يبدو أن شهر أيار لا يحمل الخير للائتلاف الوطني السوري، فهذه ثاني ضـ ـربة يتلقاها في هذا الشهر خلال العام الفائت والجاري، الضـ ـربة الأولى كانت من تركيا أكبر داعميها التي بدأت في أيار العام الماضي بإطلاق تصريحات تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية وبدأت خطوات عملية في هذا الإطار، والضـ ـربة الثانية كانت في الـ 7 من أيار الجاري عندما وافق العرب على إعادة الحكومة السورية إلى الجامعة العربية.
فعندما اندلعت الثورة السورية في الـ 15 من آذار عام 2011، أفضت تداعياتها خصوصاً استخدام الحكومة السورية العنف المفرط ضد المتظاهرين، إلى تعليق عضوية دمشق في الجامعة العربية.
بيْد أن الحضن العربي قرر اليوم أن يفتح ذراعيه للحكومة السورية، لملء مقعدها الذي ظل شاغرا طيلة السنوات الماضية، بعد أن تبنى وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم، أمس الأحد، عودة دمشق، ضمن “مبدأ الخطوة مقابل الخطوة”.
قرار جامعة الدول العربية، نص على استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات مجلس الجامعة وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها اعتباراً من يوم 7 أيار.
وأكد المجلس على تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا، ووحدة أراضيها، واستقرارها وسلامتها الإقليمية، والتأكيد على أهمية مواصلة وتكثيف الجهود العربية الرامية إلى مساعدة سوريا على الخروج من أزمتها انطلاقاً من الرغبة في إنهاء معاناة الشعب السوري، واتساقاً مع المصلحة العربية المشتركة والعلاقات الأخوية التي تجمع الشعوب العربية كافة”.
كما أكد البيان على ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج نحو حل الأزمة، وفق مبدأ الخطوة مقابل الخطوة وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، بدءا بمواصلة الخطوات التي تتيح إيصال المساعدات الإنسانية لكل محتاجيها في سوريا، وبما في ذلك وفق الآليات المعتمدة في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
هذا القرار أراح الحكومة السورية، ولكنها سببت صدمة للمعارضة التي تتخذ من تركيا مقراً لها ونقصد هنا الائتلاف السوري الذي وضع كل بيضه في السلة التركية، وعمل على تطبيق أجنداتها ليس في سوريا فحسب بل في عموم المنطقة العربية.
ففي الوقت الذي كانت فيه الدول العربية للتخلص من جماعات الإسلام السياسي في مصر وليبيا وتونس، كان الائتلاف السوري يقف خلف تركيا ويدعم تلك الجماعات، ووصل به الأمر بأن أرسل الآلاف من عناصر الفصائل التابعة له إلى ليبيا ليقاتلوا من أجل المصالح التركية، فحولوا السوريين إلى مرتزقة وما زال الآلاف منهم هناك يحرسون الجنود والمصالح التركية في ليبيا.
يقول العرف السياسي، أن المعارضة السياسية في أي دولة مقبولة وضرورية، لكن في الحالة السورية، فأن الائتلاف السوري أثبت أنه مرتبط بجهة خارجية سيطرت على أراضي سورية وهجرت سكانها ووطنت آخرين في مكانهم، وبالتالي فأنه بعودة الحكومة السورية إلى الحضن العربي سقط عن الائتلاف مسمى المعارضة السورية.
ما يؤكد ذلك البيان الذي أصدره الائتلاف اليوم تعقيباً على قرار وزراء الخارجية العرب حول عودة الحكومة السورية لشغل مقعد سوريا في الجامعة العربية، فبيان الائتلاف عبر صراحة عن استيائه من هذا القرا.
وقال الائتلاف إن “الشعب السوري قد عاد اليوم وحيداً دون دعم رسمي عربي”؛ مشيراً أن القرار “يعني التخلي عن السوريين وعن دعم مطالبه المحقة”.
ولكن قرار الجامعة العربية واضح لجهة التأكيد على الرغبة العربية في إنهاء معاناة الشعب السوري، والتأكيد على ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج نحو حل الأزمة، وفق مبدأ الخطوة مقابل الخطوة وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، وهو ذات القرار الذي يطالب به الائتلاف السوري، ولكن يبدو أن عودة الحكومة السورية لن تحقق غاية الائتلاف في السيطرة على الحكم.
الائتلاف السوري بدأ يخشى على مصيره بعد بدأ اللقاءات بين الحكومة السورية والنظام التركي أكبر داعمي الائتلاف، خصوصاً أن هناك تجارب عديدة لتخلي تركيا عن الأطراف التي دعمتها عندما انتهت حاجتها بهم، وكان الائتلاف يتقوى بالدول العربية على أمل أن يتوجه إلى حضنها إذا سلمتهم تركيا للحكومة السورية، ولكن الائتلاف تلقى الصدمة بأن العرب أعادوا الحكومة السورية إلى الحضن العربي وبالتالي لم يعد لهم حضن يلجئون إليه بعد الآن.
وأمام هذا الوضع، يبدو أن الائتلاف السوري بات أمامه طريقان فقط، الأول هو العودة إلى حضن الحكومة السورية وطلب المغفرة منها ودفع ثمن ارتماءها في أحضان طرف خارجي، والثاني هو الاستمرار مع تركيا التي ضحت بهم سلفاً من أجل مصالحها، وستخيرهم في نهاية المحطة بين العودة إلى حضن دمشق أو التوجه نحو الدول الأوروبية وتقديم طلب لجوء فيها كأشخاص عاديين وليس سياسيين وحينها ستقرر تلك الدول الأوروبية فيما كان بلدهم سوريا أمناً لترفض طلبهم وتسفرهم إليه أو أن تقبل بهم كلاجئين وتضعهم تحت اختبار القبول في مخيمات اللجوء.