في الوقت الذي يعاني فيه السوريون من أوضاع معيشية مـ ـزرية، يعيش أولاد المسـ ـؤولين لدى الحكومة السورية حياة البذخ والترف في أفخم الفنادق والمناطق السياحية حول العالم، على حساب لقمة عيش المواطن.
طيلة سنوات الأزمة، انتشرت العديد من مقاطع الفيديو والصور لأولاد مسؤولين لدى الحكومة السورية وهم يركبون أفخم أنواع السيارات ويتنقلون بين العواصم العالمية والمناطق السياحية، والمصايف والشاليهات والنوادي الليلية، في حين كان أبناء الفقراء من الموالين للحكومة يقاتلون على خطوط الجبهات ولسنوات دون أن يحصلوا على إجازات لرؤية عوائلهم، وقتل عشرات الآلاف منهم وتركوا خلفهم آباء وأمهات دون معيل.
فالعديد من أسماء أولاد المسؤولين برزت خلال الأزمة مثل فلك وأنور وسليمان من عائلة الأسد، وعلي ومحمد وباسل وحمزة وجاد من عائلة مخلوف، إضافة إلى باسل آصف شوكت ابن شقيقة بشار الأسد بشرى الأسد، وشهرزاد بشار الجعفري.
هذه الأسماء تعود إلى أبناء العائلات المالكة والمتحكمة بمصير السوريين، فعائلة مخلوف هي التي تسيطر على الاقتصاد، أما عائلة الأسد فهي من تتحكم بالقطع العسكرية أما البقية فهم أولاد مسؤولين سياسيين، يمتلكون ملايين الدولارات والشركات المختلفة في سوريا، ولا ينطبق عليهم أي قانون سوري.
في الكثير من الأحيان، خرج مسؤولو الحكومة السورية وقالوا بأن أولاد المسؤولين هم أيضاً سيؤدون الخدمة الإلزامية، ولكن لم يحصل أيّ من هذا، فالخروج من سوريا قبل سن الـ 42 يحتاج إلى إذن للسفر من فروع التجنيد، وعلى اعتبار أن سوريا تعيش حرباً منذ عام 2011، كان هناك قرار صادر من قيادة القوات لدى الحكومة السورية باستدعاء الاحتياط ومنع تسريح المجندين.
ولكن هذا القرار لم ينطبق يوماً على أولاد المسؤولين لدى الحكومة السورية، ففي الوقت الذي كان أبناء الموالين للحكومة يقاتلون، كان أولاد المسؤولين يتحركون بأفخم أنواع السيارات في شوارع المدن الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، وكانوا يحملون السلاح ويتدربون عليه عبر قتل المواطنين الأبرياء دون أن يتعرضوا للمساءلة والمحاسبة.
مع استمرار الأزمة السورية وتعنت الحكومة في حلها، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات قيصر على الحكومة السورية، ولكنها لم تؤثر قيد شعرة على المسؤولين وأولادهم الذين ظلوا يتنقلون من منطقة سياحية إلى أخرى حول العالم.
وفي الوقت الذي منعت فيه الحكومة السورية، استيراد المواد التي تحتاج إلى عملة صعبة مع استمرار تهاوي الليرة السورية أمام الدولار وفقدان الأخير في سوريا، كان أولاد المسؤولين يأتون بأفخم أنواع السيارات التي تبلغ أسعارها مئات الآلاف من الدولارات، ما يؤكد أن المسؤولين يمتلكون الدولارات وهم من يتسبب بنزيف الليرة السورية.
مع تهاوي قيمة الليرة السورية ووصولها إلى مستويات قياسية في ظل الرواتب المتدنية التي تساوي أقل من 20 دولار ولا تكفي لتأمين الاحتياجات الأساسية للعائلة السورية سوى بضعة أيام، تفاقمت الأوضاع المعيشية أكثر فأكثر مع إصدار الحكومة السورية لقرارات تصب في صالح تجار الحرب والأزمات على حساب الشعب السوري، ما دفع الكثيرين منهم للاحتجاج مجدداً ضد الحكومة السورية.
هؤلاء الذين يخرجون اليوم في احتجاجات هم يعيشون في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة وهم من الموالين لها، لأن المعارضين لها، إما تم تهجيرهم أو هربوا خوفاً من العقاب الذي كان من المحتمل أن يتعرضوا له على أيدي قوات الحكومة السورية.
فعقوبات قيصر لم تؤثر على المسؤولين وأولادهم بقدر ما أثرت على السوريين من عامة الشعب. المسؤول يستطيع الحصول على المحروقات والكهرباء والخبز وجميع مقومات الرفاهية، في حين لا يجد المواطن السوري التعيس الماء والخبز كي يبقى على قيد الحياة.
الآن يعيش أكثر من 90 % من السوريين تحت خط الفقر، أما النسبة المتبقية فهم مسؤولو الحكومة السورية وأولادهم الذين يعيشون حياة الرفاهية والبذخ. وإذا كانت أمريكا جادة في عقوباتها على الحكومة السورية، يجب عليها أن تضع أسماء أولاد المسؤولين على قائمة العقوبات حتى لا يستطيعوا صرف الأموال التي نهبوها من قوت الشعب السوري، في الأماكن السياحية حول العالم وبشراء السيارات وارتياد النوادي الليلة.