في إطار المخطط التركي لتغيير ديمغرافية المناطق التي تسيطر عليها في شمال سوريا وخاصةً منطقة عفرين بدعم من جمعيات تركية وخليجية وفلسطينية تعمل تحت غطاء «العمل الإنساني» عبر جمع التبرعات من أثرياء أوروبا للضعفاء والمنكوبين فى العالم الإسلامي، بدأت شركة ما تعرف باسم «تطوير الهندسة العقارية» التي يديرها المدعو “عبدو زمزم – محمد حماصر” وشركائهم، و التي تعمل لصالح منظمة (Daniz Feneri )التركية، ببناء مستوطنة جديدة بمحيط قرية كفر صفرة في ناحية جنديرس بمنطقة عفرين، شمال غربي سوريا.
وحسب ما نشرت موقع الشركة على شبكة التواصل الاجتماعي “فيس بوك” فإن المستوطنة تضم 100 كتلة سكنية تتضمن 400 شقة مع مرافقها العامة، على أن تكون جاهزة قبل بداية العام القادم.
وتدعي المنظمة أن بناء المنازل بهدف إيواء مئات العوائل التي تبيت في العراء بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة، إلا أن أهالي عفرين الأصليين وبعد كارثة الزلزال عبروا عن مخاوفهم من ازدياد نشاط بناء المستوطنات على خلفية اسـتغلال تركيا الكارثة بحجة إيواء المتضررين، إذ أكدوا أن الهدف الحقيقي وراء ذلك هو استمرار عملية التغيير الديمغرافي و تغيير هوية التركيبة السكانية للمنطقة.
وعبّر الأكاديمي والخبير الاقتصادي السوري “جلنك عمر” في مقابلة أجرتها وكالة ميديا نيوز التي تنشر باللغة الانكليزية عن المخاوف من استغلال تركيا فيما تسميها بجهود الإعمار في أعقاب الدمار الكبير الذي حدث، لا سيما في منطقة جنديرس والقرى المحيطة بها، والتي لن تكون لصالح السكان المحليين الحقيقيين والكورد الذين ما زالوا في المنطقة.
وأضاف أنه والأرجح أنه سيتم الاستيلاء عليها وإقامة المستوطنات هناك، بهدف توطين العرب والتركمان من خارج المنطقة، بهدف ترسيخ الهندسة الديموغرافية للمنطقة، وتوطــين اللاجئين السوريين المرحلين من تركيا.
وأشار “عمر” أن هناك خشية من مصادرة الممتلكات من هؤلاء الكورد الذين بقوا في المنطقة وتركهم مشردين.
المنظمة التركية متهمة بالعمل الاستخباراتي
كشف تقرير صادر عن شبكة نورديك لمكافحة التطرف – ومقرها ستوكهولم – العام 2019 عن تنفيذ تركيا برنامج لاستمالة و تجنيد الشباب الصحفيين فى أفريقيا وربطهم فكرياً وعملياً بأهداف النظام التركي و سياسات أردوغان، لافتاً إلى أنه بدا واضحاً أن أدوات التدخل الخارجي لنظام أردوغان للتوغل فى أفريقيا لا تقتصر فقط على أدوات التدخل العسكري والعمل الاستخباراتي المباشر بل امتدت إلى الإعلام باعتباره سلاحاً مؤثراً فى حروب الجيل الرابع لتفكيك الدول من الداخل .
وكشف التقرير إسناد النظام التركي مسؤولية تنفيذ هذا البرنامج إلى سفير تركيا السابق – المثير للجدل – فى جمهورية تشاد أحمد كافاز وهو الرجل المعروف بتعاطفه الشديد مع تنظيم القاعدة، و يتم تدريب شباب الصحافيين الأفارقة من خلال اتحاد الباحثين الافارقة African Researchers Association (AFAM) وهى مؤسسة يدير أنشطتها السفير التركي السابق لدى تشاد أحمد كافاز الذى يتفادى عند انتقاء المتدربين أصحاب المناصب القيادية مركزاً على الشباب الإعلاميين الطموحين للمال و أصحاب القيادات الوسطى الطموحين للمال والمساندة أيضا وذلك فى دول بعينها تستهدف تركيا تعزيز أقدامها فيها بأفريقيا.
عمل السفير أحمد كافاز سفيراً لتركيا لدى تشاد فى الفترة من 2013 و حتى 2015 و في فبراير 2013 واجه حملة انتقاد واسعة بعد تغريدة له على تويتر، قال فيها إنه لا يمكن اعتبار القاعدة منظمة إرهابية.
ومن بين الداعمين لبرنامج تدريب الشباب الإعلاميين الأفارقة فى تركيا ظهر اسم ما يعرف بمركز التنسيق والتدريب الأفريقي التركى African Coordination and Training Center (AKEM) التابع لمنظمة دينيز فنري التركية Deniz Feneri التي لها صلة وثيقة بمؤسسة الرئاسة التركية كذارع للتواصل مع أتراك الشتات و تجمعاتهم حول العالم وتعبئتهم كطابور خامس لخدمة الاستخبارات التركية حول العالم ورصد و ملاحقة المعارضين الأتراك فى الخارج لسياسات أردوغان.
وتأسست منظمة دينيز فنري المشار إليها في سبتمبر من عام 2008، وفى العام 2018 أدانت محكمة ألمانية ثلاثة من عناصرها بتهمة اختلاس 6ر18 مليون يورو من أموال التبرعات الخيرية المحصلة من ألمانيا وتحويلها إلى جهات تمويل غير معلومة وتنفيذ أنشطة مشبوهة على الأراضي الألمانية للتجسس على المعارضين الأتراك المقيمن هناك كواجهة عمل للاستخبارات التركية و تمويل أنشطتها الخارجية تحت غطاء جمع التبرعات من أثرياء أوروبا للضعفاء والمنكوبين فى العالم الإسلامي.
وكان ذلك يتم بدعم من حملات إعلانية مكثفة تتم اذاعتها عبر القناة التليفزيونية التركية السابعة التى تمتلكها عائلة “البيرق” التى تعد أكبر العائلات التركية الداعمة لحزب العدالة والتنمية التركي وذات الصلة الوثيقة بالرئيس التركى رجب طيب أردوغان ، حيث أن بيرات البيرق زوج ابنته هوسليل تلك العائلة .
ورصدت جهات التحقيق الألمانية التى حظرت نشاط تلك المنظمة المشبوهة على أراضيها 200 واقعة جمع أموال عبر عناصر تلك المنظمة التركية خلال الفترة من مطلع عام 2002 و حتى أبريل 2007 تحصلت فيها على 41 مليون يورو .
مشروع الاستيطان في عفرين وريفها مسلسل تطول حلقاته منذ سيطرة تركيا والفصائل التابعة لها في الثامن عشر من آذار/ مارس عام ألفين وثمانية عشر، حيث وثقت العديد من المنظمات الحقوقية بناء عشرات الوحدات الاستيطانية بأموال قطرية وتحت مسمى جمعيات خيرية فلسطينية وكويتية، تهدف بالدرجة الأولى لتوطين عوائل عناصر الفصائل فيها، ما قاد بالفعل إلى تغيير لديمغرافية المنطقة بشكل كبير خاصةً بعد تهجير السكان الكورد الأصليين الذين انخفضت نسبتهم هناك من أكثر من خمس وتسعين في المئة قبل دخول تركيا إلى أقل من عشرين في المئة.