مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا والمقررة في الـ 14 من أيار الجاري، وفي ظل تصريحات مسؤولي حزب العدالة والتنمية بأنهم لن يتخلوا عن الحكم حتى ولو خسروا في الانتخابات، زار رئيس حزب هدى بار الكوردي المصـ ـنف بأنه إرهـ ـابي إقليم كوردستان العراق وألتقى مسعود البارزاني والجبهة التركمانية وأحزاب إسلامية أخرى، فما سبب هذه الزيارة؟
يوماً بعد يوم، تقترب الانتخابات البرلمانية والرئاسية في تركيا والمقرر إجراؤها في الـ 14 من أيار الجاري، ومعها يزاد السباق بين تحالف حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية وتحالف الطاولة السداسية بقيادة حزب الشعب الجمهوري وأحزاب انشقت عن حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية خلال السنوات الماضية.
وتشير استطلاعات الرأي في تركيا، أن تحالف الطاولة السداسية ومرشحها للرئاسة كمال كليجدار أوغلو يتقدمون على تحالف حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية ومرشحهما للرئاسة رجب طيب أردوغان.
كما تشير استطلاع الرأي أن 20 % من الشباب سيصوتون لأردوغان في الانتخابات، حيث يشكل الشباب شريحة كبيرة لا يستهان بها تقدر عدد أصواتهم بنحو 8 ملايين صوت، حيث اعتبر الشبان أردوغان سبباً للتضخم وعدم توفر فرص العمل والقضاء على حرية التعبير، ولذلك يريدون تغييره في الانتخابات.
وأمام هذه المعطيات، وخلال خطبة عيد الفطر، اتهم أردوغان المعارضة بأنها تعادي الدين الإسلامي، وسرعان ما ردد مسؤولو حزب العدالة والتنمية ووزراء أردوغان هذه التصريحات في كلماتهم أثناء الاجتماعات الانتخابية، وكان أكثر تلك التصريحات وضوحاً وكشفاً للحقيقة ما قاله وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، الذي اعتبر فوز المعارضة “انقلاباً من الغرب وأنه لن يسمح بذلك”، ليتبعها بعد ذلك بتهديدات بعدم ترك الحكم حتى لو خسروا الانتخابات لأن المعارضة إما كافرة أو عميلة للغرب!
في ظل تيقن أردوغان وتحالفه بخسارة الانتخابات، فأنهم يخططون ويمهدون عبر هذه التصريحات لخلق حالة من الفوضى والاقتتال الداخلي في تركيا، وبذلك يستطيع أردوغان الذي يعتبر رئيساً في ظل نظام حكم الرجل الواحد، إصدار حالة الطوارئ والبقاء في الحكم لفترة أخرى وخلال هذه الفترة سيتولى تصفية المعارضة وإلقاء القبض على المعارضين بتهمة خلق الفوضى والحرب الأهلية في البلاد، خصوصاً أنه يمتلك تجربة مماثلة بعد الانقلاب المزعوم عام 2016.
مخطط أردوغان هذا دفع المعارضة، للتحذير منه، خصوصاً أن من بين المحذرين من هذا المخطط أحمد داوود أوغلو الذي كان وزير لخارجية أردوغان أثناء تدخله في سوريا وهو العقل المدبر لمثل هذه المؤامرات، ففي عام 2013 وخلال حديث بين أردوغان ووزراء دفاعه خلوصي آكار ورئيس الاستخبارات هاكان فيدان وكذلك أحمد داوود أوغلو حول سوريا، قال الأخير بأن تأمين التدخل التركي في سوريا أمر سهل ويكفي إرسال 4 أشخاص إلى الطرف السوري وإطلاق عدة قذائف نحو تركيا وبذلك تكون هذه حجة لتركيا بالتدخل في سوريا عسكرياً.
المعارضة التركية بدأت تحذر الشارع التركي من هذا المخطط ويقولون بأن هذا المخطط بات جاهزاً مع قرب الانتخابات.
وما يدعم ذلك ويعززه، هو تحالف رجب طيب أردوغان مع حزب الله الكردي المعروف باسم “هدى بار أو حزب الدعوة الحرة” رغم أن أصوات هذا الحزب لا تزيد عن 150 ألف صوت فقط، فهذا الحزب هو صاحب ماضي إرهابي ومتطرف دينياً.
وخلال أحد تصريحاته، طالب رئيس حزب هدى بار، زكريا يابجي أوغلو من أنصاره “بالاستعداد ليلة الانتخابات في حال كان فارق النتائج قليلا أو بسيطا”.
هذه التصريحات من زعيم حزب إسلامي معروف بصفته الإرهابية وعمليات القتل التي نفذها أعوام التسعينيات من القرن الماضي بحق النشطاء الكورد، تعيد إلى الأذهان استخدام السلطة التركية حينها لهذا الحزب في تصفية خصومها وإغراق البلاد بالعنف والفوضى.
