في الحادي والعشرين من أيلول الفائت، أجرت إيران منـ ـاورات عسـ ـكرية مشتركة مع قوات الحكومة السورية، أشرف عليها بحسب وسائل إعلام إيرانية، قائد فيـ ـلق القـ ـدس التابع للحـ ـرس الثـ ـوري الإيراني، إسماعيل قاآني. وقالت وسائل الإعلام إن المنـ ـاورات المشتركة ركزت بشكل أساسي على التصـ ـدي لما أسمته بالتحـ ـديات العسـ ـكرية والأمـ ـنية التي تواجه الحكومة السورية، ولكن المراقبين يرون غير ذلك.
ويقول المراقبون أن هناك أهدافاً إيرانية عديدة من وراء هذه المناورات المشتركة، أولها إعادة هيكلة قوات الحكومة السورية بما يتناسب مع توجهات إيران في المنطقة ولكي تلعب هذه القوات دوراً شبيهاً بدور فيلق القدس الذي يعد قسماً خاصاً ضمن المؤسسة العسكرية الإيرانية ويمتلك صلاحيات واسعة وميزانية خاصة به، وهذا يعني زيادة النفوذ الإيراني في سوريا عبر مؤسسة الجيش خصوصاً أن طبيعة الحكومة السورية أمنية وتعطي الأولوية للأمن والجيش على حساب القطاع والمؤسسات المدنية.
الهدف الثاني لإيران، هو تقوية الفصيل الموالي لها ضمن الحكومة السورية على حساب الفصيل الموالي لروسيا والفصيل الذي يريد البقاء بعيداً عن روسيا وإيران والتركيز على سوريا فقط. وفي السياق يقول المراقبون أن إيران تسعى لإزالة أية عقبات مستقبلية أمامها في سوريا.
الهدف الثالث هو توجيه رسائل لكل من أمريكا وروسيا بأنه لا يمكن استبعاد إيران في أي توافق مستقبلي بخصوص سوريا، وضرورة ضمان مصالح إيران في سوريا إذا كان الطرفان يرغبان بإيجاد حل يتناسب مع مصالحهما في سوريا.
وأيضاً توجيه رسالة إلى تركيا بأنها لن تستطيع أن تفرض سيطرتها على سوريا عبر اتفاقات أمنية، وكذلك توجيه رسائل إلى إسرائيل والدول العربية بأن إيران باقية في المنطقة وأصبحت قوة إقليمية يجب أخذها بعين الاعتبار في أي تحرك يخص منطقة الشرق الأوسط، وضرورة الحفاظ على مصالحها والبقاء بعيداً عنها.
والهدف الرابع لها، هو حجز مكان لها ضمن عملية إعادة إعمار سوريا والحفاظ على استثماراتها التي حصلت عليها سابقاً في سوريا عبر اتفاقات مع الحكومة السورية.
أما الهدف الخامس، هو الاستعداد لسيناريو انسحاب روسي من سوريا مقابل صفقة مع أمريكا وأوروبا حول أوكرانيا.
الهدف السادس هو مواجهة التواجد الأمريكي في سوريا، بحيث تستطيع إيران أن تضغط من خلال هذه الهيكلة على القوات الأمريكية من أجل إجبارها على الخروج من سوريا. حيث تعتبر هذه المناورات العسكرية رسالة مباشرة لأمريكا بأن إيران باقية في سوريا ولا يمكن إخراجها.
الملفت للانتباه أن زيارة قاأني وإشرافه على المناورات المشتركة جاء بالتزامن مع زيارة بشار الأسد إلى الصين، وهي بحد رسالة مزدوجة للصين والحكومة السورية على حد سواء، أي أن الصين لن يكون بمقدورها التصرف بعيداً عن مصالح إيران في سوريا، وكذلك توجيه رسالة مباشرة إلى بشار الأسد بأن التوجه إلى الصين لن ينفعه للتخلص من النفوذ الإيراني.
وأكد قاأني خلال زيارته لعدد من مواقع انتشار القوات الإيرانية وخطوط الجبهات، بأن هذه الزيارة مهمة وحساسة، وهذا ما يدل على مدى الاهتمام الذي توليه إيران لسوريا نظراً لموقعها الهام الواصل بين طهران بغداد وبيروت.