في الوقت الذي تواصل فيه تركيا والفصـ ـائل التابعة لها ارتـ ـكاب مختلف الجـ ـرائم في عفرين وتوطـ ـين أكثر من 600 ألف مستـ ـوطن فيها سواء عبر إسكانهم في منازل أهالي عفرين المهجـ ـرين قسـ ـراً أو في عشرات المخيمات التي أنشأتها بالقرب من القرى أو عبر أكثر من 25 مستـ ـوطنة أنشأتها، خرجت تصريحات من المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، قال فيها إن واشنطن لا ترى خطة تركيا بإعادة مليون لاجئ سوري إلى شمالي سوريا، تهدف إلى تغيير ديمغرافي في عفرين شمال حلب.
تواصل تركيا والفصائل التابعة لها، ارتكاب الجرائم في عفرين من قتل واختطاف واغتصاب وسلب واستيلاء على ممتلكات المدنيين التي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
فقد كشف تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا في تقرير لها عام 2019، عن حجم المعاناة التي يعيشها المدنيون في عفرين بسبب الهجمات التركية وسيطرتها على عفرين رفقة الفصائل التابعة لها.
وكشف التقرير حينها أن المدنيين يتعرضون للاعتقال بصورة تعسفية فضلاً عن الاختطاف والاحتجاز كرهائن للحصول على فدية.
وشدد التقرير المقدم الى مجلس حقوق الانسان ليقدم استنتاجات لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا، بناء على التحقيقات التي اجريت في الفترة من 11 تموز 2018 وحتى 10 كانون الثاني 2019، واستندت المنهجية التي اتبعتها لجنة التحقيق إلى أفضل ممارسات لجان التحقيق وبعثات تقصي الحقائق، بحسب التقرير.
وشدد التقرير على انتشار عمليات الاختطاف من أجل الفدية من جانب الجماعات المسلحة في عفرين، مشيراً أنه في بعض الحالات اعيد اختطاف افراد بعد إطلاق سراحهم.
ولفت تقرير اللجنة الدولية المستقلة المعنية بسوريا إلى وجود العديد من الحالات التي تنطوي على عمليات اعتقال واحتجاز تعسفية من جانب اعضاء الجماعات المسلحة، وهي حالات شملت أيضا ادعاءات موثقة بارتكاب عمليات تعذيب وإساءة معاملة، استهدفت في كثير من الأحيان أفرادا من اصل كوردي، من بينهم نشطاء ينتقدون علنا الجماعات المسلحة واشخاص يُنظر إليهم على هذا النحو. وقال التقرير أنه في بعض الحالات أعقب عمليات الاعتقال مصادرة ممتلكات الضحية بما في ذلك المركبات والماشية. وبالمثل،
وقال التقرير إن السكان من جميع انحاء عفرين قد قدموا بانتظام روايات عن النهب الذي تقوم به الجماعات المسلحة والعصابات الاجرامية، وخصوصاً الاستيلاء على موسم الزيتون أو دفع ضريبة ليتمكنوا من جني محاصيلهم.
وخلص التقرير إلى وجود أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن أفراد الجماعات المسلحة في عفرين لا يزالون يرتكبون جرائم حرب تتمثل في أخذ الرهائن والمعاملة القاسية والتعذيب والنهب.
وحينما صدر هذا التقرير كانت تركيا قد بدأت للتو تغيير ديموغرافية عفرين عبر توطين التركمان على الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا في منطقة عفرين، ووطنت في الشريط التالي عوائل عناصر الفصائل الموالية لها بعد أن تم تهجير سكان المنطقة الأصليين بفعل الجرائم التي تم ارتكابها وورد ذكرها في تقرير لجنة التحقيق الدولية.
وكخطوة تالية بدأت تركيا بإنشاء المستوطنات بدعم من قطر وجمعيات إخوانية قطرية وكويتية ومصرية وفلسطينية، حيث بنت تركيا أكثر من 25 مستوطنة في عموم منطقة عفرين، ووطنت فيها عشرات الآلاف من مناطق سورية أخرى بغية تغيير ديموغرافية المنطقة.
وسعت تركيا للتهرب من مسؤوليتها في التغيير الديموغرافي عبر نسب تلك المستوطنات لجمعيات خيرية وإنسانية تسعى لإنشاء منازل للنازحين السوريين، في وقت يعيش فيه مئات الآلاف من النازحين في إدلب دون أن يلتفت أحد لهم، أو يتم إنشاء منازل لهم.
التركيز التركي كان منصباً على بناء المستوطنات في المناطق ذات الغالبية الكوردية، وذلك من أجل تغيير ديموغرافيتها.
وحالياً تعمل تركيا على ترحيل اللاجئين السوريين المتواجدين في تركيا قسراً إلى منطقة عفرين وتل أبيض ورأس العين، وذلك من أجل استكمال عملية التغيير الديموغرافي.
ونتيجة عمليات التغيير الديموغرافي التي أجرتها تركيا تغيرت التركيبة السكانية لعفرين بشكل شبه كامل، حيث كانت نسبة الكورد في عفرين أكثر من 90 % من مجموعة سكان عفرين، في حين أن نسبتهم الآن تبلغ أقل من 20 % نتيجة التهجير القسري وعمليات التوطين التي أجرتها تركيا.
وحتى الآن وطنت تركيا أكثر من 600 ألف شخص في عفرين بعد أن هجرت 400 ألف من سكانها الأصليين، وتمارس الضغوط على القلة القليلة من سكان عفرين الأصليين من أجل دفعهم للهجرة من أجل توطين آخرين مكانهم وجعل منطقة عفرين خالية تماماً من الكورد.
ورغم كل هذا التغيير في ديموغرافية عفرين، خرج المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، بتصريح قال فيه إن واشنطن لا ترى خطة تركيا بإعادة مليون لاجئ سوري إلى شمالي سوريا، تهدف إلى تغيير ديمغرافي في عفرين شمال حلب.
وشدد الدبلوماسي الأمريكي على ضرورة “احترام حقوق جميع السوريين، بما في ذلك حقوق السكن والأرض والملكية لمن بقوا في سوريا، وأولئك الذين نزحوا”، مضيفاً أن الولايات المتحدة “تشجع جميع الأطراف على التصرف بطريقة تعزز التعايش السلمي واحترام حقوق الإنسان”.
تصريحات الدبلوماسي الأمريكي جاءت متناقضة تماماً لما يجري على أرض الواقع في عفرين، ولكنها جاءت في مرحلة أعقبت موافقة تركيا على انضمام السويد إلى حلف الناتو، حيث حاول الدبلوماسي الأمريكي مغازلة تركيا عبر إنكار حقيقة ما يجري في عفرين من تغيير ديموغرافية عفرين.