أحمد خليل
في الوقت الذي تعمل فيه تركيا على توسيع سيـ*ـطرة هيـ*ـئة تحـ*ـرير الشـ*ـام في عفرين، تسعى للمصالحة بين بعض الفصا*ئل التابعة لها مع الحكومة السورية، وذلك لضمان توليهم مناصب في الحكومة السورية في حال إتمام المصالحة، وإن لم تتم فأنها تكون قد مكنت هيـ*ـئة تحـ*ـرير الشـ*ـام في مناطق الشمال السوري ولم تخسر شيئاً وتبقى متحكمة بالأوضاع فيها.
منذ أن وضعت تركيا من التطبيع مع الحكومة السورية هدفاً لها العام، بدأت بوضع المخططات على أكثر من طرف وذلك لضمان مصالحها وعدم تعرضها للخسارة.
طبعاً غاية تركيا من التطبيع هو التخلص من اللاجئين السوريين أولاً كي لا تستخدمهم المعارضة التركية ضدها في الانتخابات المقربة في منتصف أيار العام الجاري، وثانياً لتغيير ديموغرافية الشمال السوري الخاضع لسيطرتها، لأنها تدرك أن عودة هؤلاء اللاجئين إلى مناطق الأصلية التي تمركزت فيها المجموعات الموالية لإيران أمر في غاية الصعوبة، وبذلك تستطيع إبعاد الكورد عن حدودها بعد أن هجرتهم منها بفعل الهجمات التي شنتها خلال السنوات الماضية. والهدف الآخر لها، هو جر الحكومة السورية إلى حرب مشتركة معها ضد قوات سوريا الديمقراطية، وذلك حتى تتخلص من الإدارة الذاتية لأنها تدرك أن هذه الإدارة تشكل خطراً على مخططاتها في سوريا والمنطقة وكذلك على الداخل التركي خشية أن تنتقل هذه التجربة إلى الداخل التركي خصوصاً أنه كانت هناك محاولات سابقة عام 2015 قمعها أردوغان بالطائرات والمدافع.
تركيا الساعية إلى التطبيع مع دمشق أعينها على حلب، ولذلك فهي تعمل على أكثر من محور، فهي تستخدم التطبيع مع دمشق للدعاية المحلية من أجل الفوز في الانتخابات، لأن خطواتها الأخرى على الأرض تشي بغير ما تدعيه أنقرة من سعيها للتطبيع. وذلك لأنها بدأت بالتوازي مع الحديث عن التطبيع وإعادة اللاجئين بفتح الطريق أمام هيئة تحرير الشام بالتمدد في الشمال السوري.
فبعد أن سمحت تركيا لهيئة تحرير الشام بالسيطرة على إدلب وتصفية فصائل المعارضة، فتحت الطريق أمامها للسيطرة على عفرين، ومع الوصول إلى نهاية عام 2022 كانت تحرير الشام تسيطر على كامل مدينة عفرين وعدد من نواحيها. تركيا كانت ترغب بوضع إعزاز أيضاً تحت سيطرة الهيئة ولكن أهالي إعزاز قطعوا الطريق أمام هذا المخطط.
تركيا الآن تواصل تمكين هيئة تحرير الشام في عفرين عبر إلباس عناصر الهيئة ألبسة فصائل محددة من الجيش الوطني المعروفة بتبعيتها المطلقة للاستخبارات التركية وهذه الفصائل يقودها تركمان ويتم استخدام العرب فيها كأداة لتحقيق الأطماع التركية في سوريا.
وإلى جانب هذا المخطط، تعمل تركيا على خطة أخرى، وهي المصالحة بين الفصائل المدعومة والمدللة لديها مع الحكومة السورية، بعيداً عن الائتلاف السوري أو حتى التشاور معه أو إعلامه بالموضوع. فتركيا لا يهمها الائتلاف، وليس الائتلاف فقط، بل لا يهمها العرب السوريون أساساً وهي تريد تمكين التركمان الذين لا يتجاوز أعدادهم بضع عشرات من الآلاف ليتحولوا إلى شركاء الحكومة السورية مستقبلاً في الحكومة فيما لو كتب النجاح للتطبيع بين الطرفين.
هذا المخطط الذي تعمل عليه تركيا يسير بشكل متداخل، فتركيا تريد بشتى الوسائل السيطرة على سوريا وجعل قراراتها مستقبلاً أسيرة الطرف التركي، كونها تريد تحقيق الميثاق الملي وتريد السيطرة على المناطق التي تراها جزءا من هذا الميثاق وخصوصاً حلب والجزيرة والرقة ودير الزور، إلى جانب محافظات عراقية مثل كركوك والموصل وإقليم كوردستان العراق.
ففي حال نجاح المصالحة مع دمشق تكون قد جعلت من فصائلها شريكة في الحكم، وفي حال لم تنجح فأنها ستستخدم هيئة تحرير الشام ضد روسيا والحكومة السورية لأنها جعلت خطوط الجبهة بين هذه الأطراف وتحرير الشام ممتدة من جبال اللاذقية وحتى ريف حلب مروراً بإدلب، وهذا يعني إن بدء الحكومة السورية بأي عملية عسكرية يعني إشعال جبهة تمتد إلى مئات الكيلومترات وفي ظل النزيف الذي عانته قوات الحكومة السورية سيكون من الصعب عليها بدء هكذا مخطط، وهذا ما يتيح لتركيا الاستمرار بالتواجد على الأراضي السورية بحجة أنها ضامنة لوقف إطلاق النار، وبذلك تضمن حصتها من الكعكة السورية.
ليس بالضرورة أن يعبر المقال عن رأي الموقع