قالت تقارير إن هيئة تحرير الشام تقوم بحملة أمنية ضمن صفوفها بإشراف تركي؛ للقبض على مشتبه بهم سرّبوا معلومات عن جهاديين غير سوريين للمخابرات الأميركية والروسية والسورية.
وفي تقرير لجريدة الأخبار اللبنانية ذكرت أن «هيئة تحرير الشام» تعيش أياماً حرجة على خلفية حملة أمنية واسعة ينفذها زعيمها، أبو محمد الجولاني، ضد قياديين في جماعته، بتهمة العمالة للمخابرات الأميركية، وجهات أخرى
وأشار التقرير أنه خلافاً للحملات الأمنية السابقة التي شنّها زعيم «هيئة تحرير الشام»، أبو محمد الجولاني، ضدّ فصائل غير تابعة له، أو تشكيلات وُصِفت بـ«غير المنضبِطة»، تشنّ الذراع الأمنية لـ«تحرير الشام»، هذه المرّة، حملة اعتقالات واسعة داخل صفوف «الهيئة» نفسها، ضمن عمليات تحقيق معقّدة تشرف عليها تركيا، بحثاً عن جماعات وشخصيات قيادية قامت بتسريب معلومات إلى جهات خارجية، على رأسها «وكالة المخابرات المركزية الأميركية» (CIA).
وفي هذا السياق، أوضحت مصادر مطّلعة، أن «القضية بدأت بعدما وصلت معلومات إلى المخابرات التركية أكّدت وجود خلايا تقوم بالعمل لصالح المخابرات الأميركية»، مضيفةً أنه على إثر ذلك «قدّمت أنقرة قائمة مصغّرة تضمّ أسماء عدد من القياديين في الهيئة، بينهم مسؤولٌ أمني، ومسؤولون عن إدارة المعابر، بالإضافة إلى ناشطين إعلاميين، ليقوم الجهاز الأمني التابع لـ”تحرير الشام” باعتقالهم على الفور، قبل أن يبدأ حملة واسعة طاولت حتى الآن نحو 250 شخصاً، بينهم أقرباء عدد من المقاتلين والقياديين في الهيئة».
وإذ أكّدت المصادر أن الحملة لا تزال مستمرّة، فقد أشارت إلى أن «التحقيقات التي تجريها الهيئة تخضع لسرية تامة»، بحيث «يرفض الجهاز الأمني إبلاغ عائلات المعتقلين أيّ معلومات حتى الآن، في وقت تقوم فيه أذرع إعلامية تابعة لـ”تحرير الشام” بنشر معلومات عن تفكيك خلايا استخباراتية تتعامل مع روسيا والحكومة السورية».
وبحسب المصادر، فإن من بين المعلومات التي تمّ تسريبها، خرائط لعدد من المراكز التي تعتبرها «الهيئة» حسّاسة، بالإضافة إلى أسماء «جهاديين» غير سوريين يعيشون في إدلب، وقوائم بخط اليد تشرح الهيكلية التنظيمية لـ«تحرير الشام»، وفصائل أخرى، بينها «حركة أحرار الشام»، مرفقة بقوائم اسمية للمقاتلين في تشكيلات هذه الفصائل، ما يُفسّر النطاق الواسع للحملة، التي تسود شكوك باستغلالها من قِبَل الجولاني لإعادة هيكلة «هيئته»، والتخلص من بعض الشخصيات المشكوك في ولائها له.
على أن المفارقة أن هذه الحملة الأمنية الواسعة تحت ذريعة التعامل مع الولايات المتحدة، تأتي على رغم تعاون زعيم «تحرير الشام»، بشكل شخصي، مع واشنطن والمخابرات الأميركية، لأكثر من مرّة. وقد ساعد هذا التعاون الولايات المتحدة في تنفيذ هجماتها ضدّ عدد من «الجهاديين»، سواء ممّا كان يُعرف باسم «جماعة خراسان»، أو تنظيم «داعش» الذي اغتالت واشنطن زعيمه «أبو بكر البغدادي» عام 2019 بعد عملية إنزال جوي في ريف إدلب قرب الحدود التركية، وخليفته «عبدالله قرداش – أبو إبراهيم القرشي»، في عملية عسكرية مشابهة في ريف إدلب العام الماضي.
وفي هذا السياق، تكشف المصادر أن الجولاني، الذي أبدى تعاوناً كبيراً مع الأميركيين ضمن مساعيه لشطب نفسه وجماعته من قوائم «الإرهاب»، بعد إعلانه الانفكاك عن تنظيم «القاعدة» عام 2016، «يريد أن يحصر التعاون مع الولايات المتحدة ضمن نطاق محدد يقوده بنفسه، بشكل يقدّم فيه معلومات لواشنطن مقابل تنازلات محددة، بما فيها أمنه الشخصي، حيث يتنقّل بشكل علني تحت أنظار المُسيرات الأميركية»، وبما «يمنع خسارته عدّة أوراق تفاوضية كان يعوّل عليها»، خصوصاً أن «هذا الاختراق الأخير أضرّ بالصورة التي يروّجها لنفسه، بوصفه قائداً لجماعة تعمل بشكل مؤسساتي، وتأتمِر بأمره بشكل مطلق»، بحسب المصادر.