لا تنتهي مخـ ـططات تركيا في المناطق التي تسـ ـيطر عليها في الشمال السوري، فكل يوم تخرج بحـ ـجة جديدة لتطبيق مخـ ـططاتها، وآخر هذه المخـ ـططات إنشاء منـ ـطقة عسـ ـكرية محـ ـظورة على حدودها بعمق 300 متر ضمن الأراضي السورية التي تسـ ـيطر عليها أساساً ولا يوجد أحد سواها فيها.
تركيا وأثناء بناءها للجدار العازل في بداية الثورة السورية بحجة حماية حدودها، بنت الجدار داخل الأراضي السورية وليس على الحدود مباشرة، ففي بعض المناطق استقطعت تركيا مسافة تصل إلى 1 كم من الأراضي السورية وضمتها إلى أراضيها وباتت الآن جزءاً من الأراضي التركية وسط صمت من يدعون أنهم معارضة سورية عن هذا الجرم والتفريط بالأراضي السورية.
يوم السبت المنصرم، خرجت تركيا بمخطط جديد، وهذه المرة، وضعت تركيا نصب أعينها اقتطاع مسافة بعمق 300 متر من الأراضي السورية على امتداد حدودها في المناطق السورية التي تسيطر عليها من رأس العين في محافظة الحسكة وصولاً إلى مدينة تل أبيض في محافظة الرقة، وباشرت آلياتها بحفر الخندق بحجة إنشاء منطقة عسكرية محظورة.
وكعادتها، استخدمت تركيا المعارضة السورية التي أنشأتها واستخدمتها مطية لتحقيق مخططاتها في سوريا، للترويج لمخططها هذا. إذ أعلنت ما تسمى وزارة الدفاع فيما تسمى الحكومة المؤقتة التابعة للائتلاف أن المنطقة العسكرية المحظورة التي تسعى لتركيا إنشاءها ستكون ممنوعة على الجميع دخولها حتى أصحاب الأراضي الواقعة خلفها على الحدود إلا بعد الحصول على موافقة أمنية من الجانب التركي.
وساقت هذه الوزارة مبررات للمخطط التركي الذي يتم تطبيقه في منطقة تخضع أساساً لتركيا ويتواجد جيشها فيه وكذلك فصائلها تنتشر فيه والذين يعيشون فيها فُرضت عليهم اللغة والعملة والأعلام التركية، فما الحاجة لتشكيل منطقة عسكرية محظورة فيها، إلا إن كان مخططاً لاقتطاع تلك الأراضي خصوصاً قبل التوصل لاتفاق مع الحكومة السورية في إطار تطبيع العلاقات بين الطرفين، حيث من المقرر أن يجتمع وزراء دفاع ورؤساء استخبارات تركيا والحكومة السورية وروسيا وإيران في موسكو غداً.
أهالي ريف رأس العين من أبناء العشائر العربية، تنبهوا بسرعة إلى المخطط التركي هذا، فأراضي الآباء لا يمكن الاستغناء عنها. فالعربي عندما يقتلع من أرضه فأنه لن يستطيع العيش حاله بذلك حال جميع السوريين، فالأرض بالنسبة للعشائر العربية يعني العرض واي اعتداء على الأرض هي اعتداء على عرضهم، خصوصاً أن القوات التركية والفصائل الموالية لها التي لا تعلم شيئاً عن العادات والتقاليد العربية الأصيلة ضربت بعرض الحائط تلك العادات والتقاليد منذ أن سيطرت على مدينة رأس العين وتل أبيض في تشرين الأول عام 2019.
جرائم تركيا وفصائلها بحق العشائر العربية في مناطق رأس العين وتل أبيض وصلت إلى أوجها، وكل يوم هي في ازدياد مستمر، فمهاجمة المنازل وتنديس حرمتها والاعتداء على النساء وشتمهن، باتت سمة في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا، ولا يمكن للعشائر العربية بأي شكل من الأشكال أن تقبل بهذه الممارسات التي فاقت كل التصورات، وخصوصاً أن العشائر العربية ترى الفرق بين المكانة التي كانوا يمتازون بها في عهد قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية وكيف أن الشيوخ والعشائر العربية معززة مكرمة على أرضها في مناطق شمال وشرق سوريا الأخرى وكيف ترتكب الممارسات بحقهم من قبل تركيا وفصائلها.
الفزعة العشائرية العربية معروفة، فأهالي قريتي الراوية والعزيزة في ريف رأس العين خرجوا ضد المخطط التركي لاقتطاع أرضهم، وسرعان ما لبت العشائر العربية نداء أبناء القريتين وخرجت ثلاث قرى مجاورة أيضاً ضد المخطط التركي، ما أجبر تركيا اليوم على تعليق عمليات الحفر وتوكيل أحد الفصائل بمتابعة عمليات الحفر.
تركيا تدرك أن العشائر العربية إن قتل منها فرد، فأنها لن تصمت وستخرج عموم العشائر العربية ضدها في عموم مناطق الشمال السوري، لذلك أوكلت المهمة إلى أذيالها من السوريين، لأنها تدرك أن العشائر لن تقبل باقتطاع أرضهم، وأن فصائلها مجبرون على تنفيذ أجنداتها، وهي تدرك أن التصادم قادم لا محالة فيه، لذلك أرادت ضرب العشائر العربية وفصائلها مع بعضهم البعض وإبعاد التهمة عن نفسها فيما سيجري مستقبلاً للتنصل من تبعات خروج العشائر ضد مخططها هذا.
العشائر العربية التي تقطن المنطقة الواقعة بين رأس العين وتل أبيض، لن تصمت حيال اقتطاع أراضيها، فكيف للعشيرة أن تبقى بدون أرض، وكيف سيكون موقفها بين العشائر العربية، إنه ذل ما بعده ذل، والعشائر العربية المعروفة بثقافتها وعاداتها وتقاليدها الضاربة الجذور في التاريخ لن تقبل ذلك، وستخرج ضد تركيا وفصائلها حتى وإن كلفها ذلك الكثير، وفي النهاية سيكون النصر حليفها لا محالة.