تعتمد فصائل “الجيش الوطني السوري”، على الدعم المادي المقدّم من تركيا، إلا أن الدعم بدأ بالتقلّص تارةً وتأخير الرواتب لمدة تتجاوز أربعة أشهر تارةً أخرى، الأمر الذي شكّل حالةً من الغضب ضمن صفوف فصائل المعارضة المسلحة السورية.
لا يوجد عدد ثابت لعناصر “الجيش الوطني السوري”، إذ قال “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”، إن عددهم 80 ألف مقاتل في 2019، في حين ذكر تقرير لمعهد “الشرق الأوسط”، في تشرين الأول 2022، أن التشكيل يجمع من 50 ألفًا إلى 70 ألف مقاتل.
وتجني فصائل الجيش الوطني السوري ملايين الدولارات من واردات المعابر، سواء الحدودية مع تركيا، أو الداخلية مع مناطق سيطرة الحكومة السورية و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، أو من خلال عمليات اختطاف المدنيين وخاصةً في منطقة عفرين بعد حصولهم على فدى مالية من ذوي المختطفين لقاء إطلاق سراحهم، بينما لا يتجاوز راتب المقاتل في الجيش الـ 32 دولاراً في أحسن الأحوال.
وقال “سالم”، وهو مقاتل ضمن صفوف “الفيلق الثالث”، لموقع «فوكس برس» أنه يحصل على راتب شهري قدره 600 ليرة تركية «حوالي 32 دولارًا أمريكيًا»، ويتسلّمه من قائد السرية.
وتصل الرواتب من الجانب التركي إلى غرفة العمليات في قرية حوار كلس بريف حلب الشمالي، وتضم الغرفة قيادات في “الجيش الوطني”، وتعمل بالتنسيق مع القوات التركية.
وقال “محمد”، وهو مقاتل آخر في الجيش الوطني السوري، أن أدنى راتب يمكن أن يحصل عليه العنصر هو 400 ليرة تركية، مشيرًا إلى أن الرواتب تصل متأخرة دائمًا، وتمتد فترة تسليمها إلى شهرين وأكثر أحيانًا.
القادة يعيشون حياة “البذخ والترف”
يوجّه عناصر الجيش الوطني السوري انتقادات لاذعة للقياديين الذين يعيشون حياة “الترف والبذخ” ويصرفون أموالاً طائلة على المباني والملذات الشخصية وافتتاحهم مشاريع واستثمارات في سوريا وتركيا وليبيا، بينما يعاني العنصر العادي من أزمة معيشية خانقة وسط ارتفاع الأسعار والوضع الاقتصادي المتردي التي تشهده مناطق الشمال السوري الخاضع للسيطرة التركية.
كشف تحقيقات سابقة، إن حجم الدخل السنوي الذي يحققه قائد فصيل السلطان سليمان شاه، محمد الجاسم “أبو عمشة” يصل إلى أكثر من 30 مليون دولار أمريكي، من خلال عدة طرق “غير شرعية” لكسبها، أبرزها أشقاؤه الخمسة من خلال تفويضهم بإدارة مشاريعه واستثماراته في سوريا وتركيا وليبيا، بعد تسليمهم مناصب كبيرة في الفصيل.
وفي شباط العام الفائت، أثار ظهور باذخ لوليد الخويلد، وهو نجل قيادي في “الجيش الوطني”، سخطًا وجدلًا واسعًا على مواقع التواصل، وهو يستعرض ركوبه الخيل في ريف حلب، برفقة سيارات فارهة ومرافقة شخصية مسلحة، مستعرضًا مهاراته في استخدام الأسلحة المتنوعة، وإطلاق الرصاص بالأسلحة الخفيفة والثقيلة.
وخلّف ظهور وليد، وهو ابن قائد “لواء العزة” (اللواء 211)، المنضوي ضمن صفوف “فرقة السلطان مراد” تحت مظلة “الجيش الوطني”، عدنان الخويلد، الملقب بـ”أبو وليد العزة”، غضبًا كبيرًا وانتقادات عديدة، ومطالبات بالمحاسبة والمساءلة.
وسبق أن تظاهر عناصر في “الجيش الوطني” للمطالبة بزيادة رواتبهم وعدم تأخيرها في العديد مدن وبلدات الشمال السوري، ومنها ما شهدته مدينة الباب بريف حلب الشرقي في نيسان 2021، حين تظاهر بعض العناصر بسبب تأخير تسليم رواتبهم.