وصل قبل قليل، وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان إلى مطار دمشق الدولي في زيارة رسمية لبحث عدد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك بين البلدين بعد الزيارة التي أجراها أمس الجمعة إلى لبنان.
ورغم أنَّ وزير الخارجية الإيراني قد عبّر في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره اللبناني عبد الله بو حبيب في بيروت عن ترحيب بلاده بالحوار بين أنقرة والحكومة السورية، قائلاً: «نرحب بالمفاوضات لحل المشكلات بين البلدين.. نعتقد أن المحادثات يمكن أن تنعكس بشكل إيجابي على مصالح البلدين».
ولكن وعلى أرض الواقع فالتصريحات مناقضة كليًا، فالقلق الإيراني حول مسار العلاقات السياسية بين تركيا والحكومة السورية واضح تمامًا، خاصةً في ظل وجود ضغوطات روسية تمارس على الحكومة السورية لا تناسب المصالح الإيرانية.
“واشنطن” التي رفضت وحذّرت في الوقت ذاته من التطبيع التركي – السوري، وما جاء على لسان بوب منينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، أنّ التطبيع من شأنه المساهمة في فـ*ـشل إرساء الأمـ*ـن الإقليمي، ويقوّض جهود محا*سبة الحكومة السورية.
إيران أيضًا انتقدت هذا التقارب ولو لم يكن بشكل علني، فقد قالت مصادر متطابقة إلى أن طهران أعلنت انزعاجها ووجهت رسالة معاتبة لدمشق لعدم التنسيق معها في شأن اللقاءات في موسكو، وإلى ريبتها من زيارة وزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد المفاجئة إلى دمشق، نظرًا إلى أن دول الخليج يهمها استمالة الأسد كي يبتعد عن إيران.
وأشارت المصادر أن رسالة الانزعاج نقلها إلى القيادة السورية نائب الأمين العام لـ”حـ*ـزب الله” الشيخ نعيـ*ـم قاسم الذي عاد من زيارة إلى طهران قبل أسبوع تقريبًا، ناصحاً بتدارك الأمر بالتواصل مع الجانب الإيراني.
وعلى ضوء ذلك، أوفدت دمشق على عجل معاون وزير الخارجية السورية أيمن سوسان، الذي كان شارك في الاجتماعات التمهيدية للقاءات موسكو الثلاثية التي عُقدت في منطقة كسب السورية، ثم في اجتماعات عُقدت في موسكو، إضافة إلى حضوره اللقاء مع الوزير الإماراتي، من أجل إطلاع الجانب الإيراني على تفاصيل ما جرى خلالها. وعليه جرى اتصال بين وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان ونظيره السوري فيصل المقداد ثم إعلان الخارجية الإيرانية عن أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يدرس زيارة كل من دمشق وأنقرة. وجاء ذلك في سياق استرضاء طهران، حيث إن لأي توافق مع تركيا تأثير على وجودها العسـ*ـكري في بلاد الشام.
وبعد الانزعاج الإيراني، رفع الرئيس السوري سقف مطالبه من خلال التصريح بأن أي لقاء مع تركيا يجب أن ينهي التواجد التركي على الأراضي السورية.
وفي الوقت الذي يتصاعد فيه الحديث عن تقارب تركيا مع الحكومة السورية، وإعادة العلاقات إلى طبيعتها قبل عام 2011، بشكل تدريجي عبر اللقاءات التي ترعاها روسيا، تُواصل القوات التركية هجـ*ـماتها على عناصر وضباط قوات الحكومة السورية عبر اسـ*ـتهداف مواقعها في شمال سوريا براً وجواً.
وأحصى «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقـ*ـتل 32 عنصرًا وضابطًا في قوات الحكومة السورية على أيدي القوات التركية منذ بدء التصعيد التركي على مناطق شمال وشرق سوريا في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.