قال المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا، جيمس جيفري إن قوات سوريا الديمقراطية بحاجة إلى دعم دبلوماسي أمريكي لصد الهجمات العسكرية والسياسية التي تبذلها تركيا وروسيا وحكومة الأسد، لإضعافها.
وأجرى مركز وودرو ولسون الدولي للعلماء والذي يعرف اختصاراً بـ “مركز ويلسون” ومقره في واشنطن، حواراً مطولاً من أربعة أجزاء مع المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا جيمس جيفري، تناول موضوع داعش والقوات التي تقاتله، وأهم الصعوبات التي تواجهها.
وفي الحوار تحدث المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا، جيمس جيفري عن مناطق تواجد داعش الحالية، وأشار إلى أنه ينتشر في بعض المناطق العراقية وعلى طول نهر الفرات في شمال وشرق سوريا، ولكنه لفت إلى أن التواجد الأكبر هو حيث تتواجد حكومة دمشق في البادية السورية جنوب نهر الفرات وشرق تدمر.
وأوضح جيفري أن أهداف داعش الرئيسية الآن تتضمن استهداف الشخصيات المجتمعية وقوى الأمن، إلى جانب ممارسة التخويف والابتزاز المالي للتجار والمزارعين. وتدريب وإرسال الإرهابيين إلى خارج سوريا والعراق.
وبحسب جيفري فأنه “من الصعب للغاية القضاء على داعش تمامًا، نظرًا لتعاطف السكان العرب المحليين ..”.
وأوضح جيفري أن قادة داعش ينظرون إلى العراق وسوريا كجبهة واحدة، مقدراً عدد إرهابيي داعش بين 8000 و 16000، موضحاً أنه لا يُعرف سوى القليل عما إذا كانوا يعملون بدوام كامل أو بدوام جزئي. مشيراً أن الغالبية العظمى هم من السكان المحليين في مناطق سيطرة داعش السابقة في سوريا والعراق، وأكد أن نسبة المقاتلين الأجانب في داعش تراجعت كثيرًا عن الفترة ما بين 2013 و 2016.
وتطرق جيفري إلى قدرة داعش على تجنيد المقاتلين وقال “يغذي تجنيدها المحلي في العراق وسوريا أيديولوجيتها المعادية للشيعة ومعارضتها للحكومة (المرتدة) في دمشق والحكومة (التي يهيمن عليها الشيعة) في بغداد”، لافتاً أن داعش كان نتيجة ثانوية لما يسمى الربيع العربي وفشل الآليات الأمنية التقليدية في وقف توسع إيران والإسلام الشيعي في المناطق العربية السنية.
وأشار جيفري في رد عن سؤال حول زعيم داعش الجديد محمد سعيد عبد الرحمن المولى، وقال إنه لا يُعرف عنه سوى القليل جدًا. ولكنه لفت أن القيادة العليا لداعش الآن أضعف بكثير منذ مقتل البغدادي عام 2019.
وأوضح أن مستوى القوات وجذور داعش في المجتمعات المحلية هي أصعب أمر يتم مواجهته، وهي تتطلب وقتاً وموارد عسكرية وغير عادية.
وأكد جيفري أن أهم التحديات التي تواجه إدارة بايدن هي أولاً: داعش والقاعدة في غرب إفريقيا. ثانياً، داعش والقاعدة في أفغانستان. ثالثًا، قوة داعش في مناطق سيطرة الحكومة السورية. رابعاً، الخطر الدائم في المناطق العربية السنية في العراق من اندلاع المقاومة الجهادية ضد الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة والنفوذ الإيراني.
وتحدث جيفري عن أعداد معتقلي داعش لدى قوات سوريا الديمقراطية وقال بأن العدد يتراوح ما بين 8 – 9 آلاف معتقل منهم 2- 3 آلاف عراقي، 4- 5 آلاف سوري وأقل من ألفين من دول أخرى غالبيتهم من أوروبا. ولفت بأنه جرى محاكمة بعض الدواعش المحليين في سوريا وترحيل بعض العراقيين إلى بلدهم وإعادة إيطاليين اثنين وعدداً من روسيا.
ولفت أن سجون قوات سوريا الديمقراطية آمنة نسبياً وهذا يتضح “من عدم وجود هروب من قبل مقاتلي داعش” خلال “التوغل التركي الفوضوي في أكتوبر عام 2019″، معتبراً أن أفراد عائلات داعش في المخيمات هم أرضية خصبة لجيل جديد من داعش. وأوضح أن قوات سوريا الديمقراطية حاولت إعادة تأهيل مقاتلي داعش من السوريين ولكن أعدادهم بالمئات.
