تتسارع وتيرة المصالحة بين تركيا والحكومة السورية برعاية إيرانية روسية، وهذا التسارع يرتبط مباشرة بمصالح الطرفين الأخيرين السياسية والاقتصادية في المنطقة.
وهذه المصالحة “التقارب” بين أنقرة ودمشق، وبين تركيا وحلفاء دمشق تجري بالعلن وبموافقة حلفاء الحكومة السورية “إيران ـ روسيا”، والهدف مشترك لتركيا ودمشق وروسيا وإيران، فإضعاف الكورد ونبذ واشنطن من المنطقة مصلحة مشتركة لكلٍ من هذا الأطراف الأربعة أنفة الذكر.
وضع تركيا وإيران في الوقت الحالي صعب، حيث تواجهان تحدياتٍ مشتركة بشأن الوجود الكوردي في البلدين، حيث تظاهرات إيران منذ مقتل الشابة الكوردية “جينا أميني” في أيلول الماضي لم تتوقف، حيث دفع هذا الوضع إيران لطرح مشاكلها الداخلية إلى خارج البلاد من خلال فتح معركة مع كورد إقليم كردستان “شمال العراق”، وتركيا تشاركها معركتها هذه في حربها ضد حزب العمال الكوردستاني منذ خمسة عقود مضت، هذا التقاطع بالمصالح بين تركيا وإيران يظهر جلياً في إقليم كوردستان، حيث تقصفانه على حدٍ سواء.
أما بالنسبة للوضع في سوريا فالرئيس السوري بشار الأسد بانتظار لحظة الانقضاض على الكورد بأيدي تركية، وبالتالي ستضعف واشنطن وتقوي الحكومة السورية، وترضي روسيا، وأيضاً هذا التقاطع يصاحبه دوافع اقتصادية وأخرى ديموغرافية داخل تركيا، تجعل خطوة أردوغان ملائمة للداخل التركي.
المناقشات واللقاءات بدأت بين الأسد وأردوغان بالفعل، بعدما أكد الرئيس التركي أن بلاده لا تهدف إلى هزيمة الأسد في سوريا، وأنه “يتعين الإقدام على خطوات متقدمة مع سوريا من أجل إفساد مخططات ضد المنطقة” وأن بلاده “ليست لديها أطماع في سوريا، وتُولي أهمية لوحدة أراضيها، وعلى النظام إدراك ذلك”، قال الأسد إن “الأمر يبنى على إنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب”.
في هذه العبارات تلميح لصفقة تركية- سورية برعاية موسكو ومباركة إيرانية تهدف أولاً إلى إضعاف الكورد ومعهم واشنطن، وثانياً محاولة العودة إلى ترسيخ سلطة الأسد بعدما كان أردوغان أول من دعا إلى إطاحته.
وقبل اندلاع النزاع العام 2011، كانت تركيا حليفاً اقتصادياً وسياسياً أساسياً لسوريا.
وجمعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان علاقة صداقة بنظيره السوري بشار الأسد. لكنّ العلاقة بين الطرفين انقلبت رأساً على عقب مع بدء الاحتجاجات ضد الحكومة في سوريا.
ودعت أنقرة بداية حليفتها إلى إجراء إصلاحات سياسية، قبل أن يدعو أردوغان الأسد إلى التنحي.
وقدمت تركيا على مر السنوات الماضية دعماً للمعارضة السياسية والفصائل المقاتلة التابعة لها في سوريا.
ما يلوح في الأفق هو إعادة ترتيب التحالفات الإقليمية حول سوريا وتثبيت التلاقي السوري- التركي- الإيراني- الروسي في المرحلة المقبلة.
هذا والجدير ذكره أن الحكومة السورية من خلال خلاياها تجمع المعلومات عن البنية التحتية في شمال وشرق سوريا “مناطق نفوذ الإدارة الذاتية” ويقدمها لتركيا، لتقوم تركيا بدورها بقصف هذه المنشآت وضرب الاقتصاد في تلك المناطق لإضعاف الإدارة الذاتية، إلى جانب هجمات المجموعات الإيرانية للدوريات الأميركية وقواعدها في مناطق شمال وشرق سوريا تحت مسمى تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، لزعزعة الاستقرار في المنطقة والضغط على القوات الأمريكية للخروج من سوريا.
