تقارير تحدثت عن إصابته بنوبة قلبية، ما فتح الباب للسؤال عن الحالة الصحية للرجل، الذي يحكم قبضته على السلطة في تركيا منذ نحو عقدين من الزمان، وماذا لو توفي فجأة؟
فاجأ الرئيس التركي رجيب طيب أردوغان -الذي يقترب من السبعين عامًا- مواطنيه بإلغاء مقابلته التلفزيونية، التي تأتي في إطار حملته الانتخابية، بعد أن اشتكى من خلل في المعدة.
تقارير تحدثت عن إصابته بنوبة قلبية، ما فتح الباب للسؤال عن الحالة الصحية للرجل، الذي يحكم قبضته على السلطة في تركيا منذ نحو عقدين من الزمان، وماذا لو توفي فجأة؟
الباحث الأمريكي مايكل روبين -الزميل الأول في معهد أمريكان إنتربرايز، المتخصص في شؤون المنطقة- سلط الضوء على الحالة الصحية للرئيس التركي، متسائلًا في تحليل نشره موقع ناينتين فورتي فايف 1945 الأمريكي: “ماذا يحدث إذا مات رجب طيب أردوغان؟”.
وقال روبين، المسؤول السابق في “البنتاغون”: “إذا مات أردوغان، من السابق لأوانه الاحتفال، لأن تأثير إدارته التي استمرت نحو عقدين من الزمن في الشعب التركي، قد يستمر سنوات”، موضحًا أن عهد أردوغان سينتهي بالموت أو المنفى أو السجن أو الإعدام.
ويواجه أردوغان هذه الأزمة الصحية، قبل الانتخابات الرئاسية في 14 مايو المقبل، وسط تساؤلات تعج بمواقع التواصل الاجتماعي عما يحدث إذا مات.
ووفقًا للدستور التركي، حال وفاة رئيس الجمهورية، يعمل رئيس الجمعية الوطنية الكبرى لتركيا حتى انتخاب رئيس جديد.
وليست هذه المرة الأولى التي هناك من يتكهن فيها بوفاة أردوغان، إذ واجه نحو 30 شخصًا إجراءات قانونية، بعد أن حققت الشرطة في شائعات بوفاته قبل عامين، بينما نفى أطباء الرئيس التركي عدم إصابته بالسرطان، بعد خضوعه لعملية جراحية في المعدة عام 2012.
مرض أردوغان
ونوه روبين إلى أن أردوغان تعرض -خلال مقابلة تليفزيونية- لحالة صحية طارئة أعاقته عن استكمال حملته الانتخابية.
ورغم نفي مكتب الرئيس التركي ما حدث، مؤكدًا أنه ناتج عن خلل في المعدة، فإن شائعات تدور داخل البلاد عن تدهور حالته الصحية.
ومع عدم دقة الأخبار بشأن صحة الرئيس، وصف الكاتب تركيا -في ظل حكم أردوغان- بأنها “دولة بوليسية استبدادية ومن دون إعلام حر، وبذلك من المستحيل في هذه المرحلة معرفة الحقيقة”.
وقال: “يستيقظ أي حاكم ديمقراطي كل صباح وهو يعلم متى سينتهي حكمه، في حين أن الدكتاتور يستيقظ في حالة من القلق من أن يكون هذا يومه الأخير في السلطة”، موضحًا أن “أردوغان ينتمي للمعسكر الأخير”.
ورأى روبين أن الفكرة القائلة إن الرجل الذي يحتقر الديمقراطية -في إشارة إلى أردوغان- سيتنحى طواعيةً، أو يسمح لمراقبي الانتخابات بإعلان خسارته “بعيدة المنال وليست سوى مجرد وهم يدور في مخيلة الدبلوماسيين والمفكرين”.
وأضاف: “إذا مات أردوغان أو استخدم أزمته الصحية لتمرير ترشيحه إلى قريب أو بيدق، ينبغي للولايات المتحدة وأوروبا وغيرهما ألا تحتفل بذلك، لأنه بعد 20 عامًا من الأردوغانية، ليست هناك عودة سهلة إلى الوضع السابق”، مشيرًا إلى أن أردوغان -خلال حكمه- أحكم قبضته على القطاع المصرفي ومجالس التدقيق الحكومية.
