المعارضة السورية المتمثلة بـ” الائتلاف الوطني” و” الحكومة السورية المؤقتة” ومختلف “الفصائل المسلحة” التي انطوت كاملها تحت راية تركيّة منذ أولى سنوات الأزمة، انشطر الصف الواحد فيما بعد لموالٍ ومعارض فيما يخص التقاربات بين أنقرة ودمشق.
واندفع كل منهم معبراً عن رأيه من خلال مقالات وتحليلات على الحسابات الرسمية تارةً، وأخرى من خلال مداخلات النشرات الإخبارية على مختلف الفضائيات المعنية بالشأن .
محي الدين اللاذقاني وزياد الريس مثال أشد المعارضين لمحاولات التقارب هذه، (وسبق نشر رأي كليهما على موقعنا)، حيث ناشد اللاذقاني المعارضة السورية للاستيقاظ من سباتها والتمسك بأمل النجاة الوحيد مشيراً إلى الإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا واصفاً إياه أنها الوحيدة من حافظت على مطالب الثورة السورية الأساسية.
من جانبه المعارض زياد الريس وخلال مداخلة له على قناة “العربية” أكد بأن “الائتلاف الوطني” ليسوا بمعارضة بمسمّى المعارضة وليسوا شخصيات عليهم إجماع وطني، ولا يستطيعوا حتى أن يحركوا الشارع، مشيرًا أن تركيا هي من أوجدت هذه المعارضة على مقاسها، والآن تعتبرها مرجعية وكان هؤلاء يملكون رأي الشارع السوري”.
والميدان السوري فعلياً على الأرض شهد مظاهرات واسعة حاشدة في مناطق المعارضة كإدلب والأتارب إعزاز، الباب، غفرين وغيرها تنديداً بمواقف أنقرة التي قلبت الطاولة عليهم، وتداول تسليم ملفات عناصر الفصائل المسلحة والمعارضين في “الائتلاف” من قبل تركيا للحكومة السورية .
بينما الشق الموالي للتقارب ومن بينهم رئيس “الحكومة السورية المؤقتة”، عبد الرحمن مصطفى ووفق ما نقلت صحيفة الشرق الأوسط جدد دعمه لموقف تركيا، قائلاً إنها «تتصرف بما يتماشى مع توقعات الشعب السوري… وبالنسبة للاجتماع الثلاثي في موسكو، فقد تم التأكيد لنا دائماً أن هذه المحادثات لن تتم أبداً بما يتجاوز توقعات الشعب السوري والمعارضة السورية… ونحن نؤمن بالفعل بالحل السياسي».
ولفت مصطفى متمسكا بتركيا التي بأصلها تخلت عن المعارضة بأوضح صورة، وخلال مقابلة مع قناة «تي آر تي خبر» الحكومية التركية، السبت، “تركيا هي حليفنا الرئيسي ونحن نثق بها… لذا فإن هذه العملية (التطبيع مع الأسد) لن تكون أبداً بما يتجاوز توقعات الشعب السوري والمعارضة السورية”.
و”الحكومة السورية المؤقتة” التي يقودها مصطفى مرتبطة بالـ “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة” المدعوم من تركيا. وتنشط في شمال سوريا أيضاً حكومة أخرى للمعارضة هي “حكومة الإنقاذ” المحسوبة على “هيئة تحرير الشام” التي اعتبر زعيمها أبو محمد الجولاني، قبل أيام، أن اللقاء التركي – السوري في موسكو، يمثّل “انحرافة خطيرة” عن أهداف الثورة السورية.
ويؤكد مراقبون للملف ومعارضون للتقارب على أن محاولات تطبيع العلاقات ما بين أنقرة ودمشق التي تتم برعايّة روسيّة لن تزيد الطين إلا بلة فمنذ بدايات الأزمة عام 2011 والحلول التي تلوح بها موسكو كاجتماعات آستانا، وجنيف برعاية الأمم المتحدة بدورها استبعدت العديد من أطراف المعارضة السورية وكلاهما “جنيف وآستانا” لم تكن انعكاساتهما على الميدان السوري إلا هدر المزيد من الدماء وتعميق الأزمة أكثر فأكثر، فكيف ستكون انعكاسات التقارب على السوريين ؟.