شدد المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، إلى أهمية التنسيق بين المبادرة العربية مع دمشق، ومسار موسكو الذي يضم روسيا وإيران وتركيا والحكومة السورية، والموقفين الأميركي والأوروبي، للمضي قدماً نحو إيجاد حل سياسي.
وقال بيدرسون لصحيفة الشرق الأوسط إن سوريا تمر بـ”لحظة فارقة” وعلى دمشق استثمار “نافذة الفرصة” للتحرك نحو التسوية، مشيراً إلى أن جميع الدول تدعم مقاربة “خطوة مقابل خطوة” التي تتضمن اتخاذ جميع الأطراف لإجراءات “متوازية ومتبادلة ويمكن التحقق منها”، إزاء قضايا عدة، بينها المعتقلون والسجناء وعودة اللاجئين والعقوبات.
ولفت بيدرسن، أن المشاكل في سوريا عميقة جداً، وليس هناك حل سياسي سهل، مضيفاً: “لكن في الوقت نفسه، نعرف أن هناك إجماعاً دولياً متفقاً عليه بأن قرار مجلس الأمن 2254 هو قاعدة الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية”، معترفاً بأن العملية السياسية لم تحقق التقدم المنشود.
وأشار إلى الاجتماعات العربية مؤخراً مع دمشق وكذلك الاجتماع الرباعي بين تركيا وروسيا وإيران والحكومة السورية، وتابع: “الواقع أن الوضع على الأرض نتج عنه اتخاذ خطوات رمزية من الأطراف كافة، إلا أنها لم تؤد إلى تغيير الوضع على الأرض وتحسين وضع السوريين”.
وأشار أن الحل الشامل للأزمة السورية لم يتحقق بعد، وقال بأنهم بحاجة لتعاون جميع الدول والأطراف، مشيراً أن المطلوب هو على الإجماع للقيام بخطوات ملموسة لتنفيذ القرار 2254، وذلك عبر مقاربة “خطوة مقابل خطوة”.
وأشار أنه حدد بعض الخطوات التي يمكن القيام بها على أساس هذه المقاربة وتابع: “نعرف جميعاً أن ملف المعتقلين والمخطوفين والمفقودين مهم جداً. وكذلك ضرورة توفير بيئة آمنة وكريمة للعودة الطوعية للاجئين. هذه خطوة مهمة. أيضاً، لابد من مناقشة حقوق الملكية والمنازل والأراضي والتوثيق المدني والخدمة العسكرية الإلزامية. يضاف إلى ذلك، السلم الاجتماعي أو أمور باتت أكثر أهمية بعد الزلزال. ولابد أيضاً من مناقشة العقوبات”.
وأضاف: “أجريت مشاورات جيدة مع وزراء خارجية الدول العربية الرئيسية ووزير خارجية سوريا فيصل المقداد. الكل يعرف التحديات الرئيسية لحل الصراع السوري. كما قلت إن الواقع على الأرض لم يتغير، فسوريا مازالت مقسمة. هناك أطراف مختلفة تسيطر على مناطق مختلفة في سوريا، إضافة إلى أزمة اقتصادية وإنسانية خانقة وتحدي الإرهاب والتطرف. وتتحدث الأطراف العربية عن مشكلة إنتاج المخدرات وتهريبها. وكلها أمور تحتاج إلى فهم عميق وتحرك مناسب.
تلقيت رسائل إيجابية من وزراء خارجية عرب عدة للتنسيق مع الأمم المتحدة لمعالجة هذه القضايا. وأتطلع بعد القمة العربية للبحث في كيفية المضي قدماً. كما أنني أتطلع إلى مواصلة التشاور مع مسار موسكو. كما قلت، هناك تقاطعات بين ما يناقشه العرب ومسار موسكو الرباعي. من الأهمية بمكان أن نستمر في التنسيق والتشاور.
لابد من القول، وأكرر، إنه لا يوجد أي طرف من الأطراف يمكنه بمفرده إيجاد حل. لذلك لابد من مشاركة جميع الأطراف. هذا يشمل العرب والأتراك والإيرانيين والروس والولايات المتحدة والأوروبيين والأطراف السورية. أرى أن دوري جمع الأطراف سورياً حول الطاولة لمناقشة كيفية تحريك دفع العملية السياسية وتغيّر الوضع على الأرض بشكل جذري”.
أما عن الخطوات المقبلة التي سيعمل عليها، قال بيدرسن: “نراقب ما يحصل في مسار موسكو والمبادرة العربية والوضع على الأرض، وبناء على ذلك، سنحدد كيفية التحرك مع الأطراف المختلفة لضمان التنسيق مع السوريين والعرب وموسكو والولايات المتحدة والدول الأوروبية”.
وفي رده على سؤال: ماذا ستقول للسوريين في دمشق وإدلب والقامشلي وفي سوريا وخارجها، كي يشعروا بأن وضعهم سيتحسن؟ كيف تقنعهم أن الحل قادم؟
قال بيدرسن: “سأكرر ما قلته سابقا، أتفهم احباطهم بعد 12 سنة من الحرب والصراع إزاء عدم التقدم في العملية السياسية. وأتفهم أن هناك شكوكاً وخيبات كثيرة وأن هناك تحركات سياسية لم تغير الوضع على الأرض. دوري ودور فريقي، أن نجعل من هذا بداية للتغيير الحقيقي وتغيير الأمر على أرض الواقع. إذا لم يحصل هذا، فإننا نخاطر بامتداد الحرب والصراع على مدار سنوات ومزيداً من التدهور في الوضع الاقتصادي والإنساني. فالسوريون يستحقون بصيصاً من الأمل، والعيش بأمن وكرامة سواء داخل سوريا أو لمن يرغبون في العودة وتحقيق تطلعاتهم المشروعة. كما يتوجب إعادة اللحمة إلى المجتمع السوري. هناك حديث بين المسؤولين العرب، حول المصالحة الوطنية. دعنا نأمل أنها بداية لشيء لجديد. هل النجاح مضمون؟ المهم هناك محاولة جدية وقناعة أن الوضع الراهن غير مقبول.
وفي ختام حديثه قال بيدرسن: “أريد العمل على أن تكون جميع الأطراف على الطاولة: الأطراف السورية، دول مسار استانا، الأطراف العربية، والولايات المتحدة والدول الأوروبية. وسأبذل قصارى جهدي لتحقيق ذلك”.
ولكن حتى الآن، لم تتكلف الأمم المتحدة بدعوة ممثلي شمال وشرق سوريا والإدارة الذاتية إلى الاجتماعات التي تعقدها، حيث سيواجه بيدرسن تحدي الرفض التركي ورفض دمشق لمشاركة ممثلي هذه المنطقة التي تعتبر سلة الغذاء ومصدر الطاقة في سوريا، وتحاول جميع الأطراف السيطرة عليها.
وستظهر الأيام القادمة، مدى صدق بيدرسن في جمع جميع الأطراف السورية على الطاولة، أم أنه سيخضع للرفض الروسي والتركي ورفض الحكومة السورية ولن يدعو ممثلي هذا الجزء من سوريا إلى الطاولة التي يسعها إليها.