في إطار حـ ـربها ضد البلدين سوريا والعراق، تتبع الدولة التركية استراتيجية التـ ـدمير الممنهج للأمـ ـن المائي لدى الشعبين، حيث أدت الممـ ـارسات التركية، خلال الأعوام الماضية، إلى جفاف العديد من الأنهار والينابيع في البلدين، وخصوصاً نهري الفرات ودجلة شريانا الحياة للسوريين والعراقيين.
في الـ 27 من كانون الثاني عام 2021 أعلنت إدارة السدود في شمال وشرق سوريا عن انخفاض منسوب مياه نهر الفرات نتيجة إيقاف تدفق المياه من قبل الدولة التركية، إذ بدأت تركيا منذ منتصف عام 2020 بتخفيض الوارد المائي في نهري الفرات ودجلة اللذان يعتبران عصب الحياة بالنسبة للسوريين والعراقيين على حد سواء.
وانخفض منسوب مياه بحيرة الفرات، وهي أكبر بحيرة اصطناعية في سوريا، إلى مستويات قياسية لم يسبق لها أن بلغتها منذ تأسيس السد منتصف القرن الماضي، وكذلك الحال بالنسبة للبحيرات في العراق.
وحالياً يبلغ الوارد المائي من الجانب التركي أقل من نصف الكمية المتفق عليها بين دمشق وأنقرة وهي 500 م3 في الثانية، وأحياناً يحدث انخفاض كبير جداً يصل إلى 168 متر مكعب في الثانية.
وهذا الانخفاض في الوارد لا يمكن أن يحدث إلا في حال إيقاف كامل واردات النهر من قبل تركيا.
وأبرز القطاعات المتأثرة من قطع تركيا لمياه نهر الفرات، هو قطاع الكهرباء والري ومياه الشرب التي لحق بها تلوث كبير، بعد تحول مجرى الفرات إلى مستنقعات نتيجة الانخفاض الهائل والكبير.
وبحسب خبراء المياه، فأن الوارد المائي من تركيا وخصوصاً في فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، لا يغطي مياه الشرب والري والتبخر التي تفقدها البحيرة، وبالتالي فكل ما يلزم لتوليد الطاقة الكهربائية يتم استنزافه من مخزون البحيرات.
وانخفض منسوب بحيرة سد تشرين إلى 4 أمتار شاقولية، وبحيرة سد الفرات العملاقة الكبيرة الآن، تعيش انخفاضاً بحدود 6 أمتار، وهذا رقم مرعب لبحيرة بطول 80 كيلو متراً وعرض من 4 إلى 6 كيلو مترات.
هذا الانخفاض يصفه المراقبون بالمرعب، واستنزف كامل مخزون البحيرة ليتحوّل النهر من نهر كبير إلى جدول بسيط ومجارٍ مائية ومستنقعات نهرية، وهذا ما نشهده في دير الزور والرقة.
الآن، يتوقف سد تشرين 17 ساعة متواصلة، ويعمل بحدود 7 ساعات، التشغيل يتم بحده الأدنى، فعوضاً عن تشغيل 6 عنفات، يتم تشغيل عنفتين باستطاعة تصل إلى 140 ميغا واط، بينما في المناسيب الجيدة والظروف المناسبة استطاعة العنفتين تصل إلى 210 ميغا واط.
إيقاف سد تشرين 17 ساعة متواصلة، يعني إبقاء المنطقة بلا كهرباء، فالعنفتان اللتان تعملان وتولدان 140 ميغا واط لـ 7 ساعات، لا تكفيان؛ لأن حاجة المنطقة أكبر بكثير مما يولده سد تشرين.
وقطع مياه الفرات ودجلة من قبل تركيا، يشكل خرقاً للمعاهدات المبرمة، ويؤكد بعدها عن المبادئ الأخلاقية وتشكل خطراً على سكان مئات القرى في شمال وشرق سوريا على ضفاف نهر الفرات، حيث الأوضاع المأساوية نتيجة جفاف مجرى النهر الذي أثر في الزراعة، وتوليد الطاقة الكهربائية وتوفير مياه الشرب وتربية الأسماك.
وفي ظل الحصار الاقتصادي المطبق على شمال وشرق سوريا؛ يؤثر الانحسار المرعب لمياه نهر الفرات؛ على الإنتاج المحلي الذي يحقق جزءاً كبيراً من الاكتفاء الذاتي.
ولا تنحصر الحرب التركية ضد البلدين بقطع المياه، بل تشمل شن هجمات عسكرية بين الحين والآخر داخل أراضي البلدين.