بدأت تركيا صباح اليوم هجمات جوية واسعة استهدفت العديد من المنشآت الخدمية والمواقع النفطية في شمال وشرق سوريا، بعد تهديدات أطلقها وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الذي كان يشغل سابقاً منصب رئيس الاستخبارات التركية باستهداف البنية التحتية والفوقية في المناطق الكوردية بسوريا والعراق.
الهجمات استهدفت منشآت الكهرباء في الحسكة والقامشلي وعامودا ما أدى لتوقف محطة علوك التي تضخ المياه من رأس العين إلى الحسكة والتي تعتمد على الكهرباء القادمة من عامودا في تشغيلها. كما استهدف قصف الطيران الحربي والمسيّر التركي محطة مياه الركبة في تل تمر، فضلاً عن مواقع نفطية في ناحيتي الجوادية والقحطانية التابعتان لمدينة القامشلي وأيضاً ناحية صرين وقرية تابعة لمدينة كوباني. وعدد من المنشآت الأخرى والقرى في المناطق السابقة الذكر.
هذه الهجمات التركية لها تأثير مباشر على الأمن والاستقرار في مناطق شمال وشرق سوريا، حيث تنشط خلايا تنظيم الدولة الإسلامية وهي تقوض جهود مكافحة التنظيم التي تقودها الولايا الأمريكية التي تقود تحالفاً دولياً ضده يضم أكثر من 80 دولة حول العالم.
وسبق لقوات سوريا الديمقراطية أن أكدت أن الهجمات التركية على المنطقة تجبرهم على التركيز للتصدي لهذه الهجمات ما يمنح الحرية لتنظيم الدولة الإسلامية لتنظيم صفوفه وتنشيط خلايا في المنطقة وهو الأمر الذي لا يريده التحالف الدولي، كون قوات سوريا الديمقراطية تشكل رأس الحربة في الحرب ضد التنظيم بمناطق شمال وشرق سوريا.
الطيران التركي المسيّر والحربي تعمق ضمن الأراضي السورية واستهدف محيط مدينة الحسكة التي تبعد قرابة 68 كيلومتراً عن الحدود السورية التركية، واستهداف هذه المواقع يكشف زيف الادعاءات التركية التي تقول إنها تريد إبعاد قوات سوريا الديمقراطية لمسافة 30 كيلومتراً عن حدودها.
عملياً قوات سوريا الديمقراطية بعيدة عن الحدود لمسافة تصل إلى أكثر من 35 كيلومتراً بناء على الاتفاق المبرم بين روسيا وتركيا بعد الهجمات التركية على مدينتي رأس العين وتل أبيض، حيث انسحبت حينها قسد إلى ما بعد هذه المسافة وتولت قوات حرس الحدود السوري الانتشار في المناطق الحدودية ومناطق التماس ضمن مكان الاتفاق، وسيرت القوات التركية والروسية مئات الدوريات في المنطقة منذ عام 2019.
هذه التحركات التركية يبدو أنها أثارت غضب الولايات المتحدة الأمريكية، حيث دعت الخارجية الامريكية إلى وقف التصعيد والحفاظ على وقف إطلاق النار.
كما عبرت عن قلقها من تأثير هجمات تركيا على جهود محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال مسؤولان أمريكيان لوكالة رويترز، أن الولايات المتحدة أجرت عدة مكالمات مع المسؤولين الأتراك لتحذيرهم من أنهم يعملون بالقرب من القوات البرية الأمريكية.
ولكن يبدو أن تركيا لم تستجب للدعوات الأمريكية، ما دفعها لاستخدام طائرات اف- 16 لإسقاط مسيرة تركية من نوع بيرقدار بالقرب من قاعدة تل بيدر في ريف تل تمر على الطريق الدولي.
وقال المسؤولان الأمريكيان، أن طائرة أمريكية أسقطت بيرقدار التركية.
ولاحقاً أجرى وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن اتصالاً هاتفياً مع ويزر الدفاع التركي يشار غولر حول تحركات الطائرات المسيرة التركية بالقرب من أماكن تواجد القوات الأمريكية.
يبدو أن الاتصال لم يقتصر على الحديث بل ربما وصل إلى حد التوبيخ، كون القصف التركي استهدف المنشآت الحيوية التي تساهم في تحقيق الاستقرار بالمنطقة وتقطع الطريق على تنظيم الدولة لاستغلال الظروف من أجل إعادة تنظيم صفوفه.
فأمريكا قد لا تعارض الضربات التي تستهدف مواقع عسكرية ضمن المساحة التي جرى الاتفاق عليها عام 2019 والتي تتضمن مسافة 30 كم ضمن عمق الأراضي السورية والتي انسحبت منها قوات سوريا الديمقراطية حينها، ولكن الوصول إلى عمق الأراضي السورية ولمسافة 60 كيلومتراً واستهداف منشآت الطاقة من نفط وكهرباء ومنشآت خدمية مثل معامل الثلج والقرميد وغيرها يؤكد زيف الادعاءات التركية ويظهر أن تركيا تسعى للسيطرة على مناطق جديدة في سوريا وهذا من شأنه تغيير موازين القوى على الأرض السورية وهو أمر لا تريده لا أمريكا ولا روسيا ولا إيران، فالجميع يسعى لإبقاء مناطق السيطرة على حالها، لحين التوصل إلى تفاهمات حول الوضع في سوريا.