يعقد اليوم الثلاثاء اجتماع رباعي يضم وزراء دفاع ورؤساء أجهزة استخبارات تركيا وسوريا وإيران وروسيا في العاصمة موسكو، وفق ما أعلن عنه أمس الاثنين وزير الدفاع التركي خلوصي أكار وذلك لبحث المسائل الأمنية المتعلقة بالوضع السوري وخصوصًا في مناطق شمال وشرق سوريا وكيفية زعزعة الاستقرار فيها بالإضافة إلى موضوع ترحيل اللاجئين قسرًا وتصفية الفصائل التي ترفض التطبيع.
بات واضحًا أن مسار تطبيع العلاقات بين أنقرة والحكومة السورية برعاية «روسية – إيرانية» لا تهدف إلى حل الأزمة السورية بشكلٍ سلمي وإنما لعقد صفقات جديدة على حساب الشعب السوري، حيث يتمثل التقارب في تنفيذ عدة أهداف أولها «ضرب الاستقرار في البلاد وخاصةً في مناطق شمال وشرق سوريا التي تشهد حالة من الأمن والأمان مقارنةً بباقي المناطق ذات السيطرة المختلفة»، إضافةً إلى أن الاجتماع يهدف إلى نسف المبادرات التي قدمتها الإدارة الذاتية باستمرار لحل الأزمة السورية وذلك بإشراك جميع الأطراف السورية والاستفادة من الأخطاء الكارثية السابقة كما في منصات جنيف وأستانة وغيرها التي لم تُقدّم أي حل لإنقاذ البلاد من حالة الحرب والفوضى، ولعلّ مبادرة الإدارة الذاتية الأخيرة أيضًا يمثّل الأمل الوحيد للسوريين للخلاص من الحرب والمعاناة الممتدة منذ 12 عامًا.
مساعي أردوغان للتطبيع هذه جاءت أيضًا من أجل التخلص من ملف اللاجئين السوريين قبيل الانتخابات، فالشعب التركي ينظر بعين عنصرية للسوريين المقيمين في تركيا نتيجة سياسات السلطة الحاكمة التي استخدمت ورقة اللاجئين لخدمة مصالحها منذ 12 عامًا، حيث سيتم ترحيل اللاجئين السوريين قسرًا إلى سوريا الأمر الذي سيشكل خطرًا حقيقيًا على حياتهم خاصةً وأن الجميع فروا من سوريا لأسباب أمنية وهذا ما شكّل مصدر قلق كبير لهم من الخطوات التي تقوم بها أنقرة مع دمشق وجعلهم قربانًا لتوظيف قضيتهم في الحملات الدعائية للانتخابات المزمع إجراؤها في 14 من الشهر المقبل وإعادتهم قسرًا إلى سوريا.
التقارب بين أنقرة ودمشق يتمثل في عقد الطرفين صفقة حيث تتعهد الأولى العمل على تصفية أي فصيل يعارض التطبيع في حين تتعهد الحكومة السورية بالاتفاق سويةً على محاربة الإدارة الذاتية.
وبدأت تركيا مؤخرًا العمل على تنفيذ هذا الاتفاق خاصةً مع وجود بعض قيادات فصيل جيش الإسلام التي ترفض التطبيع من خلال تجميد أصول شركة طيبة للحوالات المالية، أهم مصادر تمويل فصيل “جيش الإسلام”، قرار تجميد أصول مالية تابعة لكيانات وشخصيات مقربة من فصائل المعارضة السورية المسلحة، أثارت المخاوف من توجه تركي للتضييق على موارد تمويل الفصائل في تركيا، وزيادة الضغوط عليها للانخراط في مسار التطبيع مع الحكومة السورية، ولم تنتهي المخاوف هنا حيث تفيد المعلومات أن أنقرة قد قدّمت في وقت سابق لائحة بأسماء قيادات رفيعة المستوى في صفوف المعارضة السورية بشقيها العسكري والسياسي إلى الحكومة السورية بهدف تسلميها لهم، إلى جانب تقديم إحداثيات لجميع مقرات الفصائل التي ترفض التطبيع بهدف قصفها من قبل الطائرات الروسية.
وفي سياق محاربة الإدارة الذاتية، بدأت كل من أنقرة والحكومة السورية وبإشراف روسي – إيراني على تشكيل غرفة عمليات مشتركة بهدف جمع وتبادل المعلومات حول مناطق شمال وشرق سوريا، واستهداف الشخصيات الاعتبارية وتنفيذ الاغتيالات، وإشاعة الفوضى وخلق الفتنة بين المواطنين، وتأليب مكونات المنطقة ضد بعضها البعض وخاصة العرب والكورد.
ووفق المعلومات المسربة، فأن الاتفاق ينص على تقديم الدعم بكل أنواعه للمجموعات المسلحة، ونقل عناصر من الاستخبارات التركية إلى المربعات الأمنية لقوات الحكومة السورية في الحسكة والقامشلي، وتأمين هويات سورية لهم، والتحرك بشكل مشترك مع المخابرات السورية في المنطقة، وذلك من أجل رصد تحركات القوى العسكرية ومواقعها ومواقع المؤسسات ورصد تحركات المسؤولين، ونقل الإحداثيات إلى الطائرات المسيرة التركية من أجل استهدافها بغية إضعاف الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية عبر استهداف قاداتها.
مصادر خاصة أكدت لموقع «فوكس برس» أن العميد حكمت الرفاعي مسؤول الأمن العسكري والذي يعتبر الرجل الأول لمدير مكتب الأمن الوطني علي مملوك، وهو من تابعي محور موسكو، بدأ بالعمل على تحشيد العشائر العربية ضد الإدارة الذاتية، من خلال مهاجمة الإدارة الذاتية ومحاولة تشويه سمعتها عبر الادعاء بأنها تعادي العرب، بهدف خلق الفتن بين الإدارة الذاتية ومكونات المنطقة، بالإضافة إلى مهامه في نقل عناصر الاستخبارات التركية إلى المربعات الأمنية التابعة لهم في القامشلي والحسكة.