بعد أن كان اجتماعهم، مقرراً هذا الأسبوع، خرج وزير الخارجية التركي معلناً، أن الاجتماع الرباعي بين وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا والحكومة السورية سيعقد مطلع أيار المقبل، ما يشير إلى عدم توافق نواب وزراء خارجية الدول الأربعة في اجتماعهم الذي عقد مطلع نيسان الجاري.
منذ أن أطلقت تركيا منتصف العام المنصرم، تصريحات حول رغبتها في التطبيع مع الحكومة السورية، ورئيسها أردوغان يحاول بشتى الوسائل عقد لقاء مع بشار الأسد، حيث طالب أردوغان من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يتوسط في عقد لقاء بين الطرفين.
وكان أردوغان يعول على العلاقات الأمنية والاستخباراتية التي لم تنقطع بين الطرفين على مدار سنوات الأزمة السورية، رغم العداء الذي كان يكنه لبشار الأسد ونعته بالقاتل والمجرم، فأردوغان الذي كانت تجمعه صداقة مع بشار الأسد، حاول استغلال ثورات الشعوب في المنطقة من أجل إسقاط أنظمتها عبر دعم جماعات الإسلام السياسي. ولكن مع فشل مخططاته في الدول العربية تباعاً وآخرها سوريا نتيجة تدخل روسيا وإيران إلى جانب الحكومة السورية، استدار أردوغان نحو دمشق خصوصاً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية التركية وازدياد مشاعر العداء تجاه السوريين من قبل الأتراك الذين يعانون من أوضاع اقتصادية سيئة ويعتقدون أن السوريين هم السبب في قلة فرص العمل وتدني أجرة الايدي العاملة في البلاد.
وفي ظل تهاوي شعبية أردوغان الساعي للفوز في الانتخابات الرئاسية، استعجل النظام التركي تطبيع العلاقات مع دمشق، حيث عقد اجتماع بين وزيري دفاع الطرفين في موسكو أواخر العام الماضي برعاية روسية، وحينها تأملت تركيا بأن يعقد أردوغان اجتماعاً مع بشار الأسد يتيح له تحقيق عدة أهداف، أولها تأمين دعاية انتخابية يبني عليها حملته الانتخابية بهدف الحصول على أصوات الأتراك الرافضين لوجود السوريين في بلادهم، وكذلك الحصول على موافقة دمشق من أجل شن هجمات جديدة على مناطق شمال وشرق سوريا والكورد تحديداً بهدف الحصول على أصوات القومويين الأتراك، فزادت رغبة أردوغان في عقد لقاء مع الأسد.
ودائماً ما كان يخرج وزير الخارجية التركي مطلع العام الجاري ويعلن عن عقد اجتماع رباعي بين روسيا وتركيا وإيران والحكومة السورية ليعود ويعلن عن تأجيل الاجتماع، حتى إنه تم تحديد يوم 15 آذار وهو اليوم الذي انطلقت فيه الثورة السورية ضد الحكومة السورية، موعداً لعقد الاجتماع في موسكو، ولكن ذلك اليوم تزامن مع وصول بشار الأسد إلى موسكو، ومن هناك أطلق تصريحات نارية ضد اللقاء مع أردوغان وتركيا، عندما قال بأن أي اجتماع مع تركيا يجب أن يناقش انسحاب القوات التركية من سوريا.
ولكن بعد ذلك بأيام وبضغط من روسيا وإيران، عقد اجتماع بين الأطراف الأربعة على مستوى نواب وزراء الخارجية، وكعادته خرج وزير الخارجية التركي، معلناً عن قرب عقد اجتماع بين وزراء خارجية الأطراف الأربع، قبل أن يعود اليوم ويعلن اليوم أن الاجتماع سيعقد في مطلع أيار المقبل، حيث تكون الانتخابات التركية قد دخلت فترة حاسمة ولم يبقى على إقامتها سوى أقل من أسبوعين.
روسيا ترغب بشدة عقد اللقاء على مستوى وزراء الخارجية وحتى عقد اجتماع بين الأسد وأردوغان، وذلك لمساعدة الأخير في الفوز في الانتخابات، وذلك لاعتبارات ترتبط بمصالح روسيا، فأردوغان يساعد بوتين على الالتفاف على العقوبات الغربية التي فرضت على روسيا على خلفية هجومها العسكري في أوكرانيا، وكذلك لرغبة بوتين في إبعاد تركيا عن حلف الناتو وخلق شرخ ضمن الحلف.
ولكن إيران والحكومة السورية، لا ترغب في منح أردوغان بطاقة مجانية للفوز في الانتخابات، فكلا الطرفان يدركان أن أردوغان له مخطط في الوصول إلى حدود الميثاق الملي الذي يتضمن حلب والرقة ودير الزور والحسكة إلى جانب أجزاء من العراق. وبالتالي يدرك الطرفان أن ما يقوله أردوغان اليوم قبل الانتخابات يمكن أن يتراجع عنه بسهولة بعد فوزه في الانتخابات.
ولهذه الأسباب، يبدو أن الاجتماع الرباعي الذي عقد على مستوى نواب وزراء الخارجية، لم يحقق ما كان أردوغان يطمح إليه بتطبيع إعلامي مع الحكومة السورية للاستفادة منها إعلامياً في الدعاية الانتخابية دون أن يقدم أي تنازلات لدمشق التي تريد من تركيا الانسحاب من الأراضي السورية والتوقف عن دعم المجموعات المسلحة.