أحمد خليل
خلال اليوم الماضيين تداولت وسائل الإعلام الموالية للمعارضة السورية وبعض القنوات العربية مقاطع فيديو وصور تظهر الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا وهو يجري تدريبات عسكرية في مدينة الباب، هذه التدريبات لم تلفت انتباه السوريين على اختلاف ولائهم وانتماءاتهم بقدر ما لفت انتباههم علما روسيا وإيران ونصبهما خلف متاريس واعتبارها أهدافاً افتراضية يتم الهجوم عليها. ولكن هل تستطيع هذه الفصائل توجيه رصاصة واحدة للقوات الروسية والإيرانية بدون إذن تركيا وموافقتها؟
المتابع لأحداث الأزمة السورية منذ انطلاقتها وحتى وصولها إلى يومنا الحاضر، حتى وإن لم يكن مطلعاً على السياسة ولا على الجيوش والقوات العسكرية، يكتشف بكل بساطة أن فصائل الجيش الوطني باتوا كمن يكذب الكذبة ويصدقها. فهؤلاء يعتقدون أنهم يحاربون الحكومة السورية ويريدون من السوريين أن يصدقوا كذبتهم، ولكن الحقيقة أنهم لم يحاربوا قوات الحكومة منذ عام 2018 بعد أن انسحبوا من الغوطة والجنوب السوري إلى الشمال السوري الخاضع لسيطرة تركيا بعد صفقة روسية تركية.
هؤلاء عندما كانوا يقاتلون الحكومة السورية، كان جميع السوريين يتابع أخبارهم، ولكن بعدما ارتموا في الحضن التركي، وأتوا بالجيش التركي ليحتل المدن السورية، فقدوا هذه الميزة ولم يعد أحد يتابعهم أو يصدق ما يقولون.
تتالي الأحداث في الأزمة السورية منذ عام 2017 عندما بدأ مسلسل أستانا بين روسيا وتركيا وإيران، أثبت وبدون أدنى شك، أن تركيا بدأت تعمل من أجل مصالحها ولا يهمها الشعب السوري ولا حقوقه التي خرج من أجلها وقدم في طريقها نحو نصف مليون شهيد وأكثر من ثمانية ملايين لاجئ ونازح. ولكن وحدهم الائتلاف السوري وفصائل الجيش الوطني لم يفهموا هذه الحقيقة بل استمروا في تبعيتهم لتركيا وتطبيق مصالحها ظناً منهم أن تركيا لن تتخلى عنهم.
كانوا يظنون أن العلم الثالث -التركي- الذي يرفع في أستانا إلى جانب العلمين الروسي والإيراني، يشارك في أستانا ليضمن حقوق السوريين أو يضمن مشاركة الائتلاف وفصائله في مستقبل سوريا، لم يكونوا يعلمون أن ذاك العلم اصطف هو الآخر إلى جانب الروس والإيرانيين في معاداة الشعب السوري.
حتى وعندما أطلق النظام التركي تصريحات التطبيع مع الحكومة السورية في أيار العام المنصرم، لم يتقبل الائتلاف والفصائل هذه الحقيقة بل برروا لتركيا توجهها نحو التطبيع، ظناً منهم أن التطبيع سيبقى في إطار التصريحات فقط، وعندما بدأت اللقاءات بين النظام التركي والحكومة السورية برعاية روسية وإيرانية أواخر العام الماضي، استمروا في قبول الكذبة التي تقول إن تركيا تقف إلى جانب الشعب السوري وحقوقه.
الآن وقد بدأت الاجتماعات على المستوى السياسي بين الطرفين ولا يستبعد أن يلتقي أردوغان مع بشار الأسد في حال فوزه في الانتخابات، وبالطبع في حال فازت المعارضة التركية بالانتخابات الرئاسية فأنها ستجتمع حتماً مع الأسد، يواصل الائتلاف وفصائله بتصديق كذبتهم التي تقول إن تركيا تقف إلى جانب السوريين وتعادي الحكومة في دمشق.
هؤلاء لم يقرأوا المستجدات على مدار سنوات، فكيف لهم أن يقرؤوها الآن. خسروا الحضن والدعم العربي، ومنذ الحلقة الأولى من مسلسل أستانا فقدوا الدعم التركي، والآن يريدون خداع الشعب السوري عبر تدريبات عسكرية يضعون فيها أعلام روسيا وإيران وراء سواتر ترابية وكأنها أهداف معادية، ولكن نسوا بأنه كان يجب عليهم أن يضعوا إلى جانب هذين العلمين العلم التركي أيضاً لأنه حليف مع إيران وروسيا ضد الشعب السوري وتطلعاته، وهو شريكهم في أستانا ويتوجه لتطبيع العلاقات مع الحكومة السورية وسيقدم في طريقها رؤوس قادات الائتلاف والفصائل -عدا التركمان منهم طبعاً- عربون تطبيع العلاقات.
يقول المثل: من يضحك أخيراً يضحك كثيراً، ولكن يبدو أن قادة الائتلاف والفصائل سيبكون كثيراً في النهاية، وهذه عاقبة من بات دمية بيد تركيا التي تحركهم كيفما تشاء.
ليس بالضرورة أن تعبر المقالة عن رأي الموقع