نشر”معهد واشنطن” لسياسة الشرق الأدنى تقريراً مطولاً تحدث من خلاله عن طموحات الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط، مطالباً الرئيس الأمريكي “جو بايدن” بالتحرك ولعب دور أكبر في الملف السوري.
واستهل المعهد التقرير بالإشارة إلى أن استمرار إدارة “بايدن” بعدم إعطاء أولوية لمنطقة الشرق الأوسط سيمنح روسيا فرصة تحديد مستقبل سوريا بشكل رئيسي وزيادة التقارب بين طهران وموسكو.
وأوضح التقرير أن “بوتين” ومنذ تسلمه السلطة في روسيا بشكل رسمي في شهر أيار/ مايو 2000 بدأ يطمح بإعادة بلاده إلى منطقة الشرق الأوسط كجزء من مقاربته الصفرية للسياسة الدولية.
وأضاف، طموحات “بوتين” في سوريا والشرق الأوسط تتعلق بالعلاقات الروسية مع دول الاتحاد الأوروبي، حيث يريد الرئيس الروسي أن يلعب دوراً محورياً في المنطقة لكسب اعتراف الأوروبيين بروسيا كقوة عظمى.
ونوه التقرير أن استراتيجية “بوتين” كانت ناجحة إلى حد كبير بالنسبة لتعامله مع الملف السوري، خاصةً بالنظر إلى تناقض التزامات دول الغرب تجاه سوريا والمنطقة عموماً.
ولفت أن “بوتين” يتعامل بنهج أكثر براغماتية ومرونة من نهج الاتحاد السوفيتي الذي كان له حلفاء وخصوم واضحين، مشيراً أن السياسة الروسية الخارجية في الوقت الراهن تحافظ على علاقات جيدة مع معظم الأطراف.
وتحدث التقرير عن علاقات “بوتين” الجيدة مع كل من إيران وإسرائيل ودول الخليج ومصر وتركيا في الوقت نفسه على الرغم من تباين أراء تلك الدول في العديد من المسائل والقضايا في المنطقة.
وأشار إلى أن القيادة الروسية تعمل على إبلاغ مختلف الأطراف أن بإمكانهم لعب دور صناع السلام، حيث تستخدم موسكو جميع الأدوات الموجودة في مجموعة أدوات الدولة لبناء نفوذ براغماتي، وفق التقرير.
وبحسب التقرير، فإن الرئيس الروسي أصبح ينظر إلى الغرب على أنه ضعيف، لاسيما بعد أن رسم الرئيس الأمريكي الأسبق “باراك أوباما” خطاً أحمر في سوريا عام 2013 ولكنه لم يفرضه.
وأضاف: “ربما ذلك الخط الأحمر الذي رسمه أوباما ولم يفعل شيئاً حين تجاوزه الرئيس السوري بشار الأسد ، هو من دفع بوتين للشعور بالثقة والتدخل عسكرياً في سوريا”.
ولفت التقرير أن التناقض الأمريكي في التعامل مع ملفات منطقة الشرق الأوسط، لاسيما الملف السوري، هو من ساعد “بوتين” على شق طريقة لتحقيق طموحاته في المنطقة.
ووفقاً للتقرير فإن نهج “بوتين” في منطقة الشرق الأوسط محصلته صفر، موضحاً أن “بوتين” كي يفوز في سوريا يجب أن يخسر الغرب.
وبيّن أن سوريا هي المركز الرئيسي لنشاط الكرملين الذي يستخدمه الرئيس الروسي كنقطة انطلاق من أجل أن يُظهر القوة في جميع أنحاء المنطقة، بالإضافة إلى المناطق المجاورة لسوريا مثل أفريقيا والقارة الأوروبية.
ورأى التقرير أن روسيا موجودة عسكرياً في سوريا لتبقى هناك على أقل تقدير 49 عاماً قادماً، وذلك بالنظر إلى الاتفاقيات الموقعة بين القيادة الروسية والحكومة السورية.
وشدد التقرير أن بوتين في المرحلة الحالية مازال يواصل اتخاذ خطوات عملية لتحقيق طموحاته على الأرض والتنافس على النفوذ في سوريا من أجل أن يحقق النتيجة المفضلة التي يريد الوصول إليها بعد التدخل الروسي في المنطقة.
في المقابل، طالب التقرير إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” لعب دور أكثر فعالية في الملف السوري لمواجهة التوسع الروسي في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط عموماً.
وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية لم تعلن حتى الآن عن سياستها تجاه الملف السوري، لكن من غير المرجح أن يكون الملف السوري أولوية لديها، بحسب التقرير.
واعتبر التقرير أن العديد من التفاصيل تبقى غير واضحة حتى اللحظة من ناحية مساعي واشنطن لمنافسة القوى العظمى مثل الصين وروسيا في مناطق أخرى وعدم إعطاء الأولوية لمنطقة الشرق الأوسط التي تركز عليها روسيا وتراها ساحة رئيسية للمبارزة.
وخلص التقرير إلى نتيجة مفادها أن استمرار الإدارة الأمريكية في هذا الاتجاه سيجعل بوتين يواصل تقاربه مع طهران، وستكون الكلمة الأخيرة بشأن مستقبل سوريا لهم في نهاية المطاف.
وختم المعهد تقريره بالتحذير أن مثل هذا السيناريو قد يسبب ضرراً لواشنطن، خاصة في مساعيها المتعلقة بالمنافسة مع روسيا والصين، وقد يؤدي إلى خلق مزيد من نقاط الضعف للغرب وحلفائه في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا على حد سواء.