ولكن زكريا يابجي أوغلو زار قبل أيام إقليم كوردستان العراق لأول مرة وألتقى عدداً من الأحزاب السياسية هناك، مما طرح الكثير من التساؤلات حول هذه الزيارة وأسبابها، خصوصاً أنه أجرى لقاءات مع أطراف إسلامية وأخرى محسوبة على النظام التركي.
حيث زار رئيس حزب هدى بار زكريا يابجي أوغلو، الجبهة التركمانية العراقية المعروفة بولائها للنظام التركي والصور التي ألتقطها زعماء هذه الجبهة مع رجب طيب أردوغان تكشف ذلك.
كما زار يابجي أوغلو ولأول مرة رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني، مسعود البارزاني لأول مرة في مدينة صلاح الدين.
كما اجتمع مع رئيس حكومة إقليم كوردستان، مسرور البارزاني وعضو المجلس التنفيذي للجبهة التركمانية العراقية “أيدين معروف”، في مكتب الجبهة التركمانية في أربيل.
كما التقى “يابجي أوغلو” بزعيم حزب الحركة الإسلامية (بيزوتنيوي الإسلامي) الشيخ عرفان علي عبد العزيز في مقر الحزب في أربيل.
وفي آخر زياراته، التقى برئيس الحزب الإسلامي العراقي “رشيد الزاوي” في مكتب تمثيل الحزب الإسلامي العراقي في أربيل.
وقال “يابجي أوغلو” أنه تبادل خلال هذه الاجتماعات، الآراء حول الوضع السياسي الحالي في كل من تركيا والعراق، ولفت الانتباه إلى زيادة تطوير العلاقات بين حزبه وهذه الأطراف العراقية التي يمتلك العديد منها مجموعات مسلحة خارج المنظومة العسكرية العراقية.
وأثارت هذه الزيارة واللقاءات التي أجراها رئيس حزب مصنف بأنه إرهابي ومتحالف مع أردوغان في الانتخابات الكثير من التساؤلات لدى وسائل الإعلام التركية وخصوصاً المعارضة منها والتي كشفت عن بعض فحوى اللقاءات التي لم يتطرق لها يابجي أوغلو.
وقالت وسائل الإعلام التركية وخصوصاً المقربة من أحمد دواوود أوغلو الذي أشرف بشكل شخصي على تدريب لشكري روج في معسكرات خاضعة للحزب الديمقراطي الكوردستاني، أن زيارة يابجي جاءت بتوجيه من أردوغان إلى الرئيس مسعود بارزاني، حيث طالب أردوغان بإيصال رسالة بأنه حان الوقت ليستخدم الأموال التي استثمرها في تدريب وتسليح لشكري روج وذلك في الانتخابات التركية، إذ طالب بتجهيز مجموعات من لشكري روج وإرسالهم إلى تركيا، من أجل استخدامهم يوم الانتخابات في إحداث فوضى في البلاد في حال كانت نتائج الانتخابات لم تكن لصالحه.
وسبق أن انتشرت الكثير من الصور لأحمد داوود أوغلو عندما كان وزيراً للخارجية في حكومة أردوغان وهو يزور لشكري روج في معسكرات بإقليم كوردستان، وقال أوغلو حينها أن الاستخبارات التركية هي من تشرف على تدريب هذه المجموعة المسلحة، ولفت أنه سيتم استخدامهم وقت الحاجة، ومنذ بداية الأزمة السورية لم يتحرك لشكري روج أبداً بل ظلوا في المعسكرات الخاضعة للحزب الديمقراطي الكوردستاني وكانوا يتقاضون أجورهم شهرياً، حيث تقول العديد من المصادر أن النظام التركي هو من يدفع رواتبهم حتى الآن.
والملفت للانتباه أن الجبهة التركمانية العراقية الموالية لأردوغان هي الأخرى تمتلك تشكيلات مسلحة خارج المنظومة العسكرية العراقية وسبق أن نشر أرشد الصالحي القيادي في الجبهة صوراً له مع هذه التشكيلات التي يقال أيضاً بأن الاستخبارات التركية هي من أشرفت على تشكيلها وتدريبها وتسليحها وتمويلها،.
وقالت وسائل الإعلام التركية أن يابجي طلب من الجبهة التركمانية أيضاً تجهيز المسلحين لإرسالهم من أجل التحرك يوم الانتخابات بناء على الأوامر التي سيتلقونها من أردوغان في ذلك اليوم.
كما أشارت وسائل الإعلام التركية المعارضة أن زيارة الأحزاب الإسلامية في العراق وإقليم كوردستان كان لنفس الغاية عبر دعم حزب هدى بار ببعض الشخصيات الجهادية التي ترى في خسارة أردوغان خسارة لها في تركيا.