مع استمرار اللقاءات بين الحكومة السورية والنظام التركي في إطار المساعي الروسية لتطبيع العلاقات بين الطرفين، تتكشف يوماً بعد يوم المخططات التي تستـ ـهدف مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، وآخرها اتفاق الطرفين على تشكيل مجمـ ـوعات مسـ ـلحة تعمل معاً وبإدارة غرفة عمـ ـليات مشتركة يديرها الطرفان سويةً.
منذ أيار العام الماضي، بدأ مسؤولو النظام التركي بإطلاق التصريحات حول الرغبة في تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية، هذه التصريحات جاءت من رأس النظام التركي، رجب طيب أردوغان، الذي كشف بأنه طلب من الرئيس الروسي شخصياً التدخل لتطبيع العلاقات بينه وبين بشار الأسد.
مسعى النظام التركي لتطبيع العلاقات جاء كخطوة استباقية قبل الانتخابات الرئاسية التركية التي ستحدد مصير أردوغان، فإن فاز في الانتخابات، سيستطيع تمكين قبضته أكثر على مفاصل الحكم في تركيا، وإن خسرها، فمن المحتمل أن تفتح المعارضة ملفات فساد حزبه على مدار 20 عاماً والتي كشف الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في شباط المنصرم، حجم الفساد والأموال التي حصل عليها حزب أردوغان دون أن يقدم شيئاً للشعب الذي دفع الضرائب للدولة.
مساعي أردوغان للتطبيع هذه جاءت أيضاً من أجل التخلص من ملف اللاجئين السوريين قبيل الانتخابات، فالشعب التركي ينظر بعين عنصرية للسوريين المقيمين في تركيا، كما يدرك الشعب التركي أن أموال الضرائب التي يدفعها تذهب كرواتب لعناصر الفصائل الموالية لتركيا في سوريا، في حين يزداد الأتراك فقراً وبؤساً.
وأيضاً، يريد أردوغان من التطبيع مع الحكومة السورية، تجديد اتفاقية أضنة الموقعة مع الحكومة السورية عام 1998، والتي تصف الشعب الكوردي بالإرهابيين وتدعو إلى محاربته بشكل مشترك بين الجانبين، حيث يريد أردوغان تعديل هذه الاتفاقية لضمان التعمق داخل الأراضي السورية لمسافة 30 كيلومتراً أو أكثر، والملفت للانتباه أن هذا العمق داخل الأراضي السورية، هي الأراضي التي وضعها البرلمان التركي أثناء تشكيل الجمهورية التركية في بدايات القرن الماضي ضمن حدود ما يسميه الأتراك الميثاق الملي والذي يتضمن حلب وأجزاء من محافظات الحسكة والرقة أيضاً.
وفي الثالث والرابع من نيسان الجاري، عقد اجتماع رباعي على مستوى نواب وزراء خارجية الحكومة السورية والنظام التركي وإيران وروسيا في العاصمة الروسية موسكو، حيث اتخذ المشاركون قراراً واحداً وهو التعاون معاً لضرب الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا.
فروسيا وإيران تريان أنه بضرب الإدارة الذاتية يمكن إخراج أمريكا من سوريا وبالتالي تحقيق الأهداف الروسية والإيرانية.
في حين أن النظام التركي، يسعى حالياً لعقد صفقة مع الحكومة السورية، عبر جرها لمحاربة الإدارة الذاتية معها مقابل التخلي عن الفصائل المسلحة التي تدعمها وكذلك الائتلاف السوري.
أما الحكومة السورية فترى أنه بالتخلص من الإدارة الذاتية، فأنه لن يعود هناك أي مشروع ديمقراطي يمكن أن يتمسك به السوريون وبذلك تريد إعادة سيطرتها على البلاد مثلما كان قبل عام 2011 وانطلاق الثورة السورية.
المجتمعون اتفقوا معاً على تشكيل مجموعات مسلحة لضرب الأمن والاستقرار في مناطق الإدارة الذاتية، وذلك عبر شن الهجمات على قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي، وكذلك قصف قواعد التحالف الدولي، فضلاً عن تكثيف التعاون على الأرض، وتحريض شعوب المنطقة على الإدارة الذاتية عبر نشر الشائعات واستهداف زعماء وشيوخ العشائر واتهام قوات سوريا الديمقراطية بالوقوف وراءها.
ولتحقيق هذه الغاية، تقول المعلومات الواردة أن الحكومة السورية والنظام التركي، قاما بتشكيل غرفة عمليات مشتركة برعاية روسية.
ووفق المعلومات المسربة، فأن الاتفاق ينص على تقديم الدعم بكل أنواعه للمجموعات المسلحة التي من المزمع تشكيلها، ونقل عناصر من الاستخبارات التركية إلى المربعات الأمنية لقوات الحكومة السورية في الحسكة والقامشلي، وتأمين هويات سورية لهم، والتحرك بشكل مشترك مع المخابرات السورية في المنطقة، وذلك من أجل رصد تحركات القوى العسكرية ومواقعها ومواقع المؤسسات ورصد تحركات المسؤولين، ونقل الاحداثيات إلى الطائرات المسيرة التركية من أجل استهدافها بغية إضعاف الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية عبر استهداف قاداتها.
وسبق أن حذر مسؤول في الإدارة الذاتية من هذا الاتفاق، وقال بأنه يهدف إلى ضرب الإدارة الذاتية، ودعا الحكومة السورية إلى عدم الانجرار إلى الألاعيب التركية، وقال أن الحل يكمن بالحوار بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية، موضحاً أنه دون ذلك سيتم جر البلاد إلى الحرب وسيتم تقسيم سوريا، لأن المستفيد الأول والوحيد من توتير الأوضاع في سوريا هو النظام التركي.