يعيش اللاجئون السوريون في لبنان أوضـ ـاعا مأسـ ـاوية زادها سوءً تغذية الفـ ـكر العنـ ـصري مؤخراً من طرف السلطة وبعض الأحزاب وحتى النقابات العمالية التي باتت على صوت واحد تنادي بإخراج السوريين وطـ ـردهم، وسط شـ ـن الأمن اللبناني حمـ ـلة مداهـ ـمات واعتـ ـقال السوريين وتسلـ ـيمهم للفـ ـرقة الرابعة أو نقلهم إلى الحدود لإجبـ ـارهم على العودة.
ولا تزال مسألة الإعادة “العشوائية” غير المدروسة للاجئين السوريين في لبنان تثير رعب هؤلاء ومحاولة المنظمات الحقوقية التي دعت إلى توخي الحذر وتجنيب العائدين من كوارث إنسانية محتملة في صورة استمرار الترحيل القسري بدون أي ضمانات واتفاقات بين دمشق والمجتمع الدولي حتى لا يكون هؤلاء لقمة أخرى في يد السلطة التي تنتظر عودتهم بشغف سيما أن أغلبهم من ” المطلوبين” لديها وتستعد لمحاسبتهم والزج بهم في المعتقلات” التي وصفها أحد التقارير الحقوقية سابقا بـ ” غوانتانامو الشرق“.
ويعد الإعادة القسرية للاجئين السوريين من لبنان، انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان وخصوصاً أنه يعرض حياتهم للخطر أو انتهاكات جسيمة واضطهاد، فسوريا بلد غير آمن وهو ما تؤكده المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والعديد من التقارير البرلمانية الصادرة عن دول الاتحاد الأوروبي وغيرها، إضافةً إلى ما وثقته الكثير من تقارير المنظمات الحقوقية الدولية والسورية من تعرض العديد ممن تم اعادتهم قسراً الى سوريا إلى القتل خارج القانون أو التعذيب والاختفاء القسري والاضطهاد من قبل الحكومة السورية.
وأمام هذا الوضع، تقف المعارضة السورية موقف المتفرج العاجز عن فعل شيء، فالائتلاف السوري الذي يسكت على انتهاكات السلطات التركية بحق اللاجئين السوريين في تركيا، لا يستطيع الحديث عن ما يتعرض له اللاجئون السوريون في لبنان، خشية تعرضها لانتقادات شديدة لصمتها عن ما يتعرض له السوريون من إعادة قسرية ومعاملة عنصرية في تركيا.
فالائتلاف بات معروف الولاء لتركيا، ولا يستطيع الخروج عن قراراتها، وبالتالي سكوته عن أفعال تركيا تجبره على السكوت عن أفعال مشابهة يتعرض لها السوريون في مناطق سورية أخرى.
وفي سياق متصل، قال حقوقيون وأقارب للاجئين سوريين احتجزتهم قوات الأمن في لبنان ورحلتهم إلى سوريا إنهم يُعتقلون ويُجندون قسرا لدى عودتهم إلى وطنهم الذي تمزقه الحرب.
وقال البعض إن الفرقة الرابعة في قوات الحكومة السورية تحتجز أقاربهم.
ويؤوي لبنان زهاء 800 ألف سوري مسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين عقب فرارهم من بلادهم منذ تفجر الحرب فيها عام 2011، وتقول السلطات اللبنانية إن العدد الفعلي للسوريين في لبنان مليونَا شخص.
وقال أحد اللاجئين لوكالة «رويترز» إنه اعتقل مع أشقائه الثلاثة في مداهمة بمخيم في لبنان أواخر نيسان. ورحلت السلطات إخوانه لأنه ليس معهم إقامة. وأضاف، طالبا عدم نشر اسمه خشية تعرضه للانتقام، «تواصلوا معي من داخل سوريا، كانوا محتجزين في مقر تابع للفرقة الرابعة، لا أعلم مصيرهم بعد».
