في إطار سياستها لتتريك المناطق الخاضـ ـعة لسيطـ ـرتها من الشمال السوري، أطلقت تركيا حمـ ـلة تستهدف نشر لغتها في المناطق التي سيطـ ـرت عليها في الشمال السوري في الفترة من عام 2016 إلى عام 2019.
وفي السياق أطلق ما يسمى معهد “يونس إمره” الثقافي التركي حملة جديدة تستهدف تعليم 300 ألف طفل في المناطق الخاضعة للسيطرة التركية من سوريا، اللغة التركية وإدماجهم في الثقافة التركية.
وافتتح المعهد فرعه الثاني في مدينة الباب، وهو الفرع الثاني بعد فرع أعزاز الذي افتتح عام 2020، كما سيفتتح الفرع الثالث في جرابلس، يوم الاثنين، والرابع في عفرين يوم الثلاثاء المقبل.
وحضر افتتاح فرع المعهد في مدينة الباب، يوم الجمعة، رئيس المعهد شرف أتيش ومنسق ما يسمى “المنطقة الآمنة” في شمال سوريا بالمعهد، فكرت تشيتاك، بالإضافة إلى مديري المؤسسات التعليمية في المنطقة وعدد من رؤساء الجامعات التركية والجامعات العاملة في المنطقة تحت إشراف الحكومة السورية المؤقتة ومقرها تركيا.
وقال أتيش في كلمة خلال افتتاح الفرع الجديد: «هدفنا الرئيسي هو تعليم اللغة التركية لـ 300 ألف طفل في المنطقة»، مضيفاً: «استمراراً لنشر الثقافة وتعليم اللغة التركية سيتم افتتاح فرعين جديدين للمعهد في جرابلس وعفرين… بدأنا حملة تعبئة تركية في جميع أنحاء المنطقة… مراكزنا تعج بالأطفال والشباب».
وتابع: «بتوجيهات من رئيسنا (رجب طيب إردوغان)… نقوم بتدريس اللغة التركية لأكثر من 2000 شخص في مدينة الباب، هدفنا الرئيسي هو تعليم اللغة التركية لـ 300 ألف طفل في المنطقة في المقام الأول».
بدورها، قالت رئيسة فرع «يونس إمره» الجديد في مدينة الباب، هلال تشولاك، إنه حصل على شهادة تعليم اللغة التركية ما يقرب من 1000 شخص في مدينة الباب حتى الآن.
ويأتي التوسع الجديد في افتتاح مراكز تعليم اللغة التركية عبر معهد «يونس إمره» الثقافي، الذي يعد أداة تركيا الرئيسة لنشر لغتها في الخارج، ليضاف إلى ما أكده ناشطون ومراصد تعمل على الأرض في شمال سوريا، من أن تركيا لم تدّخر جهداً لتكريس واقع جديد من خلال تبني ما يوصف بـ«سياسات التتريك الممنهجة»، بعد عملياتها العسكرية الثلاث في المنطقة.
وتدار خدمات الصحة والتعليم والبريد والصرافة والكهرباء والمياه والهاتف، وغيرها من مستلزمات الحياة اليومية، بواسطة مسؤولين وموظفين أتراك، كما استبدلت الليرة التركية بالسورية، وتم إحلال مناهج تركية في المدارس في تلك المناطق.
وافتتحت تركيا فروعاً لبعض الجامعات التركية، مثل جامعة «حران» في شانلي أورفا، شمال سوريا، وتم فرض اللغة التركية في مناطق سيطرة القوات التركية والفصائل لخلق جيل منتمٍ للثقافة التركية.
وتم ربط مناطق سيطرة تركيا والفصائل الموالية لها في ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» بالولايات الحدودية جنوب تركيا: هطاي، وغازي عنتاب، وشانلي أورفا.
ولفت ناشطون إلى أن تركيا عمدت إلى تغيير السجل المدني للسكان الأصليين في المناطق السورية، وسحبت البطاقة الشخصية والعائلية السورية من القاطنين في تلك المناطق واستبدلت بها أخرى تركية.
كما تم تغيير أسماء غالبية الشوارع والأحياء في تلك المناطق، إلى أخرى تركية، وفرض التعامل باللغة والليرة التركيتين، بشكل خاص في مدن الباب وعفرين وجرابلس وأعزاز وأخترين ومارع ورأس العين وتل أبيض.
وتحدثت مراصد حقوقية عن أن سياسات التتريك أخذت طابعاً «أكثر ضراوة» في المناطق ذات الأغلبية الكوردية في سوريا، مثل عفرين ورأس العين وتل أبيض، ما دفع بمئات آلاف الكورد إلى هجرتها. كما تمت إزالة المعالم الكوردية وتغيير الأسماء الكوردية للشوارع والمراكز والأحياء واستبدال أخرى تركية بها، ورُفع العلم التركي وصور إردوغان فوق المدارس والمستشفيات، وجميع المراكز والمؤسسات والساحات، بهدف إحداث تغييرات ديموغرافية جذرية وطمس الهوية الكوردية لتلك المناطق، واستبدال نازحين سوريين بسكانها الكورد الأصليين، خاصة من التركمان القادمين من المناطق السورية الأخرى، أو اللاجئين المرحلين قسراً من تركيا.