أكثر المتشائمين من أعضاء الائتلاف السوري لم يكن يتوقع أن تنزل المصائب بشكل جماعي على رأس الائتلاف وأذرعه خلال هذا العام، فحتى قطر التي تعتبر أكبر داعمي الائتلاف السوري إلى جانب تركيا، يبدو أنها بدأت بالتخلي عنهم بعد القمة العربية التي عقدت في 19 أيار الماضي، وخير دليل على ذلك إيقافها للدعم الذي كانت تقدمه إلى مشفى الراعي.
عام 2023 الذي دخل منتصفه، لم يكن عام خير للائتلاف السوري، إذ استقبل الائتلاف بداية العام على وقع أخبار لقاء وزيري دفاع الحكومتين التركية والسورية ورؤساء استخباراتهما، في موسكو برعاية روسية، كأولى خطوات التطبيع بين البلدين. واستمرت الأخبار السيئة للائتلاف بعقد اجتماع رباعي بين نواب وزراء خارجية الحكومة السورية وتركيا وإيران وروسيا، ومن ثم تبعه اجتماع رباعي بين وزراء خارجية الأطراف الأربع، وسط الحديث عن إمكانية لقاء أردوغان وبشار الأسد خلال الفترة القادمة.
تركيا عازمة على المضي قدماً في تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية، وكابينة حكومتها الجديدة تشير إلى ذلك، حيث عيّن أردوغان رئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان وزيراً للخارجية، والمعروف عن هاكان فيدان بأنه يتولى رئاسة الاستخبارات التركية منذ عام 2010 أي قبل اندلاع الأزمة السورية وحتى الآن، وألتقى بالمسؤولين الأمنيين في الحكومة السورية عدة مرات خلال سنوات الأزمة. فضلاً عن عمليات تسليم المعارضين للحكومة السورية المتواجدين على الأراضي التركية للحكومة السورية والتي كان آخرها ماهر الدغيم و13 ضابطاً أمنياً منشقاً.
لم يكن الخبر السيء من جهة تركيا فقط والتي تعتبر أكبر داعم للائتلاف السوري وذراعه المسلحة الجيش الوطني، بل من الدول العربية التي بدأت بتطبيع العلاقات مع دمشق بوتيرة عالية بعد زلزال السادس من شباط، فهذا الزلزال زلزل الأرض في الشمال السوري كما زلزلها تحت أقدام الائتلاف السوري.
وبدأ قطار التطبيع العربي يسير بوتيرة عالية مع دمشق، وتوج التطبيع بمشاركة بشار الأسد في القمة العربية التي شهدت معها تطورات بالغة الأهمية للحكومة السورية والائتلاف السوري على حد سواء، فدمشق تخلصت من عزلتها العربية بعد 12 سنة من القطيعة وفتحت الدول العربية التي كانت يوماً من الأيام أكبر داعمي الائتلاف السوري وفي مقدمتهم السعودية، وبالمقابل كانت القمة إيذاناً بانقطاع الدعم العربي عن الائتلاف بعد أن وضع الأخير جميع بيضه في السلة التركية وخرج عن المشورة العربية وبدأ يخدم أهداف تركيا في المنطقة العربية.
ولكن الضربة التي أوجعت الائتلاف هو الحديث عن تبادل بشار الأسد أطراف الحديث مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد في القمة العربية. فقطر هي الداعم المالي للائتلاف السوري وليس تركيا لأن الأخيرة تعاني منذ عام 2020 من أزمة اقتصادية خانقة لا تقوى فيه على مساعدة نفسها.
ويقول المتابعون أن وفد الحكومة السورية الذي شارك في القمة العربية اتفق مع الوفد القطري على قطع الدعم عن الائتلاف السوري، وسط تكتم الطرفين عن اللقاءات التي جرت بينهما وما دار فيها.
وكما يقول قراد بن أجدع الكلبي، في بيت شعر: فإن يك صدر هذا اليوم ولى .. فإنَّ غــداً لناظرهِ قــريـبٌ، فقد قطعت قطر التمويل والدعم الذي كانت تقدمه لمشفى الراعي الواقع تحت سيطرة فصائل الجيش الوطني التابع للائتلاف السوري.
يبدو أن الائتلاف السوري وأذرعه قد فقدوا الدعم العربي كله وكذلك الدعم التركي مع بدء قطار التطبيع مع الحكومة السورية بالمسير، وبدأ الائتلاف يستشعر الخطر المحدق به، وهذا ما يبدو جلياً في دعوة هيئة التفاوض، اليوم الأحد، إلى استئناف المفاوضات المباشرة مع الحكومة السورية، تحت إشراف الأمم المتحدة.
خسر الائتلاف كل الدعم المقدم له على مدار السنوات الماضية، ولم يستطع أن يصبح ممثلاً عن السوريين الذين خسروا أرواحهم وممتلكاتهم وشردوا في مختلف أصقاع الأرض، ولكن بعض أعضاءه اكتسبوا لأنهم جمعوا الأموال على حساب دماء الأبرياء من الشعب السوري.