يبدو أن ربيع الائتلاف السوري والجيش الوطني التابع له والمدعومان تركياً قد انتهى، وبدأت تركيا تطبيق بنود اتفاق الاجتماع الرباعي مع كل من الحكومة السورية وروسيا وإيران، إذ كشفت مصادر عن تسليم أنقرة لـ 13 ضابطاً أمنياً منشقاً عن قوات الحكومة السورية إلى الأخيرة بصورة مباشرة.
دخلت الأزمة السورية عامها الـ 13، ولكن طيلة هذه السنوات لم يستطع الائتلاف السوري استغلال الدعم العربي والغربي له في تحقيق تطلعات الشعب السوري، بل على العكس من ذلك تحول إلى حصان طروادة لتركيا وأدخلها إلى الأراضي السورية ظناً منه أن تركيا مخلصة له وللشعب السوري ولم يكلف نفسه عناء العودة قليلاً إلى الوراء عندما تسلم أردوغان الحكومة في تركيا وكيف أنه كان أول رئيس حكومة تركية يطور العلاقات مع الأسد ثم انقلب عليه في أول فرصة سنحت له.
الائتلاف السوري والجيش الوطني ركضوا وراء تطبيق المصالح التركية وطموحات أردوغان العثمانية في سوريا والمنطقة العربية ككل، ونسوا القضية السورية وثورتهم، فتركوا الحكومة السورية وحاربوا مع تركيا الشعب الكوردي وسيطروا على مناطقه وهجروه منها، اعتقدوا أن حياة الرغيد في فنادق إسطنبول ستدوم لهم، لم يشاهدوا كيف أن تركيا التي كانت تدعمهم أصبحت تلهث وراء روسيا أكبر داعمي الحكومة السورية، ولم يشاهدوا ما جرى للإخوان المسلمين في مصر والذين كانوا مثلهم متواجدين في تركيا، وظلوا يصدقون أردوغان حتى بعد أن بدأ بخطو أولى الخطوات نحو التطبيع مع دمشق، وظلوا يصدقونه حتى بدأت حكومته بعقد الاجتماعات الرباعية مع كل من الحكومة السورية وروسيا وإيران هذه الأطراف التي يعتبرها الائتلاف السوري ألد أعداءه، وأغلب الظن سيواصلون تصديق أردوغان بعد كل ما جرى.
الاجتماعات الرباعية التي عقدت في موسكو توصلت إلى بعض القرارات بين الحكومة السورية وتركيا برعاية روسية إيرانية، ومن هذه القرارات تشكيل غرفة عمليات مشتركة بين الأطراف الأربعة على الأراضي السورية والاتفاق على معاداة الإدارة الذاتية وهي مطالب تركية، وبالمقابل فأن مطالب الحكومة السورية كانت إيقاف تركيا دعمها للائتلاف السوري والجيش الوطني وتسليمها المعارضين على أراضيها وصولاً إلى الانسحاب من الأراضي السورية بعد القضاء على الإدارة الذاتية.
أولى الخطوات التي باشرت بها أنقرة كانت تسليم المدعو ماهر الدغيم الذي كان يملك مكتباً للحوالات المالية في إسطنبول وحاصلاً على الجنسية التركية، للحكومة السورية عبر قطر.
وماهر الدغيم هو ابن عم حسن الدغيم مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجـيش الوطني السوري التابع للائتلاف السوري، حيث نشر الدغيم مقطع فيديو من مطار إسطنبول أشار فيه بأن تم سحب الجنسية منه ومنعه من دخول الأراضي التركية، لترد أنباء لاحقاً عن عائلته بأنه تم تسلميه للحكومة السورية عبر قطر.
وقالت وسائل الإعلام المعارضة إن الدغيم تم ترحيله من مطار إسطنبول إلى الدوحة ومن ثم تم نقله عبر طائرة أجنحة الشام الخاصة إلى دمشق ليتم اعتقاله من قبل المخابرات الجوية وينقل إلى سجن المزة.
عملية تسليم الدغيم كانت الأولى، والآن بات قطار تسليم المعارضين والمنشقين يسير جنباً إلى جانب مع قطار التطبيع بين أنقرة ودمشق.
إذ كشفت مصادر أن الحكومة التركية سلمت أمس السبت 13 ضابطاً أمنياً منشقاً عن الحكومة السورية وكانوا منخرطين في الأجسام التابعة للائتلاف الوطني ويقيمون في تركيا، إلى دمشق.
المصادر أكدت أن عملية التسليم هذه المرة لم تحصل عبر وسيط، بل بشكل مباشر، ولفتت أنه تم نقل الضباط المنشقين إلى معبر كسب الحدودي بين الحكومة السورية وتركيا، حيث جرى تسليمهم للمخابرات السورية.
ولم تكتفي تركيا بتسليم الضباط المنشقين، بل نقلتهم أسرهم إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها في الشمال السوري، تحت مسمى العودة الطوعية التي بدأت بها أنقرة وتريد عبرها التخلص من اللاجئين السوريين على أراضيها.
كما يقول المثل الشعبي: “بداية الرقص حنجلة”، ويبدو أن عمليات التسليم هذه هي بداية عملية تسليم أوسع ستقوم بها تركيا بحق أعضاء الائتلاف السوري والجيش الوطني، الذين بدأوا بالفعل بالبحث عن ملاذ آمن لهم خوفاً من أن يصلهم قطار التسليم ويروا أنفسهم بين ليلة وضحاها خلف القضبان في دمشق، وحينها لن ينفع عض الأصابع ندماً.