ولفت روبين إلى أن أردوغان كان قادرًا على تلقين (أو على الأقل محاولة غسل دماغ) أكثر من 30 مليون تلميذ، في حين أنه ربما لم ينجح في إنشاء “الجيل الديني” الذي وعد به –كان ربط الدين بالفساد في أذهان عديد من الأتراك بمنزلة كابح طبيعي لهذه الجهود– إلا أنه أجيج نيران المؤامرة والقومية المتطرفة.
وأشار إلى أن خريجي المعاهد الدينية ومنظري أردوغان يتغلغلون في البيروقراطية، في ظِل غياب التطهير الجماعي، ومن ثمّ سيكون من المستحيل القضاء عليهم سريعًا.
الجيش والاقتصاد والمجتمع
ورأى روبين، أن تغلغل منظري أردوغان وخريجي المعاهد الدينية، لم يتوقف عند الوظائف الحكومية، وإنما حدث أيضًا تحول في الجيش، وبات كل جندي وبحّار وطيّار يدين بحياته المهنية وتقدمه للولاء لأردوغان، بينما “أولئك الذين وضعوا تركيا أولاً هم الآن في السجن”.
ووصف روبين الاقتصاد التركي بأنه “في حالة خراب حاليًا”، بسبب سرقة أردوغان وأعوانه نحو 400 مليار دولار، ونقلها إلى بنوك في دول مثل (موسكو والدوحة وجزر كايمان وبنما).
وشدد على أن الأمر يتطلب جهدًا دوليًا لاستعادة هذه الأموال المسروقة، لافتًا إلى أن سجل المجتمع الدولي في هذه الجهود ضعيف.
ورأى روبين، أن الأمر يستغرق وقتًا أطول لإصلاح المجتمع التركي، مشيرًا إلى أنه رغم أن إرث قادة الانقلاب عامي 1960 و1980 كان سيئًا، فإن إرث أردوغان كان أسوأ، ومن ثمّ “يجب فتح بوابات السجون وتعويض الضحايا السياسيين”.
وعما وصفه الكاتب بانهيار المجتمع التركي، قال مايكل: “لقد نزع أردوغان أحشاء المجتمع المدني، ولم تعد هناك صحافة مستقلة يمكن الحديث عنها، على الأقل داخل تركيا، كما وضع الأقليات العرقية ضد بعضها، وشجّع كراهية اليونانيين والآشوريين والأرمن والعلويين والكُرد، الذين لم يعودوا يعرفون هل مازالوا أتراكًا أم لا”.
ونوّه الكاتب إلى ضرورة “سحب القوات التركية من سوريا والعراق وقبرص، والتوقف عن تهديد أرمينيا واليونان”.
وتطرق روبين إلى أن فساد أردوغان شمل عديدين في الولايات المتحدة وأوروبا، مطالبًا بضرورة فتح كل المستندات للتفتيش، لمعرفة “من وكيف ومتى” تم تجاوز قانون الولايات المتحدة، وكيف استهزأ بعض الوكلاء بقانون تسجيل الوكلاء الأجانب.
وأضاف: “يجب أن يدرك الكونغرس كيف سعى أعوان أردوغان، بمساعدة بعض المؤسسات ومراكز الفكر والجامعات في واشنطن، إلى تجاوز القانون الأمريكي”.
وشدد مايكل روبين على أنه “يجب على الولايات المتحدة وأوروبا العمل مع تركيا ما بعد أردوغان، للتحرك في الاتجاه الصحيح، إذ إنه من مصلحة الجميع أن تكون تركيا في سلام مع نفسها ومع جيرانها”، مشيرًا إلى أنه لكي تكون تركيا قوية ومستقرة وديمقراطية، عليها أولًا أن تتخلص مما وصفه بحكم اللصوص، منوهًا إلى أن ذلك يستغرق وقتًا ليس بالقليل.