أكد الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي، ان النظام الحاكم في تركيا لعب على وتر قطع المياه عن العراق في حملته الانتخابية.
وكشفت العديد من الصور ومقاطع الفيديو التي تم تداولها على مواقع التواصل الافتراضي، جفاف مجرى نهر دجلة في محافظة ميسان جنوبي العراق؛ متأثراً بعوامل عدّة أبرزها سد إليسو الحديث النشأة، الذي بنته تركيا، إلى جانب الجفاف الذي يضرب المنطقة بشكلٍ عام.
وأثار شكل تعامل تركيا مع ملف نهر دجلة والفرات؛ ردود فعل الأوساط السياسية في العراق، حيث دعا عدد من البرلمانيين “بالرد على تركيا وعدم السماح لها بالتحكم بشريان الحياة في العراق”.
وتحبس تركيا بواسطة سد إليسو مياه نهر دجلة، في الوقت الذي تحبس فيه مياه نهر الفرات بواسطة سد أتاتورك وتمنع تدفقه إلى الأراضي السورية منذ أكثر من عامين؛ حيث انخفض منسوب مياه الفرات إلى مستويات تاريخية؛ ما يؤثر على حياة الملايين من السكان في البلاد.
ويرى العديد من الخبراء الجيولوجيين أن أحد أسباب الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق في تركيا وسوريا في 6 شباط الماضي، هي السدود الضخمة التي تحبس ما مجموعه 670 مليار متر مكعب من المياه وسط تركيا، حيث ترفض الدولة ضخ المياه وتقليل المخاطر التي تهدد حياة الملايين في تركيا.
وتستخدم تركيا الأنهار العابرة للحدود في إطار الحرب التي تخوضها ضد الشعبين السوري والعراقي؛ حيث تسرق تركيا حصة البلدين من مياه نهري دجلة والفرات منذ 5 أعوام بنسبة تراوح بين 60 و70%.
وقال الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي في حوار مع وكالة “روج نيوز”: “اود التأكيد على ان المتابع يدرك حجم المعاناة العراقية تحديداً بقضية المياه وما أصاب نهري دجلة والفرات من تراجع او انحسار خطير بمنسوب المياه في وديانها؛ حدّاً خلق ظاهرة التصحر والجفاف في بلاد كان يُطلق عليها أرض السواد يوما لخصوبتها وكثافة غاباتها وسيادة الخضرة فيها أما اليوم، فهي ليست إلا الأرض البور اليباب! بخلفية قطع كلي أو نسبي لأمواه الرافدين”.
واضاف بالقول: “الكارثة أن قضية المياه المحجوبة عن مستحقيها من أبناء وادي الرافدين باتت تُتخذ القرارات بشأنها من دون عودة للعراق صاحب القانون على وفق القانون الدولي بخصوص الأنهر الدولية العابرة للحدود حيث حقوق بلدان المصب مثلما المنبع وعلى وفق أطوال جريانها ونسبها بين تلك البلدان، لكن الواقع أكد مراراً تغافل الجارة تركيا لتلك الحقوق الواجبة المنصوص عليها وتجاهلها لعلاقات حسن الجوار او احترام سيادة البلاد وحقوق العباد”.
وتابع انه “لقد وصل الأمر لمستويات بناء سدود بصورة خطيرة تجاوزت قضية حقوق تركيا والأنكى تجاوزها حدود تلبية مصالحها لتتحول أبعد من ذلك على فرض امتلاك المياه المخزّنة خلف سدودها وتحويلها لبضائع تبيعها للعراق او تبادله أموراً تشكل ابتزازا لمعاني العلاقات وأية فرصة لاحترام القوانين الضابطة لها”.
وأشار الى ان “تحويل مياه دجلة والفرات على (قضية نفعية) أو جعلها بضاعة للاتجار والضغط السياسي أوجد أرضية منحت القيادة التركية وأيضا هنا التنافس الانتخابي ميزة الصراع على من يستغل تلك الفخاخ الاستغلالية لمآربه الانتخابية الأمر الذي فتح ثغرة في العملية الانتخابية إن لم نقل أفسدها وصار عامل إفساد للثقافة العامة بما أشاع خطابا شعبويا دعم لغة الابتزاز والضغط على العراق في ظروفه المعروفة”.
وأضافت “إذا كان التعامل مع قضية وجودية بملف الماء بصورة تختزله على ملف نفعي بائس فإن السياسة التي نجابهها لا تنظر إلى معطيات قيمية للقانون الدولي وإلزامها للعلاقات ولتوزيع تلك المادة التي تتعامل معها دول متمدنة متحضرة كما تتعامل مع الهواء إذا كان ذلك هو ما يحدث فإن العراق لا يمكنه ان ينتظر الحل من طرف تركيا ما يُلزِم حكومته بواجباتها تجاه شعب البلاد باتخاذ كل الإجراءات المناسبة لاسترداد الحقوق الأصيلة وبدل حدود كارثية من مياه لا تصل بأكثر من 200 م مكعب في الثانية عبر الفرات مثلا بعد مرور بسوريا لابد من عدم الاكتفاء بوعود لإطلاق 500 متر بالثانية كما تقول تركيا وتناور كي تُفلت من المجابهة مع المجتمع الدولي وقوانينه بل لابد من معاودة منسوب الفرات ومثله دجلة إلى أوضاع تتناسب وأطوالهما الرئيسة الموجودة في الأرض العراقية، وفقا لحديثه”.
واستطرد بحديثه “دعونا نشير إلى أن مفاوضات وزراء لم تنجح على الرغم من ادعاء منح الصلاحية للتفاوض الفني المخصوص حيث تمت إحالة الملف إلى زعامة تركيا (أردوغان) ولكن القضية التي تحولت من قراءة فنية رياضية محسومة إلى سياسية باتت بيد دكتاتور فرد أوقع افدح المشكلات بتركيا وشعبها فماذا سيكون قراره السياسي تجاه الآخرين!؟”.
واكد الدكتور العراقي إنه “كعهدنا بتلك السياسة في تدخلات سافرة تنتهك السيادة وتحتل الاراضي وترتكب بهذا جرائم عدوان وجرائم حرب وأخرى جرائم ضد الإنسانية وليس ملف المياه باستثناء من تلك الاستراتيجية التي اتبعها وأذكّر هنا بأن اختلاق ظواهر الشعبوية من جهة وظواهر الأخونة والعثمنة بتوجهات سياسة تركيا 2023 هي مقدمات لتكريس استراتيجية تتقاطع ومصالح الجوار المشتركة وتوزيع الحصص المائية بعيداً عن ادعاءات التغير المناخي وعميقا في أغوار ممارسة تلك السياسة ونهجها العدواني تجاه الاستحقاقات الواضحة الملزمة لكل الأطراف”.
واشار إلى ان “ملف المياه سيستمر بكونه ملفا بارزا في اللعبة الانتخابية ومن ثم في تكريس استراتيجية عمل لا تحترم القانون الدولي ولا فروضه العليا السامية فليتخذ الشعب العراقي من حملاته الوطنية والدولية ما يفرض به حقوقه على حكومته وعلى دفعها لحماية تلك الحقوق والدفاع عنها في المحافل الدولية بمختلف الوسائل المتاحة في القوانين المعتمدة وبما يملأ الثغرات وأشكال الخلل في التوازن الاستراتيجي بين العراق وتركيا في الظروف الراهنة ولعل كثيرا من الموجبات السياسية يمكن توظيفها اليوم بعيدا عن يتم ترتيب جر العراق إليه بخلاف توجهاته السلمية ومطامحه في الانشغال بعمليات التنمية والبناء والتقدم”.