أغلقت الحكومة السوريّة معبر الطبقة شمالي الرقة الفاصل بين مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، وبين مناطق الحكومة السورية، لإشعار أخر، وبدون معرفة الأسباب.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان نقلاً عن مصادره أن الحكومة السورية أغلقت معبر الطبقة دون معرفة الأسباب، كما منع القائمين على المعبر من جانب الحكومة السورية على دخول المدنيين إلى مناطق الإدارة الذاتية، باستثناء الذين يحملون تقارير طبية.
يشار أن إغلاق معبر الطبقة يتزامن مع إغلاق معبري الوليد وفيش الخابور / سيمالكا من قبل إقليم كوردستان العراق أمس الخميس، إلى إشعار أخر بشكل مفاجئ، مع إيقاف الحركة التجارية بين المنطقتين، فيما تدخلت قوات “التحالف الدولي” للوساطة بإعادة فتح معبر (سيمالكا) لكن دون جدوى.
ويستخدم معبر فيش خابور / سيمالكا في نقل الحالات المرضية المستعصية ويسهل عملية الحركة التجارية بين المنطقتين، ويسهل حركة الزيارات ولا سيما القادمين من الخارج، وبإغلاقه ما ينذر بحدوث أزمة اقتصادية خانقة.
كما يعتبر معبر الطبقة هو المعبر الوحيد الذي يتم منه عبور المدنيين من مناطق الإدارة الذاتية إلى مناطق الحكومة السورية، ولا سيما في نقل المرضى والحالات الإنسانية، كما يستخدم المعبر في الحركة التجارية ودخول المواد الغذائية.
إغلاق المعابر نتاج الاجتماع الرباعي في موسكو
وعن إغلاق معبر فيش خابور/ سيمالكا، ومعبر الوليد كشف محلل سياسي من شمال وشرق سوريا، مقرب من الإدراة الذاتية لموقع «فوكس برس» أمس الخميس، إن إغلاق المعبر مرتبط بالاجتماع الرباعي الذي عقد أمس بين وزراء خارجية الحكومة السورية وتركيا وإيران وروسيا.
وعن الرابط بين الاجتماع الرباعي والمعبر، أشار المحلل السياسي، أن هناك مساعي للتطبيع مع الحكومة السورية من قبل الدول العربية ويقابلها مساعي روسية لتطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة، لافتاً أن التوجه العربي يقوم على حل الأزمة السورية وفق مبدأ خطوة مقابل خطوة، وقال إن المبادرة العربية في حل الأزمة السورية لا ترغبه إيران وروسيا المشاركتان في الاجتماع الرباعي، لأنها تقلل من نفوذهما وتقود دمشق إلى الحضن العربي خصوصاً أن السعودية والإمارات تمتلكان إمكانيات مالية هائلة ومصر تمتلك شركات كبرى وتستطيع هذه الدول عبر أموالها وشركاتها إعادة إعمار سوريا، في حين أن تركيا وإيران وروسيا تمتلك الشركات لكنها تعاني من أزمات مالية كبيرة، خصوصاً إن إيران تشهد انتفاضة منذ منتصف أيلول الماضي لم تخمد حتى الآن وتركيا تعاني من تبعات الزلزال وتعاني من تضخم وتهاوي في العملة، أما روسيا فهي غارقة في أحوال أوكرانيا.
وانطلاقاً من ذلك، قال المحلل السياسي، إن روسيا وتركيا وإيران لهما مخطط حول سوريا، عبر إعادة سيطرة الحكومة السورية على عموم أراضي سوريا، وبشكل خاص شمال وشرق سوريا، مستشهداً بالتصريحات المضللة التي أطلقها وزير الخارجية الروسي حول مساعي الكورد لإنشاء ما أسماه “جيش سوريا الحرة” بدعم أمريكي، وكذلك اتفاق الأطراف على إعادة سيطرة الحكومة السورية على الحدود وعموم الأراضي السورية، مؤكداً أن ما جاء في بيانهم الختامي كان معادياً وبشكل صريح للإدارة الذاتية فقط، ولم يخرج الاجتماع الرباعي بشيء آخر سوى هذه المعادات.