وتطرق جيفري إلى معتقلي داعش في العراق وقال إن عددهم بالآلاف بينهم ألفان أرسلتهم قوات سوريا الديمقراطية، واعتبر أن النظام القضائي في العراق قاسٍ بشكل عام في التعامل مع معتقلي داعش إذ تم إعدام بعضهم. وأكد أن السجون العراقية آمنة ولكن ولكنها ليست بجودة منشآت قوات سوريا الديمقراطية. مشيراً أنه ليس على علم بأي إعادة تأهيل عراقي مهم لمقاتلي داعش. وقال: “العراق ليس لديه تاريخ من إعادة التأهيل الناجحة. غالبًا ما يعود المقاتلون الجهاديون المفرج عنهم إلى داعش أو الجماعات المماثلة”.
وتحدث المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا جيمس جيفري عن عائلات داعش في مخيم الهول، وأكد أن المخيم يضم حوالي 70 ألف فرد من عائلات داعش نصفهم من العراقيين، ولفت أن نساء داعش في المخيمات ينخرطن في أعمال العنف والترهيب والتلقين المعتادة لأشخاص مهيئين بالفعل لمثل هذا التلقين لأنهم عاشوا في مناطق كان داعش يحكمها سابقًا.
ولكنه أكد بأنه يمكن التحكم في المخاطر التي تنجم عن وجود عائلات داعش في المخيمات من خلال “الحفاظ على القدرات الإجمالية للتحالف لهزيمة داعش وقوات سوريا الديمقراطية والجيش العراقي”.
واستبعد جيفري أن يقوم داعش أو جماعة تخلفه بإقامة “خلافة” في الشرق الأوسط مرة أخرى، ولكنه حذر من صعود حركة إرهابية كبيرة أخرى كما حدث في العراق بين عامي 2004 و 2007 من صعود لتنظيم القاعدة.
ولفت جيفري أن التحالف الدولي بقيادة أمريكا مستمر باستهداف داعش عبر تدريب القوات المحلية وتقديم المشورة لها وتمويل الاستقرار، إلى جانب المشاركة في الأعمال العسكرية بما في ذلك عمليات الإنزال واستخدام القوات الخاصة ضد أهداف خطيرة ويشمل ذلك استهداف مناطق سورية خارج مناطق قوات سوريا الديمقراطية في الشمال الشرقي.
وأكد جيفري أن العراق والشركاء السوريون المحليون – قوات سوريا الديمقراطية ومجلس سوريا الديمقراطية – يلعبون الأدوار الرئيسية في العمليات البرية وتحقيق الاستقرار واستضافة قوات التحالف.
وأوضح جيفري أنه إذا أنهت الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية تعاونهما، فمن المحتمل أن تتمكن قوات سوريا الديمقراطية من احتواء داعش ولكن بصعوبات بسبب افتقارها إلى أي قوة جوية، ولكنه قال بأن هذه القوات لن تستطيع التعامل مع داعش إذا استغلت روسيا وحكومة دمشق الانسحاب الأمريكي للسيطرة على شمال شرق سوريا.
وأكد جيفري على أهمية قوات سوريا الديمقراطية في الحملة العسكرية ضد داعش، وقال إنها قوات حيوية لقمع جهود داعش لإعادة بناء الخلافة في وطنها على طول نهر الفرات. مشيراً أنه لن يكون هناك نهاية لداعش ما دامت الحرب الأهلية مستمرة في سوريا.
وأوضح جيفري أن قوات سوريا الديمقراطية تحتاج إلى دعم دبلوماسي أمريكي لصد الهجمات العسكرية والسياسية التي تبذلها تركيا وروسيا وحكومة الأسد لإضعاف قوات سوريا الديمقراطية أو التعدي على الأراضي التي تسيطر عليها. وأخيراً، فهي بحاجة إلى الاستقرار والمساعدات الإنسانية، وخاصة للمناطق العربية السنية.
وفي ختام حديثه قال المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا، جيمس جيفري، إن إقامة “خلافة” جديدة في الشرق الأوسط من قبل داعش أو أية جماعة تخلفه، تتطلب أحداث كارثية أخرى من شأنها إضعاف الدول العربية الرئيسية وتشتيت انتباه الولايات المتحدة والتحالف الدولي.