منذ سيطرة تركيا على الأراضي السورية وهي تحتضن خلايا تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” بكل جرأة، حيث تعرف مناطق سيطرة تركيا بالملاذ والحضن الآمن لـ”داعش”، ومنذ نشأة التنظيم تسانده تركيا وتدعمه بكل الإمكانيات، وتسهل عبور عناصره من تركيا إلى سوريا، وليس هذا فقط، بل تسهل أيضاً عبور عناصر التنظيم من مجمل أوروبا إلى سوريا، وكانت هناك الكثير من الأدلة التي تثبت هذه الأمور، ومن بين تلك الأدلة وردت معلومات مؤخراً عن حصول نائب والي الشام في تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” المدعو “فارس قدورة” على أوراق رسمية من الاستخبارات التركية تسهل عملية تنقله بين الأراضي السورية والتركية.
وأيضاً كانت قد طالبت أوساط سياسية وحقوقية تركية بمحاكمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام المحكمة الجنائية الدولية لمساعدته في تمكين “داعش” والسماح لعناصر التنظيم بالعمل والمرور عبر الأراضي التركية بحرية مما سهل ارتكابهم للجرائم.
وقد طالب الباحث التركي “أحمد يايلا” المحاضر في جامعة جورج تاون الأمريكية، الأدلة التي تؤكد تورط نظام أردوغان في دعم التنظيم الذي ارتكب جرائم ضد الإنسانية بشكل مباشر وغير مباشر.
وقال يايلا في مقال مطول نشره موقع “إنفستجيتف جورنال” إن تركيا كانت مركزاً رئيساً لسفر أكثر من 50 ألف مقاتل أجنبي من داعش، والمصدر الرئيس للمواد اللوجستية للتنظيم، بما في ذلك غالبية العبوات الناسفة التي استخدمها داعش، مما جعل تركيا وداعش حلفاء عملياً.
وأضاف “كان بإمكان تركيا إغلاق حدودها بسهولة، ومنع نقل مقاتلي داعش الأجانب أو مرور الدعم اللوجستي. لكن على العكس من ذلك، ومنذ بداية الصراع في سوريا عام 2011، إما قدم أرودغان دعماً مباشراً وإما استخدم وكلاء لمساعدة التنظيم.
في أدلة جديدة على الدعم الذي تقدمه أنقرة للتنظيمات المتطرفة، كشف تقرير حديث عن دور تركيا في شراء أسلحة ومعدات إلكترونية ومواد لازمة لصناعة المتفجرات، وتوريدها إلى تنظيم “داعش”.
وصدر التقرير عن مركز “بحوث تسليح الصراعات” في بريطانيا، الذي يتعقب حركة الأسلحة والمعدات العسكرية إلى مناطق النزاعات حول العالم، وسلط عليه الضوء موقع “أحوال” الإخباري التركي.
وفي التقرير الذي يحمل عنوان “شبكات المشتريات وراء برامج تسليح داعش”، تم تتبع المشتريات الأكثر تكرارا لتنظيم “داعش” في سوريا والعراق.
وحسب المركز، فإن منشآت تركية صغيرة، مثل متاجر هواتف أو شركات زراعية، كانت تشتري مستلزمات لصناعة المتفجرات، ومنها 6 أطنان من عجينة الألومنيوم التي تدخل في صناعة المتفجرات، وعشرات الأطنان من السوربيتول المستخدم لإنتاج وقود الصواريخ.
وأكد التقرير أن وسطاء أتراك اشتروا هذه المواد وشحنوها إلى سوريا عبر أراضي كانت تابعة لتنظيم “داعش”، الذي دفع أموالا للمهربين ومسؤولي الحدود على جانبي الشريط الفاصل بين سوريا وتركيا لتسهيل نقل المواد.
وتم نقل السوربيتول إلى سوريا عبر معبر أونشوبينار الحدودي، قرب غازي عنتاب.
كما شملت الشحنات معدات إلكترونية ومكونات طائرات من دون طيار وصواريخ وآليات مضادة للطائرات ومكونات لصناعة أسلحة كيماوية، تم شراؤها من أماكن عدة في أميركا الشمالية وأوروبا.
وكانت عمليات التهريب تتم من معابر قرب مدينتي سيفريك وأكشاكالي في محافظة شانلي أورفا التركية، على الحدود السورية.
والنتائج التي توصل إليها المركز تتسق مع اتهامات الحكومة الروسية لتركيا أمام مجلس الأمن، بأن السلطات التركية كانت متواطئة في توريد مواد كيماوية إلى “داعش”.
وكشف التحقيق أيضا أن شركة تركية مقرها إسطنبول دفعت ثمن أسلحة وبرامج وأجهزة لصالح تنظيم “داعش”.
وفي عام 2015، تم توثيق نقل المئات من شكائر سمادة النترات التي تستخدم لصناعة المتفجرات، من الأراضي التركية إلى مناطق نفوذ “داعش” في سوريا عبر منفذ أقجة قلعة الحدودي، الذي أغلق عام 2016.
وذكر التقرير أنه “رغم أن تنظيم داعش قد لا يسيطر على أراض الآن، فإن خلاياه المتبقية في سوريا والعراق أصبحت نشطة بشكل متزايد في عام 2020”.
والجدير بالذكر أنه تم استهداف زعماء وقادة “داعش” بعمليات أمنية عدة ضمن مناطق سيطرة تركيا في سوريا على يد قسد بالتعاون مع التحالف الدولي، ومن أبرز هذه العمليات استهداف زعيم داعش المدعو أبو بكر البغدادي, في إدلب التي كان مختبئاً فيها والواقعة ضمن اتفاقية (خفض التصعيد) التي تديرها نقاط المراقبة التركية.
وكانت قد أوضحت مجلة نيوزويك الأميركية أن العملية جرت في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، ونفذتها قوات عمليات خاصة تابعة للبحرية الأمريكية بعد أن تلقت معلومات استخباراتية حددت موقعه، وكانت هذه العملية ضمن مناطق سيطرة تركيا والفصائل الموالية لها، ومن بعدها توالت عمليات استهداف زعماء داعش في مناطق سيطرة تركيا بسوريا.
وكان من ضمن العمليات أيضاً اعتقال القيادي “أبو البراء” في ريف حلب الواقعة تحت سيطرة تركيا والفصائل الموالية لها، حيث نفذت قوات قسد بالتعاون مع التحالف الدولي ضمن عملية إنزال جوي بخمس مروحيات في قرية السويدة التابعة لناحية الغندورة في ريف جرابلس، مستهدفة قيادي بارز في تنظيم “الدولة الإسلامية” «داعش».
وقتل في العملية عنصران من فصيل “صقور الشمال” ( الفيلق الثاني الجيش الوطني)، الموالي لتركيا وأصيب 4 آخرون جراء استهدافهما من قبل طيران التحالف.