من المرتقب أن يُعقد اليوم الأربعاء في العاصمة الروسية موسكو أول اجتماع رسمي بين وزير خارجية تركيا مع نظيره السوري منذ اندلاع الحرب عام 2011 بمشاركة وزيري خارجية روسيا وإيران.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن اجتماع موسكو سيبحث العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلدهم، وسيتناول تشكيل الأرضية اللازمة لعودتهم بشكل «آمن وإنساني وعلى دفعات، ووفق خطة معينة».
ولكنه قال بأن بلاده لن تنسحب من سوريا، لأن “نظام الرئيس بشار الأسد غير قادر حتى الآن على حماية المناطق الحدودية مع بلاده أو تأمين عودة اللاجئين” على حد قوله.
بات واضحًا أن مسار تطبيع العلاقات بين أنقرة والحكومة السورية برعاية «روسية – إيرانية» لا تهدف إلى حل الأزمة السورية بشكلٍ سلمي وإنما لعقد صفقات جديدة على حساب الشعب السوري، حيث يتمثل التقارب في تنفيذ عدة أهداف أولها «ضرب الاستقرار في البلاد عامةً وخاصةً في مناطق شمال وشرق سوريا التي تشهد حالة من الأمن والأمان مقارنةً بباقي المناطق ذات السيطرة المختلفة»، إضافةً إلى أن الاجتماع يهدف إلى نسف المبادرات التي قدمتها الإدارة الذاتية باستمرار لحل الأزمة السورية وذلك بإشراك جميع الأطراف السورية والاستفادة من الأخطاء الكارثية السابقة كما في منصات جنيف وأستانة وغيرها التي لم تُقدّم أي حل لإنقاذ البلاد من حالة الحرب والفوضى، ولعلّ مبادرة الإدارة الذاتية الأخيرة أيضًا يمثّل الأمل الوحيد للسوريين للخلاص من الحرب والمعاناة الممتدة منذ 12 عامًا.
الاجتماع الرباعي في موسكو لا تختلف عن باقي الاجتماعات أو المنصات التي حصلت طيلة أعوام سابقة والتي كانت تحت مسمى حماية السوريين، إلا أنها لا تخص السوريين، بل هي ضد السوريين وسينعكس سلبًا بشكل أكبر عليهم، إذ أن الاجتماعات السابقة التي حصلت بين هذه الأطراف أثبتت أنها عمّقت مأساة الشعب السوري والتي جرت فيها اتفاقيات لا تدخل في صالح السوريين حيث سلمت بموجبها غوطتا دمشق ونصف العاصمة وحمص وشمالها ،وحلب وغربها، وجنوب ادلب وشمال حماه ومناطق أخرى إلى الحكومة السورية وبالمقابل حصلت تركيا على مناطق أخرى من ضمنها عفرين في إطار صفقات بين هذه الأطراف كانت ضحيتها الشعب السوري الذي عانى كثيرًا من هذه الاتفاقيات ومصالح الأطراف.
مساعي أردوغان للتطبيع هذه جاءت أيضًا من أجل التخلص من ملف اللاجئين السوريين قبيل الانتخابات، حيث تعهد أردوغان بتسريع إعادة نحو 4 ملايين لاجئ ومهاجر سوري فروا إلى تركيا هرباً من الفقر والحرب في بلدهم والتوصل الى اتفاق مع دمشق يعد شرطاً لتلك العملية وذلك بعد أن استثمر بورقة اللاجئين لأكثر من عقد من الزمن في سبيل مصالحه سواءً في سوريا أو مع الدول الأوربية.
ترحيل اللاجئين السوريين قسرًا إلى سوريا سيشكل خطرًا حقيقيًا على حياتهم خاصةً وأن الجميع فروا من سوريا لأسباب أمنية وهذا ما شكّل مصدر قلق كبير لهم من الخطوات التي تقوم بها أنقرة مع دمشق وجعلهم قربانًا لتوظيف قضيتهم في الحملات الدعائية للانتخابات المزمع إجراؤها في 14 من الشهر المقبل وإعادتهم قسرًا إلى سوريا.
التقارب بين أنقرة ودمشق يتمثل في عقد الطرفين صفقة حيث تتعهد الأولى العمل على تصفية أي فصيل يعارض التطبيع في حين تتعهد الحكومة السورية بالاتفاق سويةً على محاربة الإدارة الذاتية.