كشف تحقيق أجرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن شركات الإنترنت الإسرائيلية طورت تكنولوجيا تستغل نظام الإعلانات عبر الإنترنت لمراقبة المدنيين واختراق هواتفهم وحواسيبهم والتجسس عليهم.
وتوصف هارتس الأداة بأنها “مجنونة” نظرًا لقدراتها، ولا يوجد أي دفاع ضدها حاليًا لمنعها من الاختراق، وقد تم بيعها بالفعل لدولة غير ديمقراطية.
يأتي ذلك بعد قرابة 3 أشهر من كشف منصة إيكاد، أكبر اختراق أمني إسرائيلي للعرب عبر إعلانات موجهة على منصات التواصل الاجتماعي.
وتوصل تحقيق إيكاد حينها إلى أن الاختراق يتم عبر شركات تملك غطاءً إماراتيًّا قانونيًّا من خلال شركات استثمار رقمية مسجلة في الإمارات.
وجاء كشف إيكاد بعد موجة إعلانات كثيفة تروج لمنصات استثمار وتداول، أبرزها شركتا “Evest” و”Markets Pro” اللتين ظهرتا بشكل زخم في يوتيوب وتويتر وفيسبوك.
وبعد تحليل روابط الإعلانات لمنصات التداول هذه، اكتشف فريق إيكاد وجود برامج اختراق متطورة يصعب كشفها في أجهزة المستخدم، تعمل على جمع المعلومات من الجهاز المخترَق وإرسالها لعدة جهات فور دخول المستخدم للرابط.
الصحفي ومعد تحقيق “هآرتس” عمر بن يعقوب أشار إلى تحقيق إيكاد في سلسلة التغريدات التي نشرها حول تحقيقه، مشيرًا إلى أنه من الممكن أن تكون هذه التقنيات قد تم استخدامها من قبل شركات أخرى أو الدولة ذاتها هي التي تستخدمها ضد أفرادها.
كما سلط تحقيق هآرتس، الضوء على طبيعة المراقبة المنتشرة في العصر الرقمي، حيث تتمتع شركات التكنولوجيا والمعلنون بإمكانية الوصول إلى معلومات واسعة النطاق حول الأفراد، بما في ذلك الموقع وعادات الشراء واستخدام التطبيقات وتاريخ البحث وحتى التفضيلات والتوجهات الشخصية.
ومع ذلك، أِشار المقال إلى أن هناك معلومة واحدة لا ينبغي للمعلنين الوصول إليها وهي هوية الفرد التي يتم الإعلان له، لكن تطوير أداة التجسس الجديدة يثير مخاوف بشأن الانتهاك المحتمل لسرية الهوية هذه.
إعلان ظاهري وتجسس بالسر
وكشف تحقيق هارتس، الذي يستند إلى مقابلات مع أكثر من 15 مصدرًا من الصناعات السيبرانية والأمنية والدفاعية الهجومية الإسرائيلية، أن مجموعة صغيرة من شركات النخبة ابتكرت تكنولوجيا تستخدم الإعلانات لأغراض هجومية وحقن برامج التجسس.
وتبيع الشركات الإسرائيلية سرًّا التكنولوجيا التي تحول هذه الإعلانات إلى أدوات مراقبة، أو حتى إلى أسلحة قادرة على اختراق أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف.
إحدى هذه الشركات تدعى Insanet، والتي أعلن عن وجودها في تحقيق هآرتس لأول مرة.
تأسست الشركة على يد عدد من رجال الأعمال المعروفين في مجالات الاستخبارات السيبرانية والرقمية الهجومية، وهي مملوكة لأعضاء سابقين رفيعي المستوى في مؤسسة الدفاع الإسرائيلية، بما في ذلك الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، داني أرديتي.
ونجح موظفو الشركة في الحصول على تصريح من وزارة الدفاع الإسرائيلية لبيع التكنولوجيا الخاصة بهم على مستوى العالم، وهو ما فعلته Insanet مع دولة وصفها التحقيق بأنها “غير ديمقراطية”.
ووفقًا لنتائج تحقيق “هآرتس”، فإن هذه هي الحالة الأولى في العالم التي يتم فيها بيع نظام من هذا النوع كتقنية، بدلًا من الخدمة. وقامت شركة إسرائيلية أخرى، وهي Rayzone، بتطوير منتج مماثل وحصلت هذا العام على موافقة من حيث المبدأ لبيعه لعملائها في الدول الغربية، على الرغم من أن هذا لم يحدث عمليًّا بعد.