمير 31 موقعاً حيوياً، حيث خرج 14 موقع نفطي وغازي عن الخدمة، إلى جانب خروج 9 محطات للكهرباء ومشفيين وصومعة للحبوب و3 معامل عن الخدمة بشكل كلي فيما تضررت محطة للمياه ومدرسة بشكل جزئي نتيجة القصف.
كما تسبب القصف بفقدان 8 مدنيين لحياتهم وإصابة نحو 15 آخرين بجراح مختلفة.
وفي السابع من تشرين الأول الجاري، أطلقت حركة حماس هجوماً مباغتاً على إسرائيل، أطلقت عليه اسم “طوفان الأقصى” دخل فيها عناصرها إلى المستوطنات الموجودة في غلاف غزة، استهدفوا فيها العسكريين والمدنيين على حد سواء، مما دفع إسرائيل بالرد عليها عبر إطلاق عملية عسكرية تحت اسم “السيوف الحديدية” وهي الأخرى استهدفت البنى التحتية والمدنيين
وأعلنت إسرائيل إن هجمات حماس أدت إلى مقتل 659 أشخاص وإصابة 2156 آخرين، فيما قالت مصادر إعلامية إسرائيلية إن القتلى بلغوا حدود 700.
في حين تسببت الغارات الإسرائيلية المكثفة على قطاع غزة إلى مقتل 370 شخصاً وإصابة 2200 آخرين بجراح.
غالبية الضحايا والجرحى من الطرفين هم المدنيين، في حين لم تلحق القوات العسكرية إلا خسائر قليلة أغلبها مادية، وهذا يعني أن المدنيين هم الذين يدفعون ثمن هذه الحروب العبثية التي يتم شنها.
هذه الهجمات الثلاثة التركية والإسرائيلية وهجوم حماس، هي هجمات متشابهة لأنها استهدفت المدنيين والبنى التحتية التي تقدم الخدمات للمدنيين وهكذا نوع من الهجمات تصنف وفق القانون الدولي بأنها جرائم حرب.
والملفت للانتباه هو الدور التركي في هذه الحروب، فهي أولاً شنت بنفسها هجمات مباشرة على الأراضي السورية ودمرت البنى التحتية في شمال وشرق سوريا، كما لعبت إلى جانب إيران الدور الأساس في شن الهجمات على إسرائيل من خلال الدعم الذي قدمته لحركة حماس.
فتركيا تقدم المواد التي تدخل في صناعة المتفجرات، وأكبر دليل على ذلك أن الجمارك الإسرائيلية ضبطت مؤخراً 16 طن من المواد المتفجرة ضمن شحنة من الجبصين المرسلة من تركيا إلى قطاع غزة. في حين تلعب إيران دوراً بتزويد حماس بطريقة صناعة الصواريخ ومحركاتها، وعليه فأن الطرفان اللذان يقفان بشكل مباشر خلف الهجمات على إسرائيل هما تركيا وإيران ولكنهما نفذتاه بأيدي حركة حماس التي لولا دعم هذين الطرفين لها لما استطاعت أن تشن هكذا هجمات من منطقة محاصرة من 14 عاماً.
وتلعب تركيا دوراً سلبياً في عموم الأزمات التي تظهر في المنطقة من خلاء إيواءها لقيادات جماعات مصنفة على لائحة الإرهاب لدى الكثير من الدول مثل حركة حماس والإخوان المسلمين والقاعدة وتنظيم الدولة وهيئة تحرير الشام. فمسؤولو الحكومة التركية يستقبلون قيادات هذه الحركات دوماً ويقدمون دعماً لا محدوداً لها ويوفرون لهم جوازات سفر يستطيعون من خلالها التنقل بين مختلف الدول الأوروبية من أجل الحصول على الأموال.
المستفيد الأول من الحرب بين حماس وإسرائيل بالدرجة الأولى هو أردوغان، فهو من جهة يقدم الاسمنت والحديد لإسرائيل وتعمل شركات البناء التابعة له في بناء المستوطنات الإسرائيلية، وفي الجهة المقابلة يبيع الأوهام للمسلمين ويذرف دموع التماسيح عليهم.
فتركيا تربطها علاقات اقتصادية قوية مع إسرائيل ويلعب نجل أردوغان بلال أردوغان عبر البواخر التي يمتلكها دوراً كبيراً في عملية التبادل التجاري بين الطرفين، كما ترتبط تركيا بعلاقات أمنية وثيقة مع إسرائيل والتي بدأت منذ عام 1996 وما تزال مستمرة حتى يومنا هذا، حتى أن الطيارين الإسرائيليين الذين يقصفون قطاع غزة الآن تدربوا داخل الأراضي التركية بناء على هذه الاتفاقات الأمنية.