لافتاً أن روسيا وتركيا تريدان فرض حصار شامل على الإدارة الذاتية، لإجبارها على قبول عودة قوات الحكومة السورية إلى مناطقها، بالاستفادة من تجربة انتشار قوات الحكومة السورية على الحدود السورية التركية في منطقة رأس العين بعد الهجمات التركية في تشرين الأول عام 2019 على تلك المنطقة وما تبعها بعد ذلك من انتشار لقوات الحكومة السورية والقوات الروسية في المنطقة.
موضحاً أن روسيا عدا إعادة سيطرة الحكومة السورية على المنطقة، وتريد العودة إلى معبر اليعربية الدولي، وأيضاً التحكم بمعبر الوليد الذي تدخل من خلاله تعزيزات التحالف الدولي وأمريكا، وبالتالي ترى في سيطرة قوات الحكومة السورية على المعبر اسلوباً مانعاً لمرور الدعم الأمريكي وبالتالي خروج القوات الأمريكية من المنطقة.
وعن علاقة إقليم كوردستان وإغلاق معبر بيشخابور مع شمال وشرق سوريا بذلك، أكد المحلل السياسي، أن تركيا تمتلك نفوذاً كبيراً على حكومة إقليم كوردستان العراق، وأن قرار إغلاق المعبر جاء بأوامر أو ربما تهديدات تركية بإغلاق معابرها مع الإقليم في حال عدم رضوخها لهذا الطلب، وهو ما أجبر حكومة الإقليم للرضوخ وإغلاق المعبر.
وقال إن قرار إغلاق معبر سيمالكا، اتخذ في الاجتماع الرباعي الذي عقد أمس في موسكو، وتولت أنقرة تنفيذه عبر إقليم كوردستان، وذلك للضغط على الإدارة الذاتية لقبول توجه قوات الحكومة السورية إلى معبر اليعربية الدولي الذي يرفض العراق الحركة التجارية منه إلا بوجود ممثلين رسميين من الحكومة السورية في ظل السيطرة الإيرانية على مفاصل الحكم في بغداد.
وأشار المحلل السياسي المقرب من الإدارة الذاتية، أن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، لا تعارض وجود ممثلين عن الحكومة السورية في معبر اليعربية الدولي، لأنها جزء من سوريا، وهي لا ترفض دور الحكومة المركزية في التعامل الدولي، منوهاً أن دمشق ترفض وجود ممثلين عنها، بل تريد أن تسيطر على المعبر عسكرياً وهو ما ترفضه الإدارة الذاتية.
مؤكداً أن الإدارة الذاتية لها قوى أمن داخلي متمرسة ومتمكنة وقادرة على ضبط المعبر أمنياً، خصوصاً أن قوات الحكومة السورية لا يمكن الوثوق بها بحسب المحلل، فهذه القوات تفرض الإتاوات على التجار، وتتعامل بانتقائية، فضلاً عن أن مناطق سيطرة الحكومة السورية باتت مصنعاً للمواد المخدرة وخصوصاً الكبتاغون، حيث تخشى الإدارة الذاتية أن تحول الحكومة السورية مناطق شمال وشرق سوريا إلى مناطق مدمنة للمخدرات، علاوة على خشيتها أن يتحول المعبر إلى مصدر لتمرير الكبتاغون المصنع في مناطق سيطرة دمشق إلى الدول العربية، أو حتى الخشية من أن تتمركز فيها مجموعات موالية لإيران وأن تتعرض لهجمات إسرائيلية في ظل التصعيد المستمر بين إسرائيل وإيران وقصف الأولى لمواقع الأخيرة في مختلف المناطق السورية.