يوماً بعد يوم تقترب الانتخابات التركية ومعها تعقد تركيا اللقاءات مع الحكومة السورية من جهة، وترحـ ـل اللاجئين السوريين من جهة أخرى، وما بين هذا وذاك، تسعى تركيا لتطـ ـبيق مخـ ـططاتها في سوريا والمتمثلة بتوجـ ـيه ضـ ـربة لقوات سوريا الديمقراطية وتغـ ـيير ديمـ ـوغرافية المناطق الخاضـ ـعة لسيطـ ـرتها في سوريا.
منذ منتصف العام الماضي، بدأت تركيا بإطلاق التصريحات حول التطبيع مع الحكومة السورية، ومع نهاية العام، عقد اجتماع رباعي على مستوى وزراء الدفاع ورؤساء استخبارات تركيا والحكومة السورية وإيران وروسيا في العاصمة الروسية موسكو، التي تسعى جاهدة لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق لتحقيق مصالحها مع زيادة عزلتها على خلفية تدخلها في أوكرانيا عسكرياً وما رافقها من عقوبات أمريكية وأوروبية تساعدها تركيا في الالتفاف عليها.
ومع تحديد موعد الانتخابات التركية في الـ 14 من أيار القادم، كثفت تركيا من جهودها لعقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية تحضيراً لعقد اجتماع بين بشار الأسد وأردوغان، مع سعي الأخير لاستثمار اللقاء من أجل الدعاية الانتخابية في ظل تهاوي شعبيته على خلفية الأزمات المتلاحقة والتي تعمقت أكثر بعد زلزال الـ 6 من شباط والذي حصد أرواح نحو 50 ألف تركي.
وعلى هذا الأساس عقد اجتماع على مستوى نواب وزراء الخارجية يومي 3 و 4 نيسان الجاري في موسكو أيضاً، بعد أن كان بشار الأسد قد أطلق تصريحات نارية من موسكو في الـ 15 من آذار بالتزامن مع الذكرى السنوية لانطلاقة الثورة السورية عام 2011. حيث اشترط الأسد انسحاب تركيا مقابل عقد اللقاء وتطبيع العلاقات.
ونتيجة ضغوط موسكو عقد الاجتماع الرباعي على مستوى نواب وزراء الخارجية، ولكن لم تتفق الأطراف المجتمع إلا على شيء واحد وهو معاداة الكورد والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية. إذ يسعى كل طرف من الأطراف الأربعة لتحقيق مصالحه.
فتركيا تريد توجيه ضربة لقسد والإدارة الذاتية والقضاء عليهم، وإيران وروسيا تريدان التخلص من أمريكا وتسعيان لاستغلال أزمة أردوغان لدفعه لشن هجمات على المنطقة على أمل أن يؤدي ذلك إلى انسحاب أمريكي يترك لهما سوريا أسيرة لقراراتهما في ظل سيطرة ضباط الطرفين على قرارات الحكومة السورية. فيما دمشق فهي ترى نفسها فائزة في كل الحالتين، وبما أنها لا تملك القوة على مواجهة قسد وأمريكا، فهي تفضل أن تفعل تركيا ذلك، وتظن أنه بإمكانها التفاهم مع أنقرة استناداً لاتفاقية أضنة الموقعة بين الطرفين عام 1998.
والآن بعد عقد هذا الاجتماع الرباعي، بدأ وزير الخارجية التركي بإطلاق التصريحات حول اجتماع بين وزراء الخارجية مطلع أيار المقبل، ليعود بعدها ويضع احتمالاً لعقد اجتماع بين الأسد وأردوغان.
وأمس الـ 25 من نيسان، عقد اجتماع رباعي آخر على مستوى وزراء الدفاع ورؤساء الاستخبارات لكل من تركيا والحكومة السورية وإيران وروسيا.
بحسب ما أصدرته وزارتا الدفاع في تركيا ولدى الحكومة السورية وحديث كل طرف في البيان عن أهدافه، يبدو الأطراف المجتمع لم تتفق على شيء بل جلس كل طرف وطرح ما يريده دون الاتفاق على شيء ملموس باستثناء المشاركة في العداء للإدارة الذاتية وقسد.
وبالتزامن مع هذه الاجتماعات الرباعية ورغم الادعاءات التركية بأنه ليس لديها أطماع في سوريا، إلا أن ما تفعله دليل واضح أن لا نية لتركيا الانسحاب من الأراضي السورية التي سيطرت عليها، وينطلق الكثير من الخبراء من تجربة قبرص الشمالية والتدخل التركي فيها عام 1974 وبقاءها في الجزيرة حتى الآن دون أي اعتبار للقوانين الدولية.
ولضمان عدم انسحابها من الأراضي السورية، تتبع تركيا العديد من المخططات التي تسير على قدم وساق، فمن جهة تسلم مناطق الشمال السوري إلى هيئة تحرير الشام، ومن جهة أخرى تواصل ترحيل اللاجئين السوريين داخل تركيا إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها في سوريا، بغية تغيير ديموغرافية تلك المناطق وتوطين أشخاص يحملون الجنسية التركية من أبناء الشعب السوري، وذلك تمهيداً لاقتطاعها من الأراضي السورية.
وفي سياق مخططها لترحيل اللاجئين السوريين وتوطينهم في المناطق الخاضعة لسيطرتها في سوريا، أقدمت السلطات التركية على ايقاف مئات اللاجئين السوريين بذريعة تجديد الاقامات وشكاوي الاتراك منهم، وذلك تمهيداً لترحيلهم إلى الأراضي السورية يوم غدٍ الخميس.
وأشارت مصادر أن عدد السوريين المحتجزين في مركز الترحيل بمدينة أورفا يبلغ نحو ٤١٩ شخصاً بينهم اطفال ونساء، فيما بلغ عدد المحتجزين في غازي عنتاب ٩٨٦ شخصا، وأما مركز الترحيل في اسطنبول فبلغ اعداد المحتجزين نحو ١٣٤٧ شخص.
وكعادتها، سترحل تركيا اللاجئين قسراً عبر معابر (باب الهوى في ادلب، ومعبر جرابلس، ومعبر تل أبيض) الى الاراضي السورية الخاضعة لسيطرتها في الشمال السوري.
وسبق أن رحلت السلطات التركية عشرات الآلاف من السوريين وسط زيادة خطابات العنصرية تجاه السورين في تركيا.