وقال لاجئ آخر إن الفرقة الرابعة احتجزته لفترة وجيزة بعد ترحيله لكنه دفع أموالا لمهربين ليعود إلى لبنان. وقال مركز وصول لحقوق الإنسان، وهو منظمة حقوقية، إنه وثق احتجاز الفرقة الرابعة لما لا يقل عن اثنين من السوريين المرحلين. ودعا الحكومة اللبنانية إلى الوقف الفوري لعمليات الترحيل.
وقال مصدر كبير في مجال الإغاثة إن أكثر من 450 سوريا اعتُقلوا في أكثر من 60 مداهمة للجيش اللبناني أو عند نقاط تفتيش في نيسان. وجرى ترحيل أكثر من 130 منهم.
وقالت مصادر أمنية لبنانية للوكالة إن المداهمات كانت تستهدف سوريين ليست لديهم أوراق إقامة سارية، مضيفة أن ترحيلهم يحدث لعدم وجود أماكن في السجون اللبنانية لاستيعابهم.
والأسبوع الماضي، دعا وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال أجهزة الأمن لتشديد القيود على الذين لا يحملون أوراق إقامة سارية، لكنه قال إن عودتهم لبلادهم ستكون «طوعية».
وقال مصدر كبير آخر في مجال الإغاثة إن لبنان رحل سوريين مسجلين لدى الأمم المتحدة، بينهم قُصر دون ذويهم. وقال المجلس النرويجي للاجئين إن أحد المستفيدين من أحد برامجه الشبابية من بين المرحلين.
وقال سوري طلب الاكتفاء بنشر اسمه الأول، إسماعيل، للوكالة إن قوات الأمن اللبنانية اقتادت أبناءه الثلاثة حسن وعماد ومحمد خلال مداهمة لمنزلهم ورحلتهم؛ لأنه ليست لديهم أوراق إقامة سارية.
وأضاف «(عماد ومحمد طالبان للخدمة الإلزامية. هلق صاروا عند بيت أصدقائنا بس بدهن يراجعوا المركز خلال ها الأسبوع ليبدأوا بالخدمة)». وأردف «(حسن بس عمره 15 وعم يصير معه رفّات بالقلب من وراء الخوف)».
وقالت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في آذار إن سوريا «لا تزال مكانا غير آمن للعودة إليه»، جزئيا بسبب استمرار عمليات الاعتقال وانتهاكات قوات الأمن لحقوق الإنسان. وقالت منظمة العفو الدولية إنها وثّقت أربع حالات على الأقل لاعتقال سوريين بعد ترحيلهم من لبنان، إضافة إلى حالات منفصلة للتجنيد الإلزامي.
وقالت آية مجذوب، نائبة مديرة المكتب الإقليمي لـ«الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: «ما من مبرر على الإطلاق للدولة اللبنانية لانتهاك التزامها القانوني الدولي بإعادة اللاجئين بإجراءات مختصرة إلى بلد يخشون فيه الاضطهاد». وأضافت آية مجذوب أنه تزامن مع عمليات الترحيل في أبريل موجة من خطاب الكراهية وإجراءات تقييدية من البلديات اللبنانية التي تستضيف السوريين وتعليقات لمسؤولين أوجدت «بيئة قمعية» تضغط على اللاجئين للمغادرة.
وأمام هذه الأوضاع التي يعيشها اللاجئون السوريون في لبنان، قالت الإدارة الذاتية إنها مستعدة لاستقبال اللاجئين السوريين في إطار مبادرتها لحل الأزمة السورية.
وطالبت الإدارة الذاتية الأطراف ذات الصلة بفتح طريق آمن بين لبنان ومناطق شمال وشرق سوريا، لاستقبال اللاجئين خصوصاً أنهم معرضون لخطر الاعتقال والتجنيد الإلزامي لدى قوات الحكومة